باحترام المواطن/ة وانتشار العنف وصورة البلاد وقطاع السياحة....
وصلتنا عديد الشهادات التي تصف معاناة صنف من المسافرين الذين يضطرون إلى ركوب سيارة أجرة من المطار ومع ذلك آثرنا المعاينة على السماع « فليس الخبر كالمعاينة› وانطلقنا في الدراسة الميدانية عُدّتنا في ذلك حقيبة سفر صغيرة تُقدر قيمتها وفق مكان الانطلاق / المطار .فما إن تغادر باب الخروج حتى ينقضّ عليك عدد من الرجال وكأنّك في السوق العتيقة كلّ يريد منك أن تدخل دكانه وأن تشتري بضاعته ومع ذلك تصرّ على التوجه إلى مربض سيارات الأجرة وأن تلتزم بالقانون واحترام الدور.
تنطلق الرحلة ببشاشة سرعان ما تنقلب إلى تجهّم إن طالبت سائق «الطاكسي» بأن يضع العدّاد، وهنا تختلف ردود الفعل وفق شخصية كلّ سائق. ففي بعض المرّات وجدنا السائق يكتفي بالتذمّر من صعوبة الحياة والأزمة الاقتصادية وقلّة ذات اليد... وعبثا تحاول أن تحاوره وأن تقنعه بأنّ الحياة قاسية على الجميع وأنّ اعتماد العدّاد إجباريّ ولكن يصرّ صاحبنا على «حقّه» في مقابل مادي يتلاءم مع ساعات يقضيها في انتظار الزبون وما إن تتمسّك بمطلبك حتى ينقلب صارخا في وجهك ويدعوك إلى النزول إن لم يعجبك الأمر ..وأنّى لك ذلك وأنت في منتصف الطريق والحقيبة الصغيرة محجوزة في صندوق السيارة الخلفي.....
اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د
أما الحالة الثانية فتتمثل في ممارسة العنف اللفظي بمجرد أن تطالب بوضع العداد وترفض النزول من السيارة حينها تسمع ما لا تتوقع وينتابك إحساس بأنّ السيارة ستنقلب في أول منعرج. فالسائق يتعمّد ترويعك حتى لا تعيد المطالبة بحقك ...وما إن تنزل حتى يطالبك بأن تحمل حقيبتك بنفسك من صندوق السيارة ويلقي بوجهك النقود المتبقية ... حالات متعددة عايناها على امتداد 3 أشهر ومع سائقين مختلفين من حيث السنّ ومستوى التعليم ...وتعرضنا فيها للعنف اللفظي (السب والشتم فالدعاء بالشر فلعن الوالدين....) والإهانة حتى كدنا نتصل بوزيرة المرأة لنحفزها على خوض التجربة وتحيين الإحصائيات حول العنف المسلط على النساء....
خلصنا بعد هذه التجربة المريرة إلى الآتي:
- إنّ حالات تعنيف كلّ من تسوّل له نفسه المطالبة بتشغيل العدّاد عامّة وليست استثنائية باعتبار أنّ هذا السلوك قد ترسّخ لدى أصحاب القطاع (الخاص بالمطار) فصار قاعدة.
- إنّ عقلية «الباربو» الذي يتطاول على القانون متفشية ولا فرق في المعاملة بين امرأة ورجل فويل لمن يعترض ويحاول أن يفاوض وهو أمر يثبت تمثّل القانون.
- لقد وضع أصحاب ‹الطاكسيات «تقليدا خاصّا فالتونسي يدفع الضعف والسائح الأجنبي يدفع 3 مرات أو أكثر مقابل الرحلة ، وهو شكل من الفساد المستشري ولا رادع له.
- إن كان الإحساس الذي ينتاب الزبون التونسي هو أنه ضحية في يد فيلق من المتحيّلين الذين يفرضون «قوانينهم» على المواطنين دون حرج فإنّ الانطباع الراسخ لدى السائح منذ اللحظة الأولى، هو الفوضى فأين «دولة القانون»؟.
نجد في البلدان التي تحترم مواطنيها والوافدين عليها شركات خاصة في المطار مهمتها توفير الخدمة اللائقة للمسافرين :تمدك بالوصل ورقم السيارة وكل بيانات السائق وفي بلدان أخرى يمكنك الدفع مسبقا في الشركة ثم التوجه إلى موقف سيارات الأجرة ليأتيك السائق في الزمن المكتوب في الوصل....
ماذا لو ركب الوزير/ة الطاكسي وعاين بنفسه ما يجري ؟ ماذا لو عاين عدد من الوزراء عن كثب ما يجري في المؤسسات التي يشرفون عليها؟ ماذا لو عوملنا كمواطنين لا كصيد ثمين الكلّ ينقض عليه لافتراسه؟