هنا لا يختلف التونسيون أفرادا ومجموعات عن غيرهم من معتنقي الدين الاسلامي في مختلف اصقاع الارض، مناسبة يهيمن عليها البعد الاحتفالي العائلي وهي المعاني والدلالات التي رسخها «التدين الشعبي» على مدى قرون تشكل فيها ما يعرف بـ «الاسلام التونسي» الذي بنى على التدين الشعبي في تونس والذي تبنته مؤسساته الدينية الرسمية بصيغ مختلفة.
قرون عدة شهدت تقلبات مذهبية ومؤسساتية في تونس ساهم كل منها في صياغة ممارسات تطبيقية للمُعتقدات والشعائر في اطار فعل اجتماعي تَشَكَّل عبر تراكمٍ تاريخي طويل للتفاعل بين الدين بطقوسه مع الهياكل والبنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتعاملات اليومية للمجتمع التي افضت اليوم الى ان يكون البعد الاحتفالي والعائلي بعيد الاضحى مهيمنا على الوعي الجماعي التونسي.
هنا لسنا في اطار مناقشة اكاديمية معرفية للتدين الشعبي ولا للبنى المنتجة لتمثلات تتشكل في نمط شعبي/فلكلوري ولا في التناقضات الداخلية صلب التدين الشعبي بل في محاولة لتحديد اطر تتوفر فيها فرصة للدولة وللمؤسسات وللمجتمع للتفاعل العقلاني مع مسألة الدين والتدين الشعبي بهدف تعزيز مساحة المشترك.
مشترك يؤسس للغد، وهذا يتطلب في جوانب منه ان تشتغل مؤسسات الدولة والمجتمع على انتاج معنى ودلالات من الممارسات اليومية والدينية تحفز الافراد والمجوعات وتبعث فيهم الامل، من ذلك ان تعيد المؤسسات الدينية الرسمية او الثقافية والسياسية والمجتمع المدني انتاج سردية عيد الاضحى وما يرافقها من سردية دينية تنطلق من خيار الرسول ابراهيم ان ينقل ابنه اسماعيل وزوجته هاجر الى الصحراء وصولا الى الاختبار الاهي للاب والابن واقرار الاضحية .
في هذه السردية الدينية وبنيته القصصية تبرز عدة معاني يمكن ان يعاد انتاجها واشاعتها بين الناس، من ذلك ان الامل زرع ينبت في اشد الظروف قسوة وان بعض الاحداث حتى وان كانت لا تخضع لمنطق في ظاهرها او هي مبهمة أوغامضة تظل ظرفية يمكن ان يتم تجاوزها بل يمكن ان تكون فرصة وقاعدة للتغيير نحو الافضل.
الامثلة عدة يمكن للمشتغلين في الحقل السياسي ان يبتدعوا عشرات غيرها اذا استعانوا بالعاملين في الحقل الاجتماعي والانثربولوجي والفلسفي والديني بهدف تقديم خطاب عقلاني يعيد ضبط اطر التدين الشعبي التونسي ليكون منتجا لمعاني اضافية لمظاهر الاحتفال والاجتماعات العائيلة، فالايثار والتضحية والقيم العديدة يمكن ان تمنح للتونسيين فرصة لغد افضل