خاص: الباروميتر السياسي لشهر أوت 2022 المشاعر المتناقضة للتونسيين بالأرقام

الباروميتر السياسي لشهر أوت 2022 الذي تنجزه شهريا مؤسسة «سيغما «بالتعاون مع جريدة «المغرب» يكشف عن المشاعر المتناقضة لعموم التونسيين

بين التفاؤل الذي يسود بصفة واضحة في ما يتعلق بسير البلاد وبين الشعور بتردي الأوضاع وبصعوباتها البالغة للأجيال القادمة وبتفاقم الهوّة الاجتماعية بين الفقراء والأغنياء .
في شهر أوت 2022 الذي شارف على نهايته قفز منسوب التفاؤل عند عموم التونسيين بـ14 نقطة كاملة ليصبح هو السائد بوضوح (%61.5 من المتفائلين مقابل %32.8 من المتشائمين و%5.7 من غير المصرحين برأي ما ) وهكذا انتقلنا من أشهر غلب عليها «التشاؤل» إلى تفاؤل واضح هو الأعلى منذ نوفمبر الماضي .

السبب واضح وجلي : استفتاء 25 جويلية الماضي وإقرار دستور جديد أي ما يعتقد انه مدخل هام لاستقرار الأوضاع في البلاد،فالتفاؤل لا يعود إلى تحسن ما في حياة الناس اليوم بل إلى ما يعتقدون انه مفتاح التحسن .
عندما ننظر إلى مختلف المحددات السوسيولوجية للعينة المستجوبة من الجهة إلى الجنس إلى الطبقة الاجتماعية إلى السن وصولا إلى المستوى لا نجد فروقا جوهرية تذكر إلا عندما يتعلق الأمر بعامل السن فالكهول الشباب (من 26 الى 44 سنة) والكهول (من 45 إلى 59 سنة) هم بالضبط في المستوى الوطني للتفاؤل(%61.5) بينما ترتفع هذه النسبة إلى %69.2 عند الذين تجاوزوا الستين وتنزل إلى حوالي الثلث (%35.3) عند الشباب (18 -25 سنة) .
نحن هنا أمام المفارقة الكبرى لتونس اليوم ،فالفئة التي يستهدفها الخطاب الرسمي (أي خطاب رئيس الدولة ) والتي يؤسس حولها وبها مشروع «الجمهورية الجديدة» هي الفئة الأكثر تشاؤما لا لكونها تعارض رئيس الدولة بل لاعتقادها بأن شيئا لم يتغير اليوم وقد لا تقدر السلطة الجديدة على التغيير الذي يحلم به هؤلاء الشباب ..

بينما الفئات الأكثر محافظة تقليديا والأبعد عن الخطاب الشعبوي الثورجي كفئة المتقدمين في السن هي الأكثر انسجاما لا مع خطاب السلطة المعلن بل مع ما تتوقع انه مضمونه الأساسي : عودة «الحكم القوي «والقطع مع كل «انفلاتات « العشرية الماضية .

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

• تقييم التونسيين لأوضاعهم المعيشية:
عندما نسال التونسيين حول تقييمهم للأوضاع المالية لأسرهم الآن مقارنة بأوضاع السنة الماضية يقول جلهم بأنها أسوأ الآن بـ%60.4 في حين أن %15 فقط يعتبرون أن الوضع قد تحسن ويبقى الوضع على حاله بالنسبة بـ%24.4.
وعندما ندقق في مستوى الإجابة (أسوأ بكثير ا وأسوأ إلى حد ما أو أحسن بكثير أو أحسن إلى حد ما ) نجد أن ثلث المستجوبين (%33.5) يرون أن الوضع المالي اليوم لأسرهم أسوأ بكثير مما كان عليه في السنة الفارطة ولا يعتقد عكس ذلك سوى %4.1 من المستجوبين .
نحن هنا أمام مفارقة كبيرة في مشاعر الناس أمام الوضع العام إذ تساند أغلبية واضحة الحكم الجديد الذي انطلق بصفة فعلية منذ 25 جويلية 2021 ولكنها تعتبر أن وضعها الحالي قد ساء بوضوح عمّا كان عليه زمن «العشرية السوداء» وما رافقها في نهايتها خاصة من أزمة صحية توفي بسببها آنذاك حوالي عشرين ألف تونسي .

نحن أمام وضع خاص للغاية لا يحمّل الناس فيه وضعيتهم الحالية للحكام الحاليين بل الى جهات أخرى قد تكون مالية أو سياسية،ولكن الواضح أن هذا الانفصام بين الواقع والحكم لا يمكن له أن يستمر كثيرا .
وما يجعلنا نميل إلى هذا التحليل جواب التونسي عن السؤال التالي : كيف تتوقع أن يكون الوضع المالي لأسرتك في السنة القادمة مقارنة بوضعها الحالي ؟ هنا يغلب التفاؤل إذ يقول %52 من المستجوبين أن الوضع سيكون أفضل مقابل %27 يرون انه سيزداد سوءا.
ولكن هذا التفاؤل نسبي للغاية اذ تتعادل الكفتان المتقابلتان للإجابة : %15.6 سيكون الوضع أحسن بكثير مقابل %14.4 سيكون الوضع أسوا بكثير .
ويخيم تشاؤم نسبي من جديد حول وضع الأجيال القادمة مقارنة باليوم اذ سيكون أسوأ بالنسبة لـ%51.1 مقابل توقع التحسن بالنسبة لـ%44.4.
في الملخص نحن في وضعية انتظارية يتقاذفها التفاؤل والتشاؤم دون قطع واضح وصريح ولكن حتى لو غلب التفاؤل أحيانا على المدى القصير فانه سيتراجع من جديد عندما ينظر التونسيون إلى مستقبل الأجيال القادمة .

• الإحساس الحاد بالتفاوت الطبقي:
هنالك سؤال هام للغاية ادر جناه في هذا الباروميتر السياسي لشهر أوت الجاري ويتعلق بتقدير التونسيين لتفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء يرى %89.1 منهم أن هذه الفجوة قد كبرت مقابل %4.4 فقط يعتقدون أنها قد تراجعت .وهذا الشعور بالتفاوت الطبقي وتفاقمه حاد جدّا بالنسبة لـ74.8 من العينة وهذا مؤشر خطير للغاية على مدى الإحساس بالشرخ الاجتماعي في البلاد وان من لم يسعفه حظ الولادة او النجاح المالي السابق بأن يكون من زمرة الأغنياء فانه لا أمل له في الخروج من وضع الفقر والتهميش الذي يعيشه وهذا دليل واضح على عطالة المصعد الاجتماعي لا في الأعيان فقط بل وفي الأذهانكذلك .

• حول سبر آراء نوايا التصويت:

لقد تعود قراؤنا الكرام على نشرنا نوايا التصويت في التشريعية وفي الرئاسية بصفة شهرية.
ورغم انه لا يوجد حائل قانوني يمنع نشر هذه النتائج اليوم إلا أن جريدة «المغرب» ومؤسسة «سيغما «قررتا عدم نشر عمليات سبر الآراء بداية لأنه لا تفصلنا عن التاريخ المعلن للانتخابات التشريعية سوى ثلاثة أشهر ونصف بالإضافة إلى ضبابية الإطار العام،إلى حد اليوم على الأقل ،إذ لا وجود لقانون انتخابي جديد ولا نعلم بالضبط السياق العام الذي ستدور فيه هذه العملية الانتخابية ..ويأتي قرارنا هذا رغبة منا في عدم إرباك إضافي للمشهد السياسي اليوم ..كما قررنا عدم نشر مؤشر الثقة في الشخصيات السياسية لما له من علاقة واضحة – وإن كانت غير مباشرة – مع نوايا التصويت .

الجذاذة التقنية للدراسة:
• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 740 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
• تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
• طريقة جمع البيانات: بالهاتـــف
CATI) Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
• نسبة الخطأ القصوى: %3،5.
• تاريخ الدراسة: من 15 إلى 22 أوت 2022

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115