مجلس وزاري خصص للاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة مع اعلان 6 بنوك خاصة وعمومية عن احداث خط تمويل للشركات الاهلية.
تقدمت السلطة من خلال الحدثين ما تعتبره حلا لمعالجة الازمة التي تواجه هذا الصنف من الشركات، الصغرى والمتوسطة والاهلية، وهو «التمويل» اذ كشف بلاغ رئاسة الحكومة ليوم الاربعاء الفارط كذلك بلاغ وزارة التشغيل والتكوين المهني عن ابرام اتفاق بينها وبين 6 بنوك حول هذا العنصر في المعادلة.
ذات التوجه اعلنت عنه رئاسة الحكومة في بلاغها الخاص بالاجتماع الوزاري الذي انعقد يوم الاربعاء الفارط كذلك، لتكشف عن ان من اهداف الإستراتيجية التي تعدّها «جعل المؤسسات الصغرى والمتوسطة أحد المحركات الأساسية للنمو وخلق فرص العمل والتنمية المستدامة» وذلك بتمكينها من «النفاذ الى التمويل» في اطار تصور تقول انه اشمل يتعلق بتحسين مناخ الاعمال لهذه الشركات، وذلك بعد اقل من ثلاثة اسابيع بعد الاعلان عن «امضاء اتفاقية بين تونس والبنك التونسي للاستثمار لاحداث خط تمويل عبر البنوك التونسية بقيمة 170 مليون اورو أي ما يقارب 566 مليون دينار تونسي» لصالح المؤسسات الصغرى والمتوسطة..
هنا قد تكون الصورة الاولى ان الحكومة ومصالحها انتهت الى اعتبار ان الازمة الاساسية التي تواجه الاقتصاد التونسي هي أساسا ازمة ولوج المؤسسات الصغرى والمتوسطة كذلك الشركات الاهلية الى «مصادر التمويل» وقد يكون في ذلك بعض الصواب اقتصاديا او سياسيا، ذلك أن جل الفاعلين في المشهد الاقتصادي من خبراء واكاديميين ومستثمرين ، يشيرون بشكل صريح ومباشر الى ان من بين العقبات والمصاعب التي تعيق الاقتصاد التونسي نفاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة كذلك المستثمرين والمبادرين الى مصادر تمويل لمؤسساتهم او مشاريعهم وافكارهم.
صحيح ان النفاذ إلى التمويل خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة او الشركات الاهلية يعتبر التحدي الفعلي والظاهر للعيان، والذي يتحمل مسؤولية عدم نمو الشركات الصغرى والمتوسطة كذلك تراجع الاستثمار او غياب المبادرة الخاصة الخ ... لكنه في واقع الحال اقرب الى الشجرة التي تحجب الغابة، او بصفة ادق العنصر الذي يحجب بقية العناصر التي تعتبر مجتمعة سبب الازمة وسبب الخلل الهيكلي في الاقتصادي التونسي.
يعتبر غياب التمويلات في الواقع الاقتصادي التونسي او ضعفها ومحدوديتها، من بين العناصر التي تعيق بناء مشهد اقتصادي ديناميكي متحرك منتج للثروة والفرص، بل هو «جزء» من ازمة اعمق واشمل، يمكن ان تختزل في الاشارة الى الازمة الهيكلية للاقتصاد ومحدودية القيمة المضافة. وهذا يقودنا مباشرة الى ادراك ان الازمة تتعلق بمناخ عام وشامل تشكل عبر سياسات عمومية بمقدورها اعادة رسم المشهد الاقتصادي التونسي او ان او المحافظة عليه وعلى عناصر أزمته بصيغ جديدة سواء أتعلق الامر بالشركات الاهلية او بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة، كما ان محاولات تحفيز احداثها او محاولات تقليص العقبات امامها للنشاط والنمو ارتبطت في السنوات الاخيرة بالتمويل، ورغم وجود عدد كبير من البرامج وخطوط التمويل التي احدثت لم يتغير المشهد تقريبا في ظل عدم تغيير الاطار العام والشامل للحياة الاقتصادية في البلاد الذي تشكل الشركات الصغرى والمتوسطة 90 ٪ من نسيجها المؤسساتي الاقتصادي.
ولا تقتصر ازمة هذا الصنف من المؤسسات، والتي يمكن ان تتسع لتشمل الشركات الاهلية مع الاخذ بعين الاعتبار الفروقات والاختلافات على النفاذ الى التمويل بل على خلق القيمة المضافة والولوج بها الى الاسواق العالمية والدولية. ان توفير خطوط تمويل يجب ان يكون مقترنا بخطط اشمل تتضمن ضمان القدرة على تسويق ما ستنتجه هذه الشركات في الاسواق الخارجية اضافة الى السوق التونسية، حتى وان كان هذا الامر لا يتعلق بكل هذه الشركات التي يلجأ جزء هام منها، لضمان استمرايته توفير حد ادنى من القدرة على تسويق المنتجات خارج السوق التونسية التي تعد سوقا محدودة وصغيرة تضم 12 مليون مستهلك بنصيب فردي من الناتج الاجمالي يقدر بـ3895 دولار (حوالي 12 الف دينار تونسي).
من المهم ان تتوفر خطوط تمويل للمؤسسات لكن ذلك قد يكون غير كاف في ظل غياب تصور اقتصادي اشمل واعم يعالج بالاساس وبشكل فعلي ازمة تسويق المنتوجات: بضائع او خدمات في الاسواق الخارجية وهذا لا يمكن ان يتم بالاستناد الى الادارة على اهمية دورها، ذلك أن جزءا من الازمة تقف وراءه الادارة وجسمها الثقيل الذي لا يحسن التحرك وفق نسق الاقتصاد مثال ذلك، ان الاستراتجية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة هي وفق بلاغ الحكومة من عناصر مخططها للتنمية الثلاثي