وكالة فيتش رايتنغ تخفّض الترقيم السيادي لتونس: مخاطر على اقتصاد البلاد...

عادت وكالات الترقيم السيادي إلى تخفيضها تصنيف تونس بعد حوالي ثلاث سنوات من الاستقرار بل ومن التحسن الطفيف مع بداية 2015.. فلقد أصدرت وكالة فيتش رايتنغ يوم الجمعة تقريرا خفضت فيه الترقيم السيادي لتونس من BB-إلى B+ وما يخشى

هو أن تنسج على منوالها بقية الوكالات الأخرى فتخفض بدورها الترقيم السيادي لتونس..

ولا يخفى على احد أهمية هذا الترقيم الذي تعتمده كل الأوساط المالية والاستثمارية العالمية في علاقتها ببلاد بعينها.. وهذا الترقيم يكشف بالأساس درجة المخاطر لكل بلاد وبالتالي نسبة الفوائد المقدرة على كل اقتراض من السوق المالية العالمية.. وبارتفاع نسبة المخاطر ترتفع ولاشك نسبة الفائدة ويدخل اقتصاد البلاد ذات الترقيم الضعيف في حلقة مفرغة :

مخاطر مرتفعة ونسبة فائدة على التداين مرتفعة فعدم قدرة على السداد فارتفاع إضافي للمخاطر..

وقد حددت وكالة فيتش رايتنغ جملة من المخاطر (انظر بالتفصيل مقال الزميلة شيراز الرحالي صفحة 12 من هذا العدد ) بعضها أمني (الخطر الإرهابي) وبعضها اقتصادي ولكنه مترتب أساسا عن الخطر الأمني كالتراجع الكبير للسياحة

ولكن المخاطر الأساسية تعود حسب الوكالة إلى عدم نجاح بلادنا في التحكم في صعوباتها الداخلية وفي ضعف نموّها وفي التضخم المطرد لإنفاقها العمومي.. ونتيجة لكل هذا قد تجد تونس صعوبات للحصول على القسط الثاني من قرض صندوق النقد الدولي ..

والصعوبات المباشرة والحينية لا تقف عند هذا الحدّ بل سوف تواجهنا بداية من هذا الأسبوع لان البلاد ستسعى لتعبئة موارد مالية من السوق المالية العالمية..

ماهو مكتوب بين اسطر التقرير هو أن تونس بلد غير جدي .. يعد بإصلاحات ولا يلتزم بتنفيذها في إشارة لا تكاد تخفى على احد على أزمة المالية العمومية والتزام الحكومة بتأجيل الزيادة في الأجور.. ولكن الحكومة اضطرت للتراجع بل ومنحت موظفيها امتيازات إضافية لم تكن مدرجة في الاتفاق الأصلي.. والنتيجة أن كتلة الأجور المصرّح بها ناهزت %70 من ميزانية التصرف للدولة وبلغت %14.6 من الناتج الإجمالي المحلي وهي أرقام فاقت كل المستويات وخفّضت كثيرا من الهامش المتاح للحكومة لكي تدفع بالاستثمار العمومي إلى مداه وهذه الزيادة في الإنفاق العمومي عبر الزيادة في أجور الموظفين صاحبها استمرار حالة ركود الاقتصاد .. فحسب وكالة فيتش رايتنغ نسبة النمو في تونس ستكون في حدود %1.2 لكامل سنة 2016 وتتوقع الوكالة أن يستمر النمو ضعيفا إلى حدّ ما مع تحسن طفيف :%2.3 لسنة 2017 و %2.5 لسنة 2018 .. وهذا التحسن يعود بالأساس إلى الاستهلاك العائلي الناتج عن الزيادات في الأجور لا إلى تحسن الآلة الإنتاجية أو استرجاع أسواق أجنبية خسرناها طيلة هذه السنوات الماضية ..

يعني أنّنا بعيدون كل البعد عن وعود الحملة الانتخابية (%5نسبة النمو) وعن طموحات مخطط التنمية (2016 - 2020) والذي خفض هذا الطموح إلى %4 ولكن مع %1.2 لسنة 2016 و %2.3 لـ 2017 (مع العلم أن البنك المركزي التونسي يتوقع %2.2 فقط) و %2.5 لـ 2018 سيكون معدل النمو لهذه الخماسية التي دخلنا في سنتها الثانية دون %3 أي أن المرحلة الانتقالية الاقتصادية ستتواصل مع نمو هش أو ضعيف ومع تفاقم الإنفاق العمومي ومع غياب هامش جدي لتقليص الهوة الاجتماعية والتنموية في البلاد..

المستقبل لم يكتب بعد.. وبالإمكان أن نفعل وان نغيّر ماهو كائن ولكن شريطة أن نتعاقد جميعا على العمل والبذل والتضحية ... ولكن يبدو أنّ هذا الأفق الأخلاقي مازال بعيدا عن المنال في بلادنا..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115