خاص: الباروميتر السياسي لشهر ديسمبر 2021: منسوب التفاؤل يتراجع بحوالي 30 نقطة في شهرين ويتعادل لأول مرّة منذ 25 جويلية مع منسوب التشاؤم

• 47 ٪ تونس تسير في الطريق الخطإ
• تراجع منسوب الثقة الكبيرة بـ 4 نقاط لقيس سعيّد و 3 نقاط لنجلاء بودن

خماسي الطليعة


قراءة وتحليل زياد كريشان
الباروميتر السياسي لشهر ديسمبر 2021 الذي تعدّه سيغما كونساي بالتعاون مع جريدة المغرب» يكشف لنا عن ثلاث معطيات أساسية :
-تراجع هام ومستمر في مؤشر التفاؤل عند التونسيين : 6 نقاط خلال الشهر الأخير و28 نقطة مقارنة بأكتوبر و30 نقطة مع شهر أوت
-تواصل تراجع منسوب الثقة الكبيرة في قيس سعيد (4 نقاط خلال هذا الشهر ) مع بقائه في مستوى مرتفع إلى حدّ الآن : %62 من الثقة الكبيرة و%84 من منسوب الثقة الإجمالي (ثقة كبيرة + ثقة إلى حدّ ما)
-غلبة الاهتمامات الاقتصادية والاجتماعية عند عموم المواطنين
-تواصل الرفض القوي لأهم رموز النهضة وحلفائها

من أهم نقاط الباروميتر السياسي لشهر ديسمبر 2021 الذي تعده مؤسسة سيغما كونساي بالتعاون مع جريدة «المغرب» تواصل تراجع منسوب التفاؤل إلى ما دون النصف (%46 متفائلون مقابل %47 من المتشائمين ) بعد أن حلق فوق %70 في الأشهر الثلاثة الأولى التي عقبت 25 جويلية 2021 (%77 في أوت 2021) وهذا التراجع المستمر يعكس ما نلاحظه بوضوح في الميدان وهو غلبة الحيرة وحتى خيبة الأمل عند جزء هام من المواطنين الذين استبشروا بالقرارات التي أعلنها رئيس الدولة منذ حوالي خمسة أشهر..
ليس هنا مجال تحليل عناصر تراجع التفاؤل هذا ولكن سيكون من المفيد جدّا الوقوف عند نسبتي التفاؤل والتشاؤم لدى مختلف شرائح المجتمع .

• في سوسيولوجيا التفاؤل / التشاؤم
لأول مرّة منذ فترة طويلة تكاد تتعادل فيها نسبتا التفاؤل (%46.3) والتشاؤم (%46.3) في البلاد ولكن مختلف جهات البلاد لا تتساوى في هذا .
يمكن أن نقول أن ولايات تونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) والشمال الشرقي (بنزرت وزغوان ونابل) والجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي) هي في المعدل الوطني العام إذ يتساوى فيها – بصفة إجمالية – منسوبا التفاؤل والتشاؤم .
ولايات الوسط الغربي (سيدي بوزيد والقيروان والقصرين) هي الأكثر تفاؤلا بنسبة %57 الذين يرون أن البلاد تسير في الطريق الصحيح مقابل %34 يعتبرون أنها في الطريق الخطإ ولعلنا هنا أمام احد ارتدادات اعتبار أن 17 ديسمبر هو العيد الوطني الفعلي والوحيد للثورة التونسية وهو ما يجعل مواطنين هذه الولايات يعلقون آمالا كبيرة على القرارات الرئاسية المنتظرة ليوم 17 ديسمبر الجاري .
أما في بقية الجهات فالتشاؤم هو الغالب عليها بصفة نسبية في الشمال الغربي (باجة وسليانة وجندوبة والكاف) حيث نجد %50 من المتشائمين مقابل %47 من المتفائلين وبصفة واضحة في صفاقس (%56 من المتشائمين مقابل %40 من المتفائلين ) والأكيد أن الأوضاع البيئية الكارثية لهذه الولاية تفسر إلى حد كبير غلبة التشاؤم عليها ،أما الجهة الأكثر تشاؤما فهي ولايات الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين) حيث تكون نسبة المتفائلين في حدود %37 مقابل %57 من المتشائمين والواضح هنا أن الوجود القوي نسبيا لحركة النهضة في هذه المناطق بالذات بالإضافة إلى انتظارات تنموية وبيئية هو الذي يفسر هذا الارتفاع الهام في منسوب التشاؤم .

- جندريا لا وجود لفوارق هامة بين الجنسين مع غلبة طفيفة للتفاؤل عند النساء .
-اجتماعيا يغلب التشاؤم بوضوح عند الطبقة المرهفة وبدرجة اقل عند الطبقة الوسطى السفلى بينما يغلب التفاؤل نسبيا عند الطبقة الوسطى العليا وخاصة عند الطبقة الشعبية .
- النسبة الأعلى والاهم في التشاؤم نجدها عند الشباب (18-25 سنة) حيث تتجاوز الثلثين (%68.1) مقابل %31.9 فقط من المتفائلين ونحن هنا نتحدث عن الشريحة العمرية التي راهنت أكثر من غيرها – على قيس سعيد وصوتت له بكثافة في 2019 ولكنها لا ترى في القرارات المتخذة ما يطمئنها الى حدّ الآن .
على قدر ما تقدّم التونسي في السن يزداد تفاؤله ليبلغ مداه عند الذين تجاوزا الستين (%54 من المتفائلين مقابل %39 من المتشائمين ) .

- عندما ننظر إلى العامل المعرفي (المستوى التعليمي) نرى أن التفاؤل يتراجع كلما تقدم المواطن في مدارج التعليم .
في المحصلة يمكن أن نقول أن نموذج المتفائل هو إمرة من الوسط الغربي تجاوزت الستين وهي من الطبقة الشعبية وحظها من التعليم قليل بينما يكون المتشائم شابا من الجنوب الشرقي من الطبقة المرفهة ومن ذوي مستوى التعليم العالي ..
نحن هنا أمام صورتين نمطيتين لا تعكسان الواقع بتعقيده ولكنهما تقدمان لنا صورة أولوية على أهمية المحددات الاجتماعية والجهوية والجيلية والمعرفية في نفسية ومواقف سائر المواطنات والمواطنين .

• أولويات الحكومة حسب المواطنين
اللافت للنظر في هذه الدفعة من الباروميتر السياسي أن ما ينتظره المواطنون من الحكومة واضح وجلي : تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بمقاومة البطالة والفقر وتحسين القدرة الشرائية أساسا وبعد ذلك تأتي الأولويات الصحية والتربوية وتأتي أولوية مقاومة الفساد في المرتبة السادسة والاستقرار السياسي في المرتبة الأخيرة .الرسالة هنا واضحة نريد تحسين ظروف حياتنا الاقتصادية والاجتماعية أساسا وقبل أي إصلاح آخر ..وهذا يبين لوحده البون الشاسع اليوم بين الزمن السياسي وأولوياته وأولويات عموم الناس .

الثقة الكبيرة في الشخصيات السياسية :
تواصل تراجع الثقة في قيس سعيد (4 نقاط) ونجلاء بودن (3 نقاط)

نؤكد هنا مرة أخرى أننا نعتمد بصفة شبه أساسية مؤشر الثقة الكبيرة أو الثقة الكلية ، لا الثقة بشكل عام (اي مجموع الثقة الكبيرة مع الثقة النسبية ) وذلك لان الثقة الكبيرة هي التي تعكس مدى انخراط المواطن وتمسكه بشخصية ما .
في هذا المؤشر يواصل رئيس الجمهورية التحليق عاليا بـ%62 (%84 من الثقة العامة: %62 من الثقة لكبيرة + %22 من الثقة النسبية) كما تستفيد رئيسة الحكومة نجلاء بودن نسبيا من هذا الزخم فتحتل المرتبة الثانية بـ%32 من الثقة الكبيرة وذلك رغم خسارة هذا الثنائي لبعض التفاؤل (4 لسعيد و3 لبودن ) خلال هذا الشهر .

عبير موسي زعيمة الدستوري الحر تربح نقطتين وتنفرد بالمرتبة الثانية ب%20 من الثقة الكبيرة (%47 إجمالي الثقة ) ويختم خماسي الطليعة كل من صافي سعيد وعبد اللطيف المكي بـ%18 لكليهما .
اللافت للنظر هنا أن رئيس الدولة قد خسر في أربعة أشهر 20 نقطة من الثقة الكبيرة (%82 في أوت مقابل %62 في ديسمبر) كما أن منسوب الثقة الإجمالي فيه كان بـ%94 في أوت مقابل %84 في ديسمبر ولعل الأهم هو أن %3 كانوا لا يثقون فيه مطلقا في أوت وأصبحوا اليوم في ديسمبر %10..

الخلاصة أن الثقة الكبيرة مازالت مرتفعة في قيس سعيد ولكنها بصدد التآكل المستمر وهي مرشحة لمزيد التآكل إذا غابت الحلول العملية الاقتصادية والاجتماعية لإخراج البلاد من أزماتها المتفاقمة.

• الانعدام الكلي للثقة في السياسيين :
الغنوشي وحلفاءه هم الأبعد عن قلوب التونسيين

عندما نطالع مرّة أخرى مؤشر الانعدام الكي للثقة في الشخصيات السياسية نرى دوما حالة رفض عامة لأهم رموز ما قبل 25 جويلية أو بالأحرى راشد الغنوشي رئيس النهضة
و رئيس البرلمان المعلقة اختصاصاته بـ%86 من الرفض الكلي وهو متبوع بحلفائه : %79 لنبيل القروي و%78 لسيف الدين مخلوف و%73 لكل من المنصف المرزوقي وهشام المشيشي .
العنصر الأساسي هنا هو أن التآكل النسبي للثقة الكبيرة في رئيس الدولة لم تعد بالنفع على اهم رموز ما قبل 25 جويلية وهذا ما سيفتح الباب موضوعيا أمام عروض سياسية مغايرة سواء تمثلت في الدستوري الحر أو في هذا الخط الثالث الذي يدعو الاتحاد العام التونسي للشغل تأسيسه .

• غدا : سبر أراءا نوايا التصويت في التشريعية والرئاسية
الجذاذة التقنية للدراسة:
• العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 725 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
• تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
• طريقة جمع البيانات: بالهاتـــف

CATI) Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
• نسبة الخطأ القصوى: %3،6.
• تاريخ الدراسة: من 7 إلى 10 ديسمبر 2021

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115