في البت في دستورية مشاريع القوانين الجديدة بل يمتد نظرها إلى كل ترسانتنا القانونية بالاعتماد على آلية الدفع بعدم الدستورية أمام المحاكم...
ولكن مازال بنيان مؤسساتنا الدستورية في بدايته وذلك رغم مرور زهاء ثلاث سنين على المصادقة على الدستور...
فهنالك هيئات عديدة مازال وجودها على الورق فقط كهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة أو لها وجود وقتي في انتظار إصدار قوانين أساسية تنظمها كهيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة حقوق الإنسان وهيئة الحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد.. وهذا دون الحديث عن السلطة المحلية بمستوياتها الثلاثة: البلدية والجهة والإقليم والتي لن نبدأ في تجسيدها قبل سنة على الأقل من الآن...
ولكن وعلى فرض استكمال بناء وإرساء كافة مؤسساتنا الدستورية فهل سيصلح حالنا بصفة جدية أم لا؟ وهل أن هذا الأمر متوقف على جودة النصوص أم على حسن الممارسات؟
أي في نهاية الأمر هل أن الأساسي في تونس اليوم يكمن في حسن كتابة القوانين المنظمة للهيئات الدستورية وغيرها أم في حسن تصرف الأشخاص الذين سيتولون تسييرها؟...
ونعتقد أن الجواب الذي يقدمه دوما القاضي الإداري الفاضل أحمد صواب هو الجواب الصحيح: في مجتمعنا يبقى الأساسي هو حسن تصرف الأشخاص لأننا لم نرتق بعد وبصفة جماعية إلى ثقافة المؤسسة والمؤسسات...
ولنا نماذج عديدة تؤكد هذه الأطروحة... لدينا مؤسستان أساسيتان انتخبهما المجلس الوطني التأسيسي وهما الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الحقيقة والكرامة...
وعندما نعود بالذاكرة إلى الوراء قليلا (لقد بعثت هاتان الهيئتان سنة 2014) سوف نجد أن هيئة الانتخابات قد اتهمت بكل النعوت بداية بالعجز ونهاية بالاصطفاف وراء حركة النهضة بالاعتماد على المحاصصة الحزبية والتي كانت الحركة الإسلامية تتحكم في آليتها زمن المجلس التأسيسي...
ورغم هذا المناخ المتوتر ورغم تنظيم الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية في دورات ثلاث وفي زمن قصير نسبيا فقد خرجت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كبيرة واكتسبت مصداقية عالية، رغم تشكيك بعض الأصوات النشاز، وذلك لأن كل أعضاء الهيئة وعلى رأسهم الأستاذ شفيق صرصار قد التزموا الصمت والهدوء والتواضع وأنصتوا لكل الانتقادات حتى الظالمة أحيانا وحرصوا على أن يكونوا الحكم العادل وفق نص القانون وروحه فأنجحوا انتخابات في ظروف مشحونة إلى حد ما وحافظوا على استقلالية الهيئة وحياديتها وبقوا متضامنين أمام كل الضغوط المكثفة والمتناقضة التي سلطت على الهيئة طيلة سنة 2014...
في المقابل ورغم انطلاقها دون ضغط يذكر فقد.....