وبدا واضحا للجميع بأن كل محاولات الإصلاح لم تتمكن – إلى حدّ الآن على الأقل – من إعادة التوازن للحزب الأول ممّا دعا قيادات مؤثرة داخله إلى نفض أياديها بصفة تكاد تكون كلية منه...
ولكن نداء تونس ليس فقط هيكلا حزبيا قياديا، إنه كذلك وجاهات جهوية ذات تأثير كبير وقاعدة انتخابية مازال ثلثاها محافظين، إلى حدّ الآن، على ولائهما للحزب الذي أسسه الباجي قائد السبسي...
كل هذا يجعل لنداء تونس كظاهرة سياسية وزنا كبيرا رغم حالة الموت السريري للنداء كحزب وكقيادة مركزية...
اطراف عديدة بصدد الاستعداد للانهيار الحزبي المنتظر لنداء تونس في شكله الحالي لكي ترث وجاهاته الجهوية وقاعدته الانتخابية...
أول الأطراف بلا شك هي حركة مشروع تونس التي خرجت من رحم النداء وهي تريد استعادة ملحمة بورقيبة عندما انشق عن الحزب الحر الدستوري وأنشأ «الحزب الجديد»... ثاني هذه الأطراف هو رئيس الحكومة الأسبق المهدي جمعة الذي يحظى بثقة جزء لا يستهان به من الرأي العام والمهدي جمعة بصدد إعداد اللمسات لمشروع سياسي يريده أن يبدأ كبيرا حتى يكون أداة موصلة لأرفع المسؤوليات في الدولة في الانتخابات العامة القادمة... ثالث الأطراف هو ما يسمى بالعائلة الدستورية والتي تعتبر نفسها صاحبة القاعدة الانتخابية العريضة ولكنها لم تنجح منذ الثورة في إيجاد الصيغة السياسية الخاصة بها لتحول هذا الزخم القاعدي المفترض إلى قوة سياسية ذات بال في المشهد الحزبي رابع هذه الأطراف، على ما يبدو، هو رئيس الجمهورية ذاته ومؤسس نداء تونس الباجي قائد السبسي الذي اقتنع بأن المستقبل السياسي لن يكون مع نداء تونس في شكله الحالي وأن مبادرته السياسية الأولى مع تشكيل «حكومة وحدة وطنية» ينبغي أن تردف بثانية تكون في إنشاء كيان سياسي جديد (حزب أو جبهة؟) يسند الحكومة بداية ثم «يرث» الوجهاء الجهويين لكي يستعيد بهم «شعب» النداء في المناسبات الانتخابية القادمة...
مبادرات أربع، على الأقل، تهدف كلها إلى إعادة التوازن السياسي المفقود اليوم بحكم تشرذم النداء والاستفزاد المؤقت لحركة النهضة بالمشهد الحزبي... ولكن النجاح ليس أكيدا لأيّة واحدة منها إذ الفرق شاسع بين تخطيط الساسة وبين استجابة عموم الناخبين ثم هنالك عنصر هام سوف يكون له وزن وأي وزن خلال الأسابيع والأشهر القادمة وهو مدى نجاح، أو إخفاق، حكومة يوسف الشاهد في إدارة شؤون البلاد وفي فك ألغام الأزمات السياسية والاجتماعية التي تنتظر البلاد على المدى القصير بدءا بمشروع قانون المالية الذي أثار ضده حفيظة أهم .....