المنصف المرزوقي وزوبعة «حجب» حواره على قناة التاسعة: أعطيت لهؤلاء فرصة ففشلوا لأنهم فاسدون، فعدت لأنني الثورة ولأنني لـم أخطىء أبدا !!

بعد سيناريو هيتشكوكي كان للتونسيين موعد مباغت مساء أول أمس مع الحوار «المحجوب» للرئيس السابق المنصف المرزوقي والذي أسيل حبر قبل بثّه كما لم يُسل حبر في هذه البلاد...

وبعد ساعة ونصف الساعة من المشاهدة والاستماع نقوم مشدوهين لأنه لو فكّر شخص واحد في السلطة أن يمنع بث ذلك الحوار فينبغي إعادته إلى الأدغال ليعيد تجربة الإنسانية من جديد...
إلى ماذا استمعنا طيلة هذا الحوار؟

رئيس الجمهورية يقول بأنه التزم الصمت سنة كاملة ليعطي «فرصة لهؤلاء» ولكن عندما لاحظ أن البلاد آيلة إلى الهاوية وأن «هؤلاء» قد كذبوا على التونسيين وأنهم لا يملكون كفاءات لتسيير أربع معتمديات فما بالك بأربع دول كما ادّعوا قرّر العودة إلى الساحة الإعلامية ليقول بأن قوس الثورة المضادة سوف يُغلق وأن البديل هو في حراك تونس الإرادة...

وفشل «هؤلاء» لا يعود إلى سياسات اقتصادية واجتماعية خاطئة بالأساس بل يعود لأن «هؤلاء» الذين فازوا عليه سنة 2014 إنما يمثلون المنظومة القديمة الفاسدة... والفرق بين المرزوقي و»هؤلاء» أنه أعطاهم مهلة بسنة كاملة بينما هم انقضوا عليه منذ اللحظة الأولى عندما كان يتربّع على عرش الرئاسة بقرطاج!!

وكأننا برئيس الجمهورية السابق قد نسي بأن معارضة حكم الترويكا انطلقت من الاحتجاجات الشعبية ومن الفئات المحرومة التي يدعي اليوم تمثيلها وأن معارضة «هؤلاء» لم تظهر بصفة واضحة إلا بعد أشهر عديدة...
وحكومة يوسف الشاهد ليست حكومة وحدة وطنية رغم دعمها، المبدئي، من قبل أحزاب شتّى وأهم المنظمات الاجتماعية لأن كل هؤلاء «شكارة وحدة» فهم من مساندي قائد السبسي في الدور الثاني ولا وجود لوحدة وطنية إلا معه هو فقط لأنه هو المغاير المختلف أما الآخرون فكلهم مؤتلفون متآلفون.. ولو وجهت له الدعوة لكان أفاد الحكومة، من باب الوطنية، بالأفكار العظيمة التي يزخر بها الحراك وإن ذهبوا فيما اقترحه «خبراء» الحراك فعندها لا إشكال في مساندة هذه الحكومة...

وهذا قمة التناسق الفكري... فالآخر الذي لم يصوّت لي هو الفاسد المعادي للثورة المنخرطة في المنظومة البورقيبية البنعلية البجبوجية، وهي منظومة واحدة عند صاحبنا، أما لو أنصتت هذه المنظومة إلى «خبراء» الحراك فعندها لا مانع من الحكم معا!!

المرزوقي أراد أن يكون حواره مركزا على قضايا الحاضر والمستقبل ليقول لنا بأن لديه أفكارا ومقترحات للأزمات التي تعيشها تونس اليوم وبدأ بمسألة تقنية صعبة، عجز الميزانية، والتي تلقى بشأنها دروسا خصوصية من قبل «خبراء» الحراك... انتبهوا جيدا إنها دُرر ما بعدها دُرر...

قال لنا بأن الحكومة قدّرت العجز (الإضافي) للميزانية بـــ 2,4 مليار دينار بينما يقدّره «خبراء» الحراك بـــ 3 مليار دينار... ولو استمع الرئيس السابق لصاحب القصبة الجديد لعلم، دون دروس خصوصية، بأن العجز الإضافي هو 2,9 مليار دينار!! ولعلم أيضا بأن العجز الإجمالي لهذه السنة هو بـــ 6,5 مليار دينار...

لنتجاوز الأرقام.. ما الحلّ؟
الحلّ بسيط جدا عند من كان يحكم البلاد... الحل هو في إلغاء الصناديق السوداء التي هي على ذمّة رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وبعض الوزارات... وللعلم فإن الصندوق الأسود الذي تتصرّف فيه الرئاسة هو مليون دينار فلو جمعنا كل الصناديق السوداء وألغينا كل الاحتفالات والسفرات.. الخ...الخ... فقد نبلغ 30 مليار من المليمات أي 30 مليون دينار أي واحد على ألف من ميزانية الدولة و1% من العجز الإضافي... فهل هذه هي حلول «خبراء» الحراك؟ أم أن الرئيس السابق لم يذاكر دروسه جيدا؟
ويضيف المرزوقي بطبيعة الحال بأنه ينبغي مكافحة الفساد والتهريب ولكن يستدرك المقصود بالتهريب فقط هو حاويات ميناء رادس والبوابات الحدودية.. أما البقية فلا يُعبَأ بها؟! أي أن هنالك تهريب «حلال» يتماشى، يا للصدفة الغريبة، مع بعض المعاقل الانتخابية للمرزوقي ولا يعادي مصالح «خالتي مباركة» لأنه تهريب يقوم به «أبناء الشعب» خدمة لأبناء الشعب!!

ثم نبحث عن حلول إضافية، ونحن فقط في باب عجز الميزانية، فلا نرى فكرة يتيمة واحدة أيّا كانت جديتها...

فعلا إن هذا الذي يعرف المنظومة الصحية التونسية كما لا يعرفها أحد.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115