وهذا ما عمد إليه الاتحاد العام التونسي للشغل الذي عاش أياما عصيبة بفعل «التمرد الناعم» لقطاعين أساسيين فيه وهما التعليم الثانوي والصحة وبعض الاتهامات التي وجهت للقيادة المركزية النقابية بأنها «باعت الطرح» كما نقول في دارجتنا التونسية..
لقد بيّنت الهياكل القيادية العليا للاتحاد (المكتب التنفيذي الموسع يوم 21 مارس ومجلس القطاعات في اليوم الموالي ) أنها وفية للشعار الذي رفعه النقابيون في مؤتمرهم الأخير «يا طبوبي الرّخ لا» وانه لاحتواء أفضل للقطاعات «المتمردة» لابدّ من سياسة مزدوجة: تبنّي المطالب النقابات العامة والجامعات ولكن تنظيم الاحتجاج وفق رزنامة المركزية لا حسب قرار الهياكل القطاعية..
فاليوم تطالب الهياكل القيادية رئيس الحكومة «بإيجاد البديل» على رأس وزارة التربية وأمهلتها لذلك مدة ثلاثة أسابيع ونيف إذ قررت الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي المجتمعة يوم أمس وباتفاق كلّي هذه المرة مع المركزية النقابية تعليق تعليق الدروس المبرمج يوم الاثنين 27 مارس ولكن مع ترك الهيئة الإدارية في حالة انعقاد وجمعها من جديد يوم السبت 15 أفريل القادم لتقييم «تفاعل الحكومة» أي بلغة أوضح لو تم تغيير ناجي جلول وزير التربية ستستمر السنة بصفة عادية أما لو تمسكت به الحكومة فسيعود التصعيد مرة أخرى دون أن يتم الإفصاح عن شكله وهل سيكون في تعليق الدروس أم ستلجأ النقابة العامة ومن ورائها المركزية النقابية إلى أشكال مغايرة من الاحتجاج (إضرابات دورية .. مسيرات شعبية .. إضراب إداري..)؟!
الغريب في هذه الأزمة الممتدة ذروتها طيلة الأسابيع الفارطة هو الصمت شبه المطبق للطبقة السياسية حكما ومعارضة ما عدا بيان يتيم لنداء تونس يوم 18 مارس الجاري أشاد فيه المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي ببيان المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل آنذاك الرافض لتعليق الدروس ظنّا منه أن هذا الرفض نهائي وأنّ مسألة المطالبة برأس جلول قد انتهت ..أما بقية الأحزاب والمنظمات فلاذت كلها بالصمت مقدرة ، على الأرجح، أنها لن تستفيد سياسيا من أي تدخل ولذا فضلت موقع المتفرج حتى يأتي ما يخالف ذلك..
كل الأنظار اليوم متجهة نحو القصبة (رئاسة الحكومة ) بدرجة أولى ونحو باب بنات (وزارة التربية ) بدرجة ثانية ..
كيف سيتصرف يوسف الشاهد خلال هذه الأسابيع الثلاثة القادمة ؟ هل سيواصل في نفس النهج الذي صرّح به وهو انه ......