بعد الانصهار المتبادل بين النداء والوطني الحر: في التموجات الجديدة للمشهد السياسي

المشهد السياسي التونسي متموج باستمرار وخاصة في منطقة «الوسط»

التي تمتد من الأحزاب الدستورية إلى تشكيلات وسط اليسار والحرب على أشدها خاصة في ما يتعلق بوراثة المخزون الانتخابي الذي كان لنداء تونس في سنة 2014 والذي قارب %40 من يكون هذا الوريث ؟ النداء بقيادته الحالية الملتفة حول نجل رئيس الدولة أم مشروع «ندائي» جديد يقود الابن الروحي المتمرد يوسف الشاهد؟ وبدأت المعارك فوق الطاولة وتحتها وشقت كل مؤسسات الدولة فأصبحنا نشاهد استقطابا ثنائيا بين راسي السلطة التنفيذية وبدا كل رئيس كزعيم لأحد الشقين وانتقل الصراع الى مجلس نواب الشعب بتكوين كتلة «الائتلاف الوطني» المناصرة لصاحب القصبة ثم كان التموج الأخير بما خلناه اندماجا لحزب الوطني الحر المغادر لـ«الائتلاف الوطني» في نداء تونس فإذا بنا نفاجأ باندماج متبادل وبحصة هامة للوطني الحر بما انه تمكن من فرض اندماج متناصف بالكلية بين حزبين ليسا بالمرة من نفس الحجم لا سياسيا ولا انتخابيا ولا برلمانيا.. اندماج متبادل تميل الكفة فيه بوضوح لسليم الرياحي رئيس الوطني الحرّ ورئيس الديوان السياسي والأمين العام للنداء الحرّ في شكله الجديد..

لاشك بأن هذا التموج الجديد سيؤثر بدوره في معارك الوسط التي كثيرا ما تناولناها بالتحليل ..

المعركة الأولى ستكون في مجلس نواب الشعب بتحول جديد في موازين القوى بخروج نواب الوطني الحر من كتلة «الائتلاف الوطني» وتحولهم إلى النداء والسؤال اليوم كيف ستتحرك الرمال في المجلس؟ وما هو اتجاه النزيف القادم أي هل سنشهد خروج نواب آخرين من «الائتلاف الوطني» للالتحاق بكتلة النداء الحر أم أن العكس هو الذي سيحصل وأن نوابا ندائيين آخرين سيغادرون كتلتهم غضبا من هذا الانصهار المتبادل ..

ولكن ثمة مسألة هامة أخرى قد تظهر بعد أشهر لو استمرت حياة هذا الكائن الجديد وهي قائمات الترشح للانتخابات التشريعية القائمة وحرص القيادة على التشارك المتكافئ بين المكونين الاثنين للحزب ولكن هذا سيقلص من حظوظ النواب الندائيين التاريخيين فهل سيقبلون بهذه «التضحية» الجديدة ؟ سؤال آخر نضيفه إلى ملف مستقبل هذا الانصهار المتبادل .
أما المعركة الثانية فتتعلق بموقف بقية التنسيقيات والوجاهات الجهوية الندائية التي بقيت ، إلى الآن، وفية لقيادتها الحالية : هل ستبارك هذا الانصهار الجديد أم ستعتبره القطرة التي أفاضت ألكاس وانه لم يتم تشريكها في اخذ قرار بمثل هذه الخطورة وبالتالي تعلن عن سخطها على قيادتها الجديدة ؟ حدسنا تحولات هامة ستحصل في هذا المستوى.
المستوى الثالث يتعلق بموقف بقية مكونات المشهد «الوسطي» في الحياة الحزبية ، كيف سينظرون إلى هذا المولود الجديد ؟

قيادات «النداء الحر» تقول لنا بان هنالك تشكيلات حزبية ستلتحق بهذا الكائن الجديد لم تفصح بعد عن هويتها ..
الحزب الذي كثر الحديث عن احتمال تقاربه مع النداء ونقصد به حزب المشروع قد أعرب بوضوح عن غلقه لهذا الملف ، إذن ما هي التشكيلات الحزبية التي قد تكون معنية بهذا الالتحاق ؟ آفاق تونس ؟ حزب البديل ؟ بني وطني ؟

الواضح ان هذه الأحزاب المذكورة غير معنية باندماج مع «النداء الحر» هل يكون الوضع مختلفا مع بعض الأحزاب الأخرى ؟
ربما قد يحصل ذلك في ساحة فيها أكثر من 200 حزب، من غير المستحيل استمالة بعض الأحزاب ولكن الأساسي تمثيلية هذه الأحزاب ووزنها ومصداقيتها ..

الواضح والجلي أن الثنائي حافظ قائد السبسي وسليم الرياحي يجلبان معا نسبة مرتفعة من النفور يصعب معها تصور التحاق شخصيات أو تنظيمات وازنة سياسيا ورمزيا ..
ويبقى السؤال الأكبر حول قدرة هذا المولود الجديد على الحياة وعلى الانسجام وهل سيتعايش طموح سليم الرياحي مع الطموحات الشخصية لعدة شخصيات ندائية ؟
إننا أمام أمواج تسمع هديرها فتعجب لها ولكنها سرعان ما تتحطم على الصخور والشواطئ فتتحول من أمواج إلى زبد ..

الأكيد أننا سنعيش جدلية الأمواج والزبد على امتداد كامل هذه السنة الانتخابية ..
أما ما ينفع الناس فيبدو أنه هو الغائب الأكبر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115