فبعد ارتباك الساعات والأيام الأولى عاد جلنا – ولا نقول كلنا – إلى رشده واتضحت الثوابت الوطنية والمعيارية العامة دون كبير عناء...
فمحمد الزواري شهيد القضية الفلسطينية، بصرف النظر، عن مواقفنا من التزامه الفكري والتنظيمي، وبهذه الحالة فهو شهيد تونس أيضا.. وأنه قد تم الاعتداء على حرمة ترابنا الوطني وأننا سنبذل قصارى الجهد، دولة ونخبا وشعبا، لكي نلاحق الجناة ونشهّر بالمخابرات الإسرائيلية التي تقف وراءهم... فذلك أضعف الإيمان في كل الأحوال...
ويبدو أن جلنا قد فهم أيضا بأن وحدة الأهداف بين الدولة والنخب والرأي العام لا تعني تماهي الوسائل... فالدولة بحاجة إلى يقين قطعي حتى تتمكن من القيام بعملية الإدانة الدولية المطلوبة... والنخب مطالبة بألا تقف عند مستوى إدانة دولة إسرائيل وإرهابها الذي طالنا... ولا أن تسعى لاستثمار هذا الاغتيال الشنيع في صراعات سياسوية داخلية قصيرة المدى... فالنخب مطالبة اليوم باستباق السياسات العمومية الضرورية لمزيد تحصين أمننا القومي من الأخطار التي تتهدده داخليا وخارجيا...
فالأمن القومي التونسي ليس شعارات ولا قوانين ولا خطبا حماسية... إنه عقيدة بداية (بمعنى doctrine) وسياسات عمومية وهياكل ....