الحكومة والإعلام : العودة إلى المربع الأوّل ؟ !

يخطئ من يعتقد أن هنالك سلطة واحدة في الدنيا ترتاح للإعلام كل الراحة فحتى في الدول الديمقراطية العريقة مازلنا نرى محاولات للحدّ ممّا يسمى «بنفوذ» الإعلام وذلك باتهامه ،تلميحا أو تصريحا، بعدم الحياد أو بخدمة هذا الطرف أو ذاك.. حتى يقال في هذه البلاد بأن

المرشح الفلاني قد نجح «رغم» الإعلام أو العكس.. وعادة ما يفرح أصحاب الجاه والنفوذ بكل خطإ يقع فيه إعلامي أو وسيلة إعلامية لأن هذا دليل ،عندهم، على انه لا ينبغي إيلاء الإعلام أهمية أكثر ممّا يستحق..

فما يجري في ربوعنا لا يختلف كثيرا عمّا يحصل في أوروبا والقارة الأمريكية دون أن يعني هذا بالطبع تنزيه وسائل الإعلام والإعلاميين من الخطأ أو حتى من ضعف النزاهة .. ولكن تذمر أصحاب الجاه والنفوذ إنما يعود لأسباب أخرى وهي غضبهم من إبراز نواقصهم أو تضارب المصالح أو مظاهر الفساد التي تعتريهم..

الجديد هذه المّرة في بلادنا هو السعي لا لتحجيم دور الإعلام أو اتهامه بل لفرض رقابة إضافية على مصادره الأساسية ونعني بهم المسؤولين الإداريين بمختلف أصنافهم ورتبهم..

المنشور عدد 4 بتاريخ 16 جانفي 2017 الذي أصدرته رئاسة الحكومة حول « تنظيم عمل خلايا الإعلام والاتصال الراجعة بالنظر للوزارات والمؤسسات والمنشآت» جاء ليذكر « العون العمومي « بـ»مدونة سلوك وأخلاقيات العون العمومي» الصادرة في أكتوبر 2014 زمن حكومة المهدي جمعة والذي يذكر العون العمومي أنه عليه الامتناع عن كل اتصال بوسائل الإعلام التقليدية أو غيرها أو نشر وثائق رسمية إلا إذا كان لديه تصريح مسبق وصريح من رئيسه المباشر (انظر النص الكامل للمنشور أسفله)

وكنتيجة مباشرة لهذا المنشور امتنع عدد من كبار الموظفين عن الإجابة عن أسئلة الإعلاميين بحجة تطبيق «الأوامر الجديدة» ..

وعندما أثار هذا المنشور حفيظة النقابة الوطنية للصحفيين أصدرت الحكومة توضيحا تؤكد فيه حرصها على ضمان حق الإعلاميين في النفاذ إلى المعلومة ولكنها أرادت فقط التذكير بواجبات العون العمومي الواردة في مدونة السلوك فقط لا غير..

أي أنها أرادات وضع حدّ لحالة «الانفلات» التي يستغلها بعض موظفي الدولة لتسريب وثائق أو للإيحاء بتورط بعض الأشخاص أو الأجهزة في عمليات فساد..

لاشك لدينا بأن بعض أعوان الدولة قد تجاوزوا واجب التحفظ في مناسبات متناثرة وأنّ قلة منهم قد يكونون استغلوا مناخ الحرية شبه .....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115