لقد أسهبنا كثيرا في الأزمة السياسية لمنظومة الحكم الحالية ولكن يبدو لنا أن الجوهري هو غياب الإسناد الاجتماعي أو ضعفه الشديد بالنسبة لحكومة الحبيب الصيد...
لا ينبغي أن ننسى بأن حكومة الحبيب الصيد الأولى بدأت عهدتها باحتجاجات كبيرة هزّت بعض مدن الجنوب. ثم استفحلت معها أزمة الحوض المنجمي كما لم تستفحل من قبل.. ولا ننسى كذلك موجات الإضرابات الكبيرة التي شنّتها قطاعات واسعة وهامة في الوظيفة العمومية وأساسا قطاعات التعليم الأساسي والتعليم الثانوي والصحة العمومية..
في هذه المناخات الاجتماعية المتوترة انطلقت المفاوضات العامة بين الحكومة والمنظمة الشغيلة وكان الهدف «شراء» السلم الاجتماعية لسنتين أو ثلاث وأن هذه «السلم» لها كلفة باهظة ولا شك على الموازنات المالية العامة للبلاد ولكنها اعتبرت حينها كشرط ضروري لاسترجاع البلاد الحدّ الأدنى المطلوب من العمل والنموّ..
هذا التمشي سليم في فلسفته ولم يكن بالإمكان اختيار طريق أخرى ولكن ما غاب عن هذا التمشي هو إعطاء مضمون ملموس للسلم الاجتماعية والتزام كل الأطراف بها لا فقط فيما يخص العلاقات الشغلية بالمعنى الضيّق ولكن كذلك في طريقة التعامل مع الأزمات الاجتماعية الكبرى كالذي حصل في بدايات 2015 في بعض مدن الجنوب ولا سيما في الحوض المنجمي. فما معنى سلم اجتماعية ما لم تعمل كل الأطراف (حكومة ونقابات عمالية ونقابات أعراف) على استباق الأزمات الاجتماعية الكبرى والتي تنطلق عادة من دوائر التهميش الخارجة بطبيعتها عن العلاقات الشغلية المنظمة؟
يمكن أن نقول أن جلّ شركاء الحكومة من أحزاب سياسية وأطراف اجتماعية ومنظمات مجتمع مدني كانت تتعامل مع حكومة الحبيب الصيد في الأزمات الاجتماعية الكبرى وفق تعامل قبائل بني إسرائيل مع النبي موسى عندما.....