• الثقة الكبرى في الشخصيات السياسية
• الانعدام الكلي للثقة في الشخصيات السياسية
الباروميتر السياسي لشهر افريل 2022 الذي تنجزه مؤسسة «سيغما» بالتعاون مع جريدة «المغرب» يؤكد المنحى التصاعدي للتشاؤم عند عموم التونسيين إذ يرى %56 منهم أن البلاد تسير في الطريق الخطإ مقابل %41 من المتفائلين والذين تراجعت نسبتهم بـ%4 خلال هذا الشهر .
ورغم تواصل نسبة الرضا على أداء رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة في ارتفاع إلا أنها تراجعت خلال هذا الشهر بـ%5.5 بالنسبة للأولى وبـ%5 بالنسبة للثانية .
في مؤشر الثقة الكبيرة يواصل قيس سعيد التحليق عاليا بـ%64(خسر نقطتين خلال هذا الشهر) أما الشخصيات التي لا يثق فيها التونسي تماما تظل الصدارة دوما لراشد الغنوشي بـ%89 ويليه أهم حلفائه خلال هذه السنين الأخيرة .
في أوت 2021 أي مباشرة بعد إقرار التدابير الاستثنائية في 25 جويلية كانت نسبة التفاؤل مرتفعة للغاية إذ شارفت على %80 (%77 تحديدا) ثم ما فتئت هذه النسبة في التراجع إلى أن وصلنا منذ شهرين إلى «التشاؤل» ثم ها أن التشاؤم يعود ليصبح هو طاغيا بـ%56.
واللافت للنظر هنا هو الارتفاع الكبير لنسبة التشاؤم عند الشباب (14 - 24 سنة) حيث تبلغ %77 بما يمثل مفارقة غريبة في البلاد إذ يمثل الشباب – نظريا – أكثر الفئات تحمسا لرئيس الدولة ولكن خيبة أملهم في الأوضاع العامة للبلاد هي الأكبر في نفس الوقت .
• الرضا على سير الأمور في البلاد:
نفس هذا المنحى التشاؤمي العام نجده في سؤالنا للعينة على مدى رضاها على الطريقة التي تسير بها الأمور في بلادنا إذ تعبر أغلبية واضحة عن عدم رضاها(%61) مقابل رضا حوالي %38.
ولكن عندما ندقق في مجموع الرضا (الرضا التام مع الرضا النسبي) وفي مجموع عدم الرضا (عدم الرضا التام وعدم الرضا النسبي) نجد أن الفارق أهم بكثير اذ يقول %39 من التونسيين أنهم غير راضين تمام على سير الأمور في البلاد .
• طغيان الأولويات الاقتصادية والاجتماعية:
حالة التشاؤم هذه وعدم الرضا على سير الأمور في البلاد لا يتعلق بالتقييم السياسي لأداء السلطة اليوم بل بالوضع الاقتصادي والاجتماعي لعموم التونسيين والذي ازداد تدهورا خلال هذه الأشهر الأخيرة .
عندما نسأل التونسيين عن أولويات الحكومة حسب وجهة نظرهم يجيبون بصفة تلقائية : تحسين المقدرة الشرائية والحدّ من الفقر وتحسين الحالة الاقتصادية ومكافحة البطالة ..
مكافحة الفساد والاحتكار تأتي في المرتبة الخامسة وبعيدة عن الأولويات الاجتماعية والاقتصادية وهذا يشير إلى أن أولويات عموم الناس ليست هي أولويات الحكم اليوم وان التونسي لا يرى في مكافحة الفساد والاحتكار المدخل الوحيد الأوحد لتحسين حالته الاقتصادية والاجتماعية .
• %64 من الثقة الكبرى في قيس سعيد
قد يبدو للقارئ الكريم أن هنالك بعض التناقض بين نسب التشاؤم وعدم الرضا على سير الأمور في البلاد وبين ارتفاع منسوب الثقة في رئيس الجمهورية (%83 منن الثقة العامة منها %64 من الثقة الكبيرة ) وأيضا في رئيسة الحكومة وإن كان ذلك بدرجة أقل (%61 من الثقة الإجمالية منها %28 من الثقة الكبيرة ).
في الحقيقة التناقض ظاهري فسحب وذلك لأن التونسي مازال لا يربط بين سوء أحواله المعيشية ومن يمسك بالسلطة اليوم،بل يعتبر أن منظومة ما قبل 25 جويلية هي المسؤولة الأساسية إن لم تكن الوحيدة على هذه الأوضاع ولذا نراه يضع ثقته الكبيرة في رئيس الدولة وفي من عينها رئيس الدولة .
لهذه الاعتبارات مازال قيس سعيد يحلق وحده في مؤشر الثقة الكبيرة رغم خسارته لنقطتين خلال هذا الشهر ومازالت السياسية الحزبية كلها تحت عتبة %20 من الثقة الكبيرة اذ نجد في المرتبة الثالثة عبير موسي بـ%19 (2+) ثم عبد اللطيف المكي بـ%18 (3+) وعبد الفتاح مورو بـ%17(+2).
• الغنوشي وحلفاؤه في المؤخرة:
تأكيدا لما قلناه أعلاه نجد أن %89 من التونسيين لا يثقون مطلقا في راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وابرز مهندسي العشرية الفارطة،ونحن هنا أمام مستوى استثنائي من الرفض لان %2 فقط هم الذين يثقفون كثيرا في زعيم الحركة الإسلامية نضيف إليهم %3 من الذين يثقون فيه إلى حد ما ولا نخال أن شخصية واحدة في تونس قد بلغت هذا المستوى شبه الكلي من الرفض الكبير .
وانعدام الثقة الكلي يشمل أيضا أهم الشخصيات التي تحالفت مع النهضة وحكمت معها إذ يلي الغنوشي علي العريض بـ%78 وهو الشخصية الثانية في الحركة الاسلامية ثم نبيل القروي رئيس قلب تونس بـ%78 فيوسف الشاهد رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب تحيا تونس بـ%76 فسيف الدين مخلوف زعيم ائتلاف الكرامة بـ%74.
نحن في لحظة زمنية يشكل فيها الارتياب من المنظومة الحزبية برمتها صفتها الأساسية وما هذه المستويات المرتفعة من الثقة في السلطة التنفيذية إلا تأكيد على النفس اللاشعوري لصفة السياسة عن أهم رموزها ..فقيس سعيد ليس سياسيا او هو لا ينظر إليه كذلك على عكس نظرة التونسيين لرئيسهم السابق المغفور له الباجي قائد السبسي – ولكن الواضح إننا أمام وضعية لا يمكنها الاستمرار ،فقيس سعيد سياسي وهو حاكم البلاد اليوم سيحصل حتما في لحظة ما التماهي بين صورته المتخيلة وحقيقته الفعلية وعندها سندخل إلى عالم التسيب وعالم تحميل المسؤولية لأهل الحكم ..
في انتظار ذلك يواصل رئيس الدولة تحليقه عاليا في السماء ..
• غدا سبر آراء نوايا التصويت في التشريعية والرئاسية
• ننشر الحلقة الثالثة والأخيرة من سلسلة «الدين والدولة والسياسية» يوم الخميس 28 أفريل الجاري
الجذاذة التقنية للدراسة:
• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 815 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
• تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
• طريقة جمع البيانات: بالهاتـــف
CATI) Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
• نسبة الخطأ القصوى: %3،5.
• تاريخ الدراسة: من 15 أفريل إلى 18 أفريل 2022