بعد اسقاط جملة من فصول مشروع قانون المالية داخل لجنة المالية عندما ترفض الأغلبية الحاكمة الإصلاح !!

عندما نتابع النقاش الدائر داخل لجنة المالية حول مشروع قانون المالية وكيف أن أحزاب الأغلبية الداعمة نظريا للحكومة الحالية تسقط الفصل تلو الآخر لا يمكننا الا أن نتساءل عن المنطق الذي يحكم أهل السياسة في بلادنا..
في كل دول العالم

الديمقراطية هنالك أحزاب الأغلبية وأحزاب المعارضة.. الأولى تساند دون أن يمنع ذلك قوة اقتراحها والثانية تعارض دون أن يمكنع ذلك موافقتها النقدية في بعض الأحيان... ولكن الأمر مختلف تمام عندنا اذ نجد أن أحزاب الحكم أشد قسوة في معارضتها من أحزاب المعارضة ذاتها...

وعندما ندقق النظر في بعض الفصول التي تم اسقاطها داخل اللجنة نلاحظ أن الأمر أخطر من هذا بكثير...
لقد قيل الشيء الكثير عن مشروع قانون المالية لسنة 2017 ولكن الأساسي هو معرفة الفلسفة العامة التي تأسس عليها بغض النظر عن الجزئيات المتعلقة بهذا الاجراء أو ذاك...
تقول فلسفة هذا المشروع أن البلاد مقدمة على مرحلة صعبة وصعبة للغاية وقد تضطر فيها السلطة التنفيذية، هذه أو التي تليها الى اللجوء الى سياسات تقشفية قاسية من صنف تخفيض الرواتب وجريات التقاعد والتخلي على جملة من السياسات الاجتماعية التي ميزت النظام التونسي منذ الاستقلال... فنحن اذا في ما يشبه المرحلة ما قبل الأخيرة وفي محاولة (يائسة؟) لاصلاح ما يمكن اصلاحه وهذا لن يتأتى الا بعمليتين متزامنتين...

• الأولى على المدى القصير جدا وتتمثل في التحكم في الانفاق العمومي وفي البحث عن موارد اضافية للدولة حتى نتجنب التداين الخارجي المفرط.

• والثانية تكون على المدى القصير اوالمتوسط وتتمثل في انعاش جدي لنسق نمونا الذي أضحى هشا وضعيفا للغاية..

ولا امكانية لتونس للخروج من أزمتها المالية والاقتصادية التي أضحت تتخبط فيها دون انتهاج هاتين السياستين معا وبأقصى سرعة..

هذا هو الأساسي اليوم والبقية كلها تفاصيل لا معنى لها ان هي انتفت من هذا السياق العام.. كما ينبغي ان نؤكد اننا لن ننقذ بلادنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقياميا كذلك دون حرب لا هوادة فيها على الفساد بكل أشكاله وتمظهراته ودون ان نغفل عن أن لهذه الحرب في البداية كلفة اجتماعية وسياسية لا بد من الاستعداد لها...
هل أن المشروع الذي قدمته الحكومة يستجيب لكل هذه الاعتبارات أم لا؟

هذا هو محل النقاش الوطني ولكل حزب أو منظمة أو فئة أو مواطن أن تكون له وجهة نظر خاصة في حزمة الاصلاحات والاجراءات المقترحة..
ولكن أن تأتي أحزاب الاغلبية لاسقاط نقاط مفصلية في تصورز الحكومة فهذا ما لا يمكن لنا أن نفهمه...

لقد تحدثنا مطولا في هذه الاعمدة عن مسألة رفع السر البنكي وأنه لا امكانية للدولة - أي دولة - أن تحارب مسالك التهرب الضريبي والتهريب والفساد دون أن يكون رفع السر البنكي آليا بالنسبة للادارات المعنية وفي اطار يضبطه القانون حتي لا تحصل فيه تجاوزات... ولقد بينا أيضا أن هذا هو حل جل الدول الديمقراطية في العاموأننا في تونس لسن أحرص منها على حفظ المعطيات الشخصية أو حماية.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115