عنها سوى خطوات قليلة وإذا بنا أمام دولة تعهدت للدوائر المالية العالمية وتحديدا صندوق النقد الدولي بما لم تكشفه ولم تصارح به شعبها فقلصت إلى الأقصى من هامش تحرك الحكومة التي تلتها والتي قد تليها وذلك إلى موفى هذه العشرية...
ما أقدمت عليه حكومة الحبيب الصيد (وتحديدا رئيس الحكومة ووزير المالية) في ربيع سنة 2016 غريب جدا ولا نصدق، إلى اليوم، أنه صدر عن «رجال دولة» : تعهد كتابي بالترفيع في الأجور لموظفي الدولة وأعوان المنشآت العمومية على امتداد ثلاث سنوات وفي نفس الوقت تقريبا تعهد في مذكرة أرسلت إلى صندوق النقد الدولي وأمضى عليها وزير المالية ومحافظ البنك المركزي بأن يتم تجميد الأجور على امتداد ثلاث سنوات... نعم هكذا كانت تُدار تونس.. فلاتحاد الشغل وللموظفين نصف الكأس الملآنة ولصندوق النقد ومن ورائه دائني تونس نصف الكأس الفارغة..
مع صندوق النقد الدولي قلنا بأن كتلة الأجور في سنة 2016 هي في حدود 13 مليار دينار وأنها لن تتجاوز في كل الأحوال 13,5 مليار دينار سنة 2017 مع الالتزام الكتابي بأنها ستكون في حدود 12 % من الناتج الإجمالي الخام سنة 2020 أي حوالي 12 مليار دينار وذلك حتى لو كان معدل نمونا في السنوات القادمة هو 4 %.
ولكن حزمة الاتفاقات العامة والخاصة التي أبرمتها حكومة الصيد ستجعل من كتلة الأجور تبلغ رقما ونسبة قياسيين السنة القادمة: 15 مليار دينار أي أكثر من مليار دينار ونصف من تعهدنا لصندوق النقد الدولي..
ولكن هذه ليست هي «المفاجأة» الوحيدة لحكومة الحبيب الصيد فقد سبقتها «مفاجأة» أخرى : عجز إضافي في ميزانية 2016 يقدر بقرابة 3 مليار دينار أي ما بإمكانه – نظريا – أن يخلق حوالي 50.000 موطن شغل على....