جهات الجمهورية التونسية لنفس الاستحقاق مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و بقية الأطراف الساهرة على العمليات الانتخابية .
لا نفضّل أن تشهد المشاركة اليوم نفس النسبة الضعيفة الّتي شهدتها مشاركة قوات الأمن والجيش ، و يُرجى أن يتقدم الناخبون بالحماس الّذي يليق بأول استحقاق انتخابي بلدي في الجمهورية الثانية ، الّتي توجهت إرادة التأسيس للديمقراطية الناشئة فيها ، إلى خيار توسيع السلطة المحلية و التقليص من التعويل على السلطة المركزية في إدارة الشؤون المحلية والجهوية .
هذا المسار عرفه التونسيون في التنظيم الهيكلي و التقسيم الإداري الهرمي ، الّذي حققت به تونس نجاحا في تركيز هياكل الدولة الحديثة ، ولكنه يشكّل بداية تجربة في مجال الحكم المحلّي، و ستكون لها انعكاسات هامّة على شكل ممارسة السلطة المحلّية الأكثر التصاقا بشؤون المواطن اليومية ، وكذلك على تحديد سياسة الشأن العام.
لذلك دعونا كلّما تطرقنا إلي الانتخابات البلدية إلى تكثيف المجهود التحسيسي والإعلامي وترشيد الدعاية بخصوص الدور المنتظر من ممثلي البلديات والجهات الموزعة على مختلف المناطق، كما دعونا الأحزاب المشاركة في الانتخابات والقائمات المستقلّة ومكونات المجتمع المدني والمنظمات، إلى التحرك، لحث الناخبين على القيام بواجبهم الانتخابي.
إن منطلق هذه الدعوة القناعة بأنه أصبح لتونس ثقافة مواطنية جديدة تمّ بناؤها شيئا فشيئا و تبلورت بعد جانفي 2011 ،و كان ذلك بفضل مكوّنات المجتمع المدني الّذي اكتسب تجربة هامّة في عمل الجمعيات الداعية إلى تثبيت مبادئ الجمهورية وتطوير البلاد و تقدّمها في جو ديمقراطي يكفل المشاركة الواسعة للمواطنين في رسم اختيارات البلاد.
هذه التجربة المكتسبة يجب أن تكون حافزا للمشاركة الفعّالة في تثبيت الآلية الانتخابية ، للارتقاء إلى هدف المشاركة في السلطة المحلية والبلدية ، سواء في إدارة الشؤون المحلية والجهوية أو في الاستجابة لانتظارات المواطنين في كل ما يخص حياتهم اليومية .
إن ما بذلته تونس من مجهود في تنظيم العمليات الانتخابية يجب ألا يذهب هباء، لأن ما اكتسبه التونسيون من تجربة يجب تثمينه وتطويره.
فوراء كل ذلك كفاءات نزلت إلى الميدان لتباشر آليات الممارسة الديمقراطية ولتشكل رافدا من روافد تغيير وضع البلاد و لتضطلع بدور مركزي في ممارسة الديمقراطية في دولة القانون و المؤسسات ، المتمثّلة في منظومة العمليات الانتخابية وتقنياتها .
هذا الخيار الّذي لم يأت من عدم ، كان مكلفا ،و استنزف الوقت و المال ، للإستجابة لتكريس شعار توسيع المشاركة في ممارسة السلطة على أسس تضمن الشفافية و تكافؤ الفرص في إدارة الشأن العام و رقابته من المنشأ إلى التنفيذ .
فلماذا يدعو البعض إلى التفرج،أو يخيرون الانسحاب من ميدان يتقرّر فيه جزء هام من تحديد نمط عيشهم و تصريف شؤونهم وتنظيمها؟
قد تكون بعض الانتكاسات العابرة وراء التقوقع و لكن هناك من يعمل على بث الشك والدفع نحو «هجرة» الصناديق ، ليستغل ذلك في مآرب سياسية و لملء الفراغ بتجنّده للكسب، و هو ما يدعو إلى الابتعاد عن كل ما يثبط العزائم ويضعف الإرادة.
إن المشاركة في الانتخابات البلدية الّتي تمّ توسيع نطاقها ، حق و لكنه واجب محمول على كل مواطن ، لكي يختار من يراه مناسبا للحفاظ على حياة يُضمنُ فيها الحد الأدنى من الرفاهة له ولأبنائه و للأجيال القادمة في بيئة سليمة و نظيفة تتوفّر فيها مستلزمات التربية والتعليم والمعرفة والثقافة والتكوين و الترفيه على مستوى كل حي وقرية ومدينة.
لا يغيب عن أحد أن العمل البلدي في الدستور الجديد و قانون الجماعات المحلية ، لم يعد ذلك النشاط التقليدي المتوقّف على توفير بعض الخدمات ، بل أصبح حجر الأساس لتسطير سياسة الشأن العام ،و هو في منظور السياسات الحديثة القاعدة الّتي تؤسّس لعمل القمّة ، و من هنا تأتي المحاذير من التهاون في تقديره أو الاستخفاف به ، وهو ما يجعل صوت الناخب من ذهب،إذا تخلى عنه ، فإنه إلى خيارات الغير ذهب ...
ملايين الناخبين للبلديات: نحو الصناديق المؤدية للسلطة المحلية
- بقلم المنجي الغريبي
- 14:28 06/05/2018
- 1618 عدد المشاهدات
بعد أن شاركت قوات الأمن و الجيش الأسبوع الماضي في أولّ انتخابات بلدية لها باختيار منها، تتفرّغ اليوم لواجب تأمين العمليات الانتخابية في مختلف