حلّ المجلس الأعلى للقضاء..تواصل الجدل وتتالي ردود الأفعال: أحزاب ترفض القرار ..الاتحاد الأوروبي قلق ومحمد عبو يقدم شكوى ضدّ الرئيس

آثار إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين وعدد من الإطارات السامية بالوزارة عن حلّ المجلس الأعلى للقضاء

والعمل على وضع قانون أو مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء وقوله «إن هذا المجلس أصبح في عِداد الماضي منذ هذه اللحظة» ضجة كبيرة في البلاد وردود أفعال وطنية ودولية مختلفة سواء من قبل الهياكل المهنية القضائية التي رفضت بشدة هذا القرار وشددت على أنه ليس من حق الرئيس حلّ المجلس الأعلى للقضاء، رفض لم يصدر فقط عن هذه الهياكل المهنية بل صدر كذلك عن بعض الأحزاب والشخصيات السياسية، إعلان الرئيس لا زال يثير عدة ردود وقد تكشف الساعات القليلة القادمة عن عدة مواقف أخرى بعد اجتماعات المكاتب على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل الذي سيدرس القرار خلال انعقاد هيئته الإدارية الوطنية يوم الخميس 10 فيفري الجاري.
عاشت البلاد مجددا على وقع قرارات أحدثت «زلزالا» كبيرا في البلاد جميعها في تواصل مع قرارات 25 جويلية، فبعد قرارا الرئيس بتعليق نشاط مجلس نواب الشعب وإعفاء حكومة هشام المشيشي والإقالات والتغييرات في عدة مناصب عليا وغلق مقرات هيئة مكافحة الفساد ووضع حدّ لكافة المنح والامتيازات لأعضاء مجلس الأعلى للقضاء، أتى الدور اليوم على هذا المجلس الذي اعتبره في «عداد الماضي» رغم أن هذا الإعلان كان متوقعا بالنظر إلى انتقاداته وهجومه المتواصل ضدّ القضاء إلا أنه أسال الكثير من الحبر وبات في الـ48 ساعة الأخيرة حديث الجميع.
غياب أية آلية دستورية أو قانونية
قُوبل توجه الرئيس بحلّ المجلس الأعلى للقضاء بالرفض من قبل بعض الأحزاب السياسية، على غرار التكتل والتيار الديمقراطي والجمهوري، أكدت تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية بعد تدارسها بصفة طارئة لتصريحات رئيس سلطة الأمر الواقع ليلة السادس من فيفري من مقر وزارة الداخلية، وأعلنت عن رفضها لإعلان قيس سعيد عزمه على حلّ المجلس الأعلى للقضاء ودعوته سائر القضاة والأحزاب الديمقراطية والمنظمات المدنية للتصدي «لهذه المحاولة المفضوحة لإخضاع القضاء لسلطة الانقلاب». كما ذكرت بغياب أي آلية دستورية أو قانونية تجيز لقيس سعيد حل المجلس كما توعد بذلك. واستهجنت التنسيقية وفق بيان مشترك الخطاب المتشنج الذي ما فتئ يعتمده قيس سعيد وتحريض مناصريه على مؤسسات الدولة في استنساخ لممارسات ما يسمى «لجان حماية الثورة» ورفضها لتوظيف ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد كما استغلت قبلها الاحتجاجات المشروعة للمواطنات والمواطنين لتنفيذ مشروعه الشخصي وتركيز حكم فردي خارج التاريخ وبعيد عن الاستحقاقات الحقيقية للثورة في العدالة والكرامة.
استقلال السلطة القضائية
وشددت التنسيقية على أن استقلال السلطة القضائية يبقى شرطا أساسيا لتحقيق العدالة وضمان الديمقراطية وطمأنة المستثمرين ودعم جهود تمويل ميزانية الدولة وعلى أن الإصلاح الحقيقي للقضاء الذي لازالت الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية تطالب به يكون بتحريره من مختلف الضغوطات والولاءات لا بإخضاعه لسلطة الشخص الواحد. هذا وعبرت التنسيقية عن تمسكها بكشف الحقيقة كاملة في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي دون تدخل سياسي ولا توظيف أو تباطؤ باعتبار ذلك استحقاقا وطنيا لا يمكن أن يخضع للمساومة.
إصدار بطاقة جلب
من جهته، أعلن مؤسس حزب التيار الديمقراطي والوزير السابق محمد عبو عن تقدمه بشكاية لدى وكيل الجمهورية بمحكمة تونس 1 ضد رئيس الجمهورية، وطالب عبو وفق نص الشكاية التي نشرها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي وكيل الجمهورية بتطبيق القانون دون أي حساب آخر و أن يترك لغيره القيام بواجبه أو الامتناع عنه حتى يأتي وقت الحساب ، كما دعا القضاة إلى الإضراب بقوله «أضرب القضاة سابقا لشهرين من أجل طلب مشروع وكانت الوسيلة غير مشروعة..اليوم الغاية والوسيلة مشروعتان». وتابع قوله « الذين صدقوا أن حل المجلس الأعلى للقضاء سيصلح القضاء في حين أن قيس سعيد لم يحل إلى المجلس عن طريق التفقدية ملفات فساد قضاة وقائمة ممتلكاتهم التي قال منذ يومين في وزارة الداخلية أنه والداخلية يعرفانها، هم نموذج للمواطنين الذين يصدقون أي شيء والذين يصوتون منذ سنوات لكل أصناف المتحيلين ثم يشتكون من التخلف والفقر والبطالة وانتهاكات الحقوق..بمثلهم لن يحكمنا إلا الفاسدون أو الشعبويون أو المرضى ..قيس سعيد أردنا منه فرض سلطة القانون على الجميع بإجراءات استثنائية محددة في الزمن فأصبح يشكل خطرا على البلاد». ودعا وكيل الجمهورية إلى الإذن بتقديم المشتكي به أو إصدار بطاقة جلب في شأنه ثم فتح بحث تحقيقي ضده وضد كل سيكشف عنه البحث.
قلق من تطوّر الوضع في تونس
توجه الرئيس إلى حلّ المجلس الأعلى للقضاء لم يحدث فقط ردود أفعال وطنية بل دولية كذلك ولعلّ الساعات القادمة ستحمل المزيد، حيث عبّر ممثل السياسة الخارجية في الاتّحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن قلقه من قرار رئيس الجمهورية، وشدد على أهمية استقلال القضاء، وقالت نبيلة مصرالي المتحدّثة باسم بوريل»إنّنا نتابع بقلق تطوّر الوضع في تونس، بما في ذلك ما أعلنه رئيس الجمهورية أخيراً عن حلّ المجلس الأعلى للقضاء». وأضافت «مع كامل احترامنا لسيادة الشعب التونسي، نذكّر مجدّداً بأهمية الفصل بين السلطات واستقلال القضاء باعتبارهما عنصرين أساسيين لديمقراطية البلاد واستقرارها وازدهارها». وحذرت مصرالي من أن «مثل هذه الإصلاحات، مهما كانت مهمة وضرورية، يجب أن تكون نتيجة لعملية شاملة وشفافة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115