وتبيّن هذه الوثيقة فلسفة حكومة يوسف الشاهد في مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب للغاية الذي تعيشه البلاد الآن والمتسم بانفلات الإنفاق العمومي، دون الفاعلية المرجوة، وتفاقم التداين ولا سيما الخارجي منه وضعف نسق النمو والإنتاج وما ينتج عنه من عدم القدرة على مقاومة تواصل انتشار البطالة والتشغيل الهش...
وما تريده الحكومة من خلال حزمة الإجراءات الجبائية التي تنوي اتخاذها بداية من السنة القادمة هو توفير موارد جبائية إضافية للدولة عبر الترفيع في جل أصناف الضرائب المباشرة (الأجراء وأرباب العمل) باستثناء الشرائح الأقل دخلا وكذلك غير المباشرة كالأداء على القيمة المضافة ومعلوم جولان العربات وجل أصناف الخدمات والعمليات العقارية كما نجد مسائل تتعلق بفرض ضرائب استثنائية على المؤسسات الاقتصادية والسعي الواضح – في النصوص على الأقل – لمتابعة التهرب الضريبي الجزئي أو الكلي مع إجراءات في إطار «مواصلة الإصلاح الديواني»...
وما لا نجده في هذه الوثيقة الأولية هو تقديرات الربح والخسارة -بالنسبة لميزانية الدولة - في كل هذه التدابير ومحصلتها الافتراضية النهائية لنرى هل أن كل هذا الجهد الذي يستدعى له كل المواطنين، نظريا، سوف يسمح بمعالجة جدية للاختلالات الكبرى للمالية العمومية أم أنه سيقدم حلولا جزئية قد تستدعي بدورها مراجعات «أليمة» خلال السنة القادمة أو التي تليها...
لا شك أن الحكومة لم تقرر بعد الإجراءات التفصيلية النهائية التي ستقدمها لمجلس نواب الشعب في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2017 ولكن هذه هي فلسفته العامة ولا نخال أن حكومة الشاهد ستتراجع عنها لأنها لا تملك حلولا بديلة؟
بقيت مسألة محورية صمتت عنها هذه الوثيقة وهي قضية صرف الزيادات في الأجور والمنح بعنوان سنة 2017 في القطاع العام ....