«رويترز» تكشف عن قرار تعليق البنوك للقروض طويلة الآجال: شبح الركود يهدد القطاع العقاري التونسي

هيمن الحدثان السياسي والقضائي خلال الاسبوع الفارط على اهتمام التونسيين والقت باحداث ووقائع الى الظلال

ومرت اخرى دون ان تحظى بما تستحقه من اهتمام واسع، من ذلك التقرير الذي نشره طارق عمارة مراسل وكالة «رويترز» من تونس بان مؤسسات بنكية خاصة تنشط في تونس علقت منح القروض العقارية جديدة لاجال تتجاوز 15 سنة.

هذا القرار الذي اتخذته عدة بنوك خاصة بشكل غير رسمي وابلغته موطفيها شفاهيا دون اثر كتابي، بهدف تفادي المصارف التونسية لتراجع الارباح كخطوة للتقليص من تداعيات الخيار الذي انتهجته الحكومة والبنك المركزي بهدف التقليص من كلفة الاقتراض على الأفراد، من ذلك تحديد سقف نسبة الفائدة للبنوك والغاء بعض الفوائد الموظفة على القروض طويلة الاجال.

خيار يبدو ان بعض البنوك الخاصة قد لجأت اليه بهدف الحفاظ على ارباحها دون الانتباه لانعكاساته السلبية المحتملة على الاقتصاد التونسي ككل. خطوة البنوك بتعليق منح قروض تتجاوز فترة سدادها الـ15 سنة سينال باشكال عدة من المستهلك التونسي ومن الباعثين في قطاع العقارات وكل النشطين فيه او في مهن وانشطة مرتبطت به.

ان الانعكاس المباشر لهذا القرار هو الترفيع في كلفة الاقتراض على المستهلك التونسي فردا او مؤسسات، مما يعنى ان الطلب في سوق العقارات سيتاثر سلبا نظرا الى ان تكلفة اقتناء منزل سترتفع بارتفاع كلفة الاقتراض مما قد يؤثر على حجم التداول وبالتالي الطلب في السوق التي تشهد منذ سنوات صعوبات عدة.

لقد اتخذ قرار البنوك في مرحلة يعاني منها قطاع العقارات التونسي من ركود متفاقم كشفته اخر البيانات القطاعية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء والتي تتعلق بالربع الأول/الثلاثي الاول من سنة 2024، حينما تزامن تسجيل زيادة في أسعار العقارات بنسبة 3.5 %، تشمل الأراضي والمنازل والشقق مع تراجع حجم المعاملات في سوق العقارات والانشاء وتراجع الطلب ومن ابرز الامثلة ذلك ان الطلب على الشقق تراجع بـ23,3 ٪ في الاشهر الثلاثة الاولى من السنة الفارطة اي ان السوق، قبل اتخاذ البنوك لهذه التدابير، كان يعاني من معضلة ارتفاع تكلفة العقار وكلفة الاقتراض وتاثيرهما المباشر على الطلب والشراء سيكون في وضعية صعبة تتمثل في ان الحد والتضيق على القروض طويلة الأجل قد يؤثر على قدرة المواطنين على الشراء، بالتالي سيزيد ذلك في تراجع الطلب الذي شهد نموا سلبيا خلال الستنين الفارطتين مما قد يدفع الباعثين العقارين والمستثمرين الى تقليص الاستثمارات وتاجيل المشاريع الجديدة، بما يعنى دخول قطاع العقاري في تباطئ ستمتد اثاره لتطال شبكة واسعة من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالقطاع العقاري، كمواد البناء والنقل والخدمات الهندسية والتجهيزات المنزلية واليد العاملة في قطاع البناء والانشاء. اي انها ستنعكس على نصف مليون تونسي كعاملين بشكل مباشر في مجال الانشاءات او في نشاط متصل به مما يعني أن أي تباطؤ ستكون له انعكاسات مباشرة على التشغيل وعلى الدخل الفردي وعلى الحركة الاقتصادية عمومًا.

هذا التباطؤ الذي سيصيب قطاع العقارات سيدخله في مرحلة الركود التي ستتمد وتتسع دائرتها وستؤثر سلبا على الاقتصاد الكلي التونسي تدريجيا، ذلك ان قطاع العقارات ورغم محدودية المعطيات الاحصائية الرسمية الخاصة به وتشتتها بين اصناف الصناعات والخدمات، الا ان له تاثيرا مباشرا على الحركية الاقتصادية نظرا لكونه نشاط افقي يؤثر ويتاثر بانشطة اقتصادية اخرى مما يجعل ازماته ازمات عاملة وشاملة، اي انه اذا دخل مرحلة ركود قد يجر بقية البلاد معه.

ان ركود قطاع العقارات في ظل ما تعانيه البلاد اليوم من هشاشة في مؤشرات النمو وتباطؤ في الاستثمار وضغط على المالية العمومية والانفاق الحكومي وتراجع مؤشرات الاستهلاك والطلب مقابل ارتفاع الاسعار الخ… قد يؤديان الى أزمة اقتصادية غير مسبوقة في البلاد.

هذه الازمة التي قد يكون قرار البنوك الشراراة القادحة لها ستطال اصحابها عاجلا ام اجلا، لان تاثير انهيار او ركود سوق العقارات سيؤثر سلبا على القطاع المصرفي ونشاطه لاحقا رغم ضعف نسبة القروض العقارية في معاملات البنوك خلال العقد الاخير لفائدة تمويل ميزانية الدولة، اي ان هذا القرار بتعليق القروض العقارية طويلة الأجل سيكون عنصر مفاقمًا لأزمة أوسع نطاقًا. تجعل القطاع العقاري قطاعا مخلّا باستقرار الاقتصاد التونسي ومدى قدرته على الصمود.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115