ومن خلفها منظمة التحرير الفلسطينية فاترا في المشهد وفي الأحداث والتي غابت عنها لولا بعض البيانات والبلاغات الإعلامية واللقاءات بالوفود الغربية لبحث مستقبل قطاع غزة بعد الحرب ودورها القادم في القطاع والضفة بعد القيام بإصلاحات اقترحتها الإدارة الأمريكية.
وقد اقترن اسم السلطة ورئيسها محمود عباس وذكرها منذ الـ7 من أكتوبر الفارط كثيرا مع مع زيارات وزراء الخارجية الغربية وخاصة الامريكية او القمم التي عقدت لبحث تطورات الحرب على غزة او في تصريحات مسؤولين عرب وغربيين استحضروا اسم السلطة ومنظمة تحرير فلسطين كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وقد اعلنت سلطة عن بقائها في حالة انعقاد دائم منذ الأسبوع الأول من الحرب على غزة والتي تشرف على نهاية شهرها الرابع بعد أربعة ايام من الان، الا ان تحركاتها ونشاطها السياسي والدبلوماسي لم يرتق لما تتطلبه الوقائع التي فرضتها الحرب على غزة، وهذا أقل ما يقال بعد أن انشغلت السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس في نقاشات حول مستقبل غزة بعد الحرب بدل التحرك لوقف الحرب وانقاذ الفلسطينيين واذا ذكرت ذلك فإنها تذكره في معرض حديث الرجل عن شروطه لادارة غزة بعد الحرب وهي ثلاثة شروط عبر عنها تتمثل في «وقف القتال وقفا شاملا، وفتح الأبواب للمساعدات الإنسانية، ومنع تهجير الفلسطينيين خارج وطنه» وفق ما صرح به في حوار بثه التلفزيون الفلسطيني.
طوال الأسابيع الأخيرة تواترت زيارات مسؤولين أمريكيين، وزير الخارجية او وزير الدفاع وغيرهم من كبار موظفي البيت الابيض الى الضفة الغربية للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بعد الالتقاء بقيادات الاحتلال، للتباحث معه عن الأدوار المستقبلية للسلطة في قطاع غزة ودورها في ملء الفراغ الذي سيخلفه القضاء على حماس او ابعادها من المشهد السياسي في غزة.
مبادرة ناقشتها السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس وما تستوجبه من تعديلات وإصلاحات سياسية يقع بموجبها الحد من سلطة عباس الذي يطالب اليوم بتعيين نائب له واحالة صلاحيات تنفيذية واسعة الى رئيس الوزراء وإجراء انتخابات وضخ دماء جديدة في السلطة وفي منظمة التحرير الفلسطينية بهدف استعادة شعبيتها التي انحسرت بعد هجمات السابع من أكتوبر واندلاع الحرب على غزة التي ينتقد فيها عباس لكونه اتخذ مقعد المتفرج.
مقعد اتخذته السلطة برمتها ومنظمة التحرير لا فقط عباس، الذي يطالبه الرئيس الامريكي بايدن بتولى المسؤولية وتوحيد إدارة غزة مع الضفة الغربية. وذلك ما استجاب اليه الرجل في حوار له مع «رويترز» نشر منذ أيام قال فيه انه مستعد لإدخال تعديلات على السلطة وإلحاق قيادات جديدة وإجراء الانتخابات شرط حصول اتفاق دولي ملزم من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية وان تضغط الولايات المتحدة على الاحتلال لإقامة دولة فلسطينية.
عباس الذي يمسك بمقاليد الحكم منذ 18 سنة نجح في ان يفرض نسقه وخياراته وقناعاته علي بقية «كبار» السلطة الفلسطينية وحركة فتح ومنظمة التحرير الذين اقتصر دورهم في هذه الحرب وفق ما نشرته الوكالة الفلسطينية الرسمية (وفا) على القيام بتحركات دبلوماسية ، جلها غير معلن وما يعلن عنه بعيد كليا عما تفرضه الحرب من تدابير وخيارات ممكنة والتلويح بالتصعيد او النزول الى الشوارع للاحتجاج والضغط طالما ان قادتها يعلنون ان «ايديهم مغلولة».
وحتى هذه الخطوات الرمزية التي كان بامكانها ان ترمم الصدع بين السلطة/ ومنظمة التحرير وبين الشارع الفلسطيني في غزة او في الضفة، لم تبادر بها القيادات التاريخية التي باتت اليوم تتلقى نصائح من الإدارة الأمريكية -وفق وسائل إعلام امريكية نقلا عن مسؤولين بالبيت الأبيض- بشأن كيفية استعادة البعض من ثقة الفلسطينيين، والوصفة الأمريكية هي «استئصال الفساد ورعاية جيل جديد من القادة وحشد المساعدات الأجنبية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب ونيل مزيد من الدعم من الخارج لإقامة دولة فلسطينية».
وصفة يبدو ان السلطة في طور تنفيذها بهدف استعادة سلطتها لتكون قادرة على ادارة غزة بعد الحرب، في تقاطع مصلحي سياسي مع المقولات الأمريكية التي تنطلق من إقصاء المقاومة عن المشهد السياسي الفلسطيني رغم إقرار السلطة بما تدعو إليه بعض الفصائل الفلسطينية التي تنتسب الى منظمة التحرير من ضرورة وحدة وطنية تضم حماس في غزة والضفة الغربية التي منعتها السلطة الفلسطينية والاجهزة الامنية من القيام بأي تحرك لدعم غزة او الاحتجاج ضد سياستها التي تبرزها وكأنها طرف خارجي ما يربطه بالحدث الفلسطيني هو حسابات سياسية ضيقة تتعلق بالحكم واستقراره لإنقاذ الفلسطينيين في غزة والضفة الذين يتعرضون للقتل والابادة الجماعية تحت أنظار سلطة اكتفت بالشجب والادانة وتعليق تنسيقها الأمني مع الاحتلال.