رئيس الحكومة زعيمه وملهمه. إعلان سيؤكده يوسف الشاهد خلال الأسبوع القادم بنفسه.
وهكذا يدخل الصراع داخل نداء تونس مرحلة جديدة بالإعلان عن القطيعة النهائية بين شقيه «الحافظي» و«اليوسفي» لكي يكون لدينا ونحن على مشارف المواعيد الانتخابية لخريف 2019 حزبان - على الأقل - يتنافسان بصفة جدية على الارث الانتخابي للنداء التاريخي الذي فاز في 2014...
لقد بُعث نداء تونس الأصل لاحداث التوازن مع حركة النهضة أما هذا المشروع الجديد فسيبعث لخلق التوازن مع القيادة الحالية للنداء وليفتك منها قاعدتها الانتخابية بنية السعي لاعادة توازن قد فقد مع حركة النهضة.
لا مجال اليوم للمقارنة بين بدايات 2012، فترة البعث الأول للنداء، ونهايات 2018، والفرق الأساسي بين الفترتين هو حكم نداء تونس بصيغه - المختلفة - خلال هذه السنوات الأربع الأخيرة بما يفقد كل المنتسبين له صبغة الجدة والمفاجأة.
رغم هذا الفرق فهنالك خيط رابط بين التجربتين وهو انشاء حزب من موقع الحكم...
فلو لم يكن الباجي قائد السبسي وزيرا أول خلال ثمانية أشهر في 2011 لما كان بعد ذلك مباشرة الزعيم المؤسس لنداء تونس.. ونفس الأمر ينطبق على يوسف الشاهد مع فوارق جلية في الأوضاع والسياقات السياسية... حزب ينشأ من رحم تجربة الحكم ليقول لنا صاحبه إنني قادر على المزيد لو عدت الى الحكم من بوابة صندوق الاقتراع...
المقارنة تقف عند هذا الحدّ ففي 2012 نشأ نداء تونس في فضاء لم يكن ينافسه فيه أي حزب قائم وتمكن من ايجاد هوية عامة متعددة الروافد مكنت جلّ التجمعيين من الانخراط في جهاز حزبي جديد دون أن يكونوا هم واجهته الأساسية... أما حزب يوسف الشاهد فهو انشقاق على النمط البورقيبي الذي سعى اليه فيما قبل محسن مرزوق لكنه أخفق في امتصاص عناصر القوة الأساسية للنداء...
رهان يوسف الشاهد أنه بمجرد الإعلان عن مشروعه الأساسي أن يفرغ نداء تونس من جلّ اطاراته وخاصة من قواعده الانتخابية أي أن عنوان المرحلة القادمة سيكون صراع النداء بقيادته الحالية مع حزب الشاهد حول هذا الخزان الانتخابي ووفق مآلات هذه «الحرب» اليوم على الميدان وغدا في الصندوق ستتحدد، ولاشك، خارطة حزبية جديدة في البلاد.
ولكن الأهم من كل هذا هو معرفة الهوية الحقيقية لحزب يوسف الشاهد وما هو مشروعه الفعلي لتونس؟
يبدو أن يوسف الشاهد يريد تقديم مشروعه السياسي كعودة الى الينابيع الصافية للنداء مخلّصة من لوثة «التوريث الديمقراطي» ولكن نحن هنا أمام مجرد ادعاء خاصة وأن مؤسس النداء مازال مؤثرا في الساحة السياسية وهو في موقع الخصومة مع رئيس الحكومة ومازال يدّعي أن حزبه، النداء، هو الأصل وأن مشروع الشاهد إن هو إلا انشقاق و«مؤامرة» دبرت بفضل وسائل الدولة...
فادعاء تمثيل النداء التاريخي لا يمكن أن يكون برنامجا كافيا لتجميع جزء من التونسيين من جديد بل لابدّ من بلورة مقترحات وأفكار ومشاريع جديدة للبلاد... وهنا تكمن الصعوبة الثانية: في الخريف القادم سيكون يوسف الشاهد قد قضى ثلاث سنوات في الحكم - هذا إن لم يغادر الحكومة قبلها - وهو سيكون بهذا المسؤول الأول والأساسي عن حصيلة حكم النداء والنهضة وسوف يُقال له ماذا ستفعل في السنوات الخمس القادمة ما لم تكن قادرا على فعله خلال كامل هذه السنوات الثلاث الماضية؟!
بطبيعة الحال سيقول يوسف الشاهد والمقربون منه بأن هنالك تصورا اصلاحيا منعت الحكومة من تطبيقه نظرا لغياب السند السياسي، ولكن من يضمن للشاهد، أو لغيره الحصول على أغلبية مطلقة بعد سنة ومن يضمن له وجود التوافق الاجتماعي الضروري لإنفاذ هذه الاصلاحات؟..
المهم على كل حال هو أن الاعلان الرسمي لهذا المشروع السياسي سيسمح للجميع بالتوضيح في التموقعات وفي البرامج أيضا...
تبقى نقطة أساسية: بعد الاعلان، بصفة أو بأخرى، عن زعامة الشاهد لحزب جديد فهل سيبقى بعد ذلك في القصبة أم سيتفرغ لحزبه الجديد؟ وإن بقي في القصبة كيف سيتجنب تهمة استعمال أجهزة الدولة لفائدة حزبه بما في ذلك تخصيص جزء متعاظم من وقته ووقت الوزراء المنخرطين معه في مشروعه السياسي لخدمة هذا الحزب الجديد؟
ما نخشاه أن يستعمل المتصارعان اليوم، النداء الأصلي والنداء المنقّح، أجهزة الدولة بمختلف مستوياتها لتكون وقودا لحرب لا تعني التونسيين...
تونس تحتاج هذه السنة الانتخابية الى الكثير من الوضوح والحدّ الأدنى من النزاهة.. وكما قال القدامى: «الحيلة في ترك الحيل»
يوسف الشاهد سيعلن عن حزبه الجديد: الصراعات والمآلات
- بقلم زياد كريشان
- 14:34 12/12/2018
- 1901 عدد المشاهدات
وأخيرا تم الإعلان شبه الرسمي عن المبادرة السياسية ليوسف الشاهد وتأكد الجميع من بعث حزب سياسي جديد يكون