بعد بلوغ نداء تونس حالة الموت السريري: من سيكون الوريث؟

ماذا بقي من الحزب الذي فاز في الانتخابات التشريعية والرئاسية لخريف 2014؟ من الناحية السياسية لا شيء يذكر باستثناء شقوق متصارعة مسّت كل المستويات القيادية فيه ولم تسلم منها حتى كتلته النيابية التي خسرت أكثر من ربعها مع انشقاق كتلة الحرة ثم نراها اليوم منشطرة

بين أنصار المدير التنفيذي ونجل رئيس الجمهورية وبين رئيس الكتلة وداعميه داخل الكتلة وخارجها...

وبدا واضحا للجميع بأن كل محاولات الإصلاح لم تتمكن – إلى حدّ الآن على الأقل – من إعادة التوازن للحزب الأول ممّا دعا قيادات مؤثرة داخله إلى نفض أياديها بصفة تكاد تكون كلية منه...

ولكن نداء تونس ليس فقط هيكلا حزبيا قياديا، إنه كذلك وجاهات جهوية ذات تأثير كبير وقاعدة انتخابية مازال ثلثاها محافظين، إلى حدّ الآن، على ولائهما للحزب الذي أسسه الباجي قائد السبسي...

كل هذا يجعل لنداء تونس كظاهرة سياسية وزنا كبيرا رغم حالة الموت السريري للنداء كحزب وكقيادة مركزية...

اطراف عديدة بصدد الاستعداد للانهيار الحزبي المنتظر لنداء تونس في شكله الحالي لكي ترث وجاهاته الجهوية وقاعدته الانتخابية...

أول الأطراف بلا شك هي حركة مشروع تونس التي خرجت من رحم النداء وهي تريد استعادة ملحمة بورقيبة عندما انشق عن الحزب الحر الدستوري وأنشأ «الحزب الجديد»... ثاني هذه الأطراف هو رئيس الحكومة الأسبق المهدي جمعة الذي يحظى بثقة جزء لا يستهان به من الرأي العام والمهدي جمعة بصدد إعداد اللمسات لمشروع سياسي يريده أن يبدأ كبيرا حتى يكون أداة موصلة لأرفع المسؤوليات في الدولة في الانتخابات العامة القادمة... ثالث الأطراف هو ما يسمى بالعائلة الدستورية والتي تعتبر نفسها صاحبة القاعدة الانتخابية العريضة ولكنها لم تنجح منذ الثورة في إيجاد الصيغة السياسية الخاصة بها لتحول هذا الزخم القاعدي المفترض إلى قوة سياسية ذات بال في المشهد الحزبي رابع هذه الأطراف، على ما يبدو، هو رئيس الجمهورية ذاته ومؤسس نداء تونس الباجي قائد السبسي الذي اقتنع بأن المستقبل السياسي لن يكون مع نداء تونس في شكله الحالي وأن مبادرته السياسية الأولى مع تشكيل «حكومة وحدة وطنية» ينبغي أن تردف بثانية تكون في إنشاء كيان سياسي جديد (حزب أو جبهة؟) يسند الحكومة بداية ثم «يرث» الوجهاء الجهويين لكي يستعيد بهم «شعب» النداء في المناسبات الانتخابية القادمة...

مبادرات أربع، على الأقل، تهدف كلها إلى إعادة التوازن السياسي المفقود اليوم بحكم تشرذم النداء والاستفزاد المؤقت لحركة النهضة بالمشهد الحزبي... ولكن النجاح ليس أكيدا لأيّة واحدة منها إذ الفرق شاسع بين تخطيط الساسة وبين استجابة عموم الناخبين ثم هنالك عنصر هام سوف يكون له وزن وأي وزن خلال الأسابيع والأشهر القادمة وهو مدى نجاح، أو إخفاق، حكومة يوسف الشاهد في إدارة شؤون البلاد وفي فك ألغام الأزمات السياسية والاجتماعية التي تنتظر البلاد على المدى القصير بدءا بمشروع قانون المالية الذي أثار ضده حفيظة أهم .....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115