الطبوبي في الذكرى 69 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد: تحذيرات شديدة ودعوة إلى لقاء وطني يؤسس إلى توجه ثالث عنوانه «الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية»

رسائل عديدة وتحذيرات وانتقادات شديدة ولاءات رفعها الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أمس في خطابه بمناسبة

إحياء الذكرى 69 لاغتيال الشهيد الرمز والزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، خطاب تحدث خلاله على امتداد قرابة الساعة عن معارك الاتحاد وحملات التشويه التي طالته وعن الوضع القائم في البلاد وخاصة بعد إجراءات 25 جويلية من ضبابية سياسية وعطالة اقتصادية واحتقان اجتماعي كما تحدث عن الخطى التي قام بها الاتحاد وسيقوم بها في مسار الإصلاح، خطاب عاد من خلاله إلى تعطل لغة الحوار والتجاذبات السياسية والضغوطات الخارجية المسلطة، كما أكد من خلاله على حرص الاتحاد على التشاور مع المنظمات وشخصيات وطنية ثابتة من أجل الدعوة إلى لقاء وطني يؤسس إلى توجه ثالث عنوانه « الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية».
أكد الطبوبي في خطابه المطول في ساحة القصبة أن لُغة الحوار تعطّلت وسط تراجع منسوب الثقة إلى أدنى مستوياته، وأضحى التنافر سيّدَ الموقِف، مشددا على أن كل المؤشّرات تُومِضُ أحمرَ مُنذِرَةً بخطر داهم كانت وليدة سياسات فشل متراكمة عبر السنين، مشددا على أن الحكومة تحتاج إلى رؤية معلَنَةً وبرنامج واضح حتّى لا تقع كسابقاتها في الارتجال والتذبذب، مشيرا إلى أن نفس الإشكاليات ما زالت مطروحة وتحتاج إلى وقت لمعالجتها من بطالةٌ مستفحلة وفقر ضارب في أعماق البلاد، ومشاريعُ استثمارية معطّلة أو تمّ تحويل وجهتها، وملفّات قضائية معلَّقة أدخلت الشكّ في استقلالية القضاء وسلطان القانون.
خارطة طريق وسقف زمني
أكد نور الدين الطبوبي أن الاتحاد مازال مؤمنا بأن تدابير 25 جويلية يمكن أن تكون طريقا للخروج من النفق الذي تمر به البلاد منذ عشر سنوات شرط أن تكون مرفوقة بخارطة طريق واضحة وسقف زمني, محذرا من أن يتم تحويل هذه التدابير إلى غنيمة، مشددا على إنّ بناء الديمقراطية واستكمال مسارها لا يستقيم دون وسائل ديمقراطية ودون تطوير ثقافة الحرية والمواطنة ومن أهمّ هذه الوسائل الفصل بين السلطات، وتنقيح القانون الانتخابي، ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها تكون ديمقراطية وشفّافة ومراجعة مجلة الجماعات المحلية والقوانين المنظمة للهيئات الدستورية في مقدمتها الهيئة المستقلّة للانتخابات، وتفعيل دور الهيئات الرقابية وإيجاد الصيغ الكفيلة بضمان بعث محكمة دستورية مستقلّة فعليا وغير خاضعة للتّأثيرات السياسية.
توسيع التشاور لتنظيم لقاء وطني
وأضاف أن الاتحاد حريص على القيام بخطى استباقية في مسار الإصلاح بتشكيل لجان للنظر في هذه التعديلات كما أنه عازم توسيع التشاور بالتنسيق مع الأطراف والمنظّمات التي نتقاطع معه في الثوابت والمبادئ للدعوة للقاءٍ وطنيٍّ يؤسس لتوجه ثالث عنوانه « الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية » بمعيّة شخصيّات وطنيّة ثابتة، ليشدد على أن الدولة قبل الأشخاص وقبل المناكفات والغوغائية، قائلا «التونسيات والتونسيون لا يطالبون اليوم بالكثير.. هم يريدون فقط توضيح الرؤية والوجهة العامة للبلاد.. هم يريدون استعادة الثقة بخصوص إدارة الشأن العام.. هم يريدون استعادة الأمل والاطمئنان على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.. التونسيات والتونسيون يرفضون العودة إلى ما قبل 25 جويلية، لكنّهم يعتبرون أنّ من حقّهم معرفة الطريق الذي ستسير نحوه البلاد، ومن حقّهم مساءلة أيّ مسؤول بشأن ما يعتزم القيام به في إطار المسؤولية المنوطة بعهدته».
الاتحاد مستعد للمعركة الوطنية
وفق الطبوبي فإن الاتحاد لن يسمح بتدمير الدولة وسيدافع عنها كلفه ذلك ما كلفه، مشددا على أن الشعب سيناضل من أجل تعديل بوصلة الخيارات الوطنية لا الخيارات الشخصية، فالشعب التونسي شعب واحد وأن التاريخ لا يعيد نفسه ولكن الاتحاد مستعد لهذه المعركة الوطنية، ليوجه عدة تحذيرات، تحذير من توظيف الوضع الاستثنائي لتحويل البلاد إلى غنيمة ، تحذير من التنكّر للاتفاقيات المبرمة ومن التذرّع بجائحة كورونا للالتفاف على حقوق العمّال إلى جانب التحذير من غضب الشارع وخطر توظيفه وتغذية النعرات البدائية كالجهوية والعشائرية لبث الفتنة والتفرقة وتحذير من خطاب الكراهية وبث الإشاعات والاستخفاف بما يجري في المؤسسات التربوية وتدمير المرفق العمومي لغاية التسويق لخوصصته، كما حذر الطبوبي من الاستقواء بالأجنبي والاصطفاف وراء المحاور الإقليمية والجيوسياسية، كذلك من فشل تجربة 25 جويلية ومن تعطيل تحوّلها إلى مسار تصحيحي.
التمسك بالمفاوضات الاجتماعية
سيستمر الاتحاد وفق أمينه العام في الدعوة إلى حوار وطني حول المنوال وسيستميت في الدفاع عن المؤسسات العمومية وفي التصدّي لكلّ محاولات التفويت فيها مهما كان العنوان إلى جانب مقاومة كلّ أشكال العمل الهشّ مع التعجيل بفتح حوار وطني حول الأمن الغذائي والعمل على التعجيل بإصدار الأوامر والمناشير التي تنظّم الاقتصاد التضامني والاجتماعي والعمل على إدماج الاقتصاد غير المنظّم في الدورة الاقتصادية وإصلاح منظومة الصحّة العمومية ومنظومة الحماية الاجتماعية في مقدّمتها الصناديق الاجتماعية إضافة إلى العمل على تفعيل الاتفاقيات والقرارات ذات العلاقة بالتشغيل والرفع في الأجر الأدنى المضمون وإيجاد آلية دورية ودائمة لتعديله وفتح المفاوضات الاجتماعية في جانبيها المادي والترتيبي وفي آجالها ووفق ما تمّ عليه الاتفاق في اجتماع مكتبنا التنفيذي الوطني مع الحكومة من أجل الزيادة في الأجور . هذا وأعلن عن توقيع اتفاق الزيادة في أجور القطاع الخاص في الأسبوع المقبل.
استقلالية القضاء
واعتبر الطبوبي أن عدم البت في بعض الملفّات القضائية أدخل الشكّ في استقلالية القضاء وسلطان القانون ذاكرا منها قضية الجهاز السرّي وقضيتيْ اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقضايا اغتيال الأمنيين والعسكريين والمدنيين وقضايا الإرهاب وقضيّة الرشّ في سليانة، ليشدد على تمسك الاتحاد باستقلال القضاء رغم أنه كان ضحية لبعض قراراته في علاقة بالقرار الابتدائي بإبطال المحكمة الابتدائية بتونس لقرار المجلس الوطني الداعي إلى مؤتمر استثنائي غير انتخابي لكن الاتحاد متمسك بالدفاع عن استقلاليته وقد شرع في الإعداد لمؤتمره العادي الخامس والعشرين حسب قوانينه. ودعا إلى تفعيل تقريريْ محكمة المحاسبات والتفقدية العامة لوزارة العدل بخصوص الجرائم الانتخابية وجرائم الفساد والإرهاب والتسفير والاعتداءات.
حوار وطني صريح
كما أكد الطبوبي أن الاتحاد أصبح -اليوم- يخشى على مكاسب الشعب من مآلات تراتيب 25 جويلية لا بسبب تعليق العمل بأحكام الدستور أو تعليق عمل البرلمان وحل الحكومة بل بسبب التردد المبالغ فيه في ضبط سقف زمني للمرحلة الاستثنائية وضبط خارطة طريق واضحة في شكل إجراءات عملية بما ينهي الضغوطات الخارجية ويفشل ما تحوكه اللوبيات الداخلية من أحابيلَ ويساعد على إعادة بناء الثقة من جهة وعلى حرية الحكم لتلك الخارطة أو عليها في إطار حوار وطني صريح يجمع كلّ القوى الحريصة على السيادة الوطنية والمؤمنة بدولة الاستقلال والمتمسّكة بقيم الحرية والتقدّم الاجتماعي وبالحريات الفردية والجماعية والعدالة الاجتماعية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115