من الصراعات الداخلية والانقسامات إلى ملف «اللوبييغ» والقطيعة التامة مع قيس سعيد: حركة النهضة بين تشديد «الحصار» عليها من كافة الجهات والتمسك بـ«معارضة» الرئيس

لازالت حركة النهضة تبحث عن مخرج لاحتواء أزمتها الداخلية بعد موجة الاستقالات التي شهدتها في الفترة الأخيرة لأبرز قياداتها وتوجه المستقيلين

منها إلى تأسيس حزب جديد، ويدرك رئيس الحركة راشد الغنوشي جيدا أن الحركة قد خسرت موقعها في البلاد وفقدت شعبيتها كما انه خسر موقعه في مجلس نواب الشعب بعد قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد تعليق كافة اختصاصات البرلمان، ورغم ذلك لا زالت ترفض وتنبه وتندد وتستنكر وتعارض ما يقوم به رئيس الجمهورية وخاصة «الحكم الفردي» حسب تعبيرها، ويبدو أن الحصار قد اشتدّ على الحركة من كل الجهات سيما أمام تواصل القطيعة التامة بين سعيد والغنوشي إلى جانب التطورات الحاصلة في ملف «اللوبييغ» ، ولم تجد الحركة إلا البيانات من أجل التعبير عن رفضها لسياسات رئيس الدولة.
في الوقت الذي يتمسك فيه رئيس الجمهورية بمواصلة العمل بالتدابير الاستثنائية طالما أن الخطر الداهم مازال موجودا، تصرّ حركة النهضة على موقفها وتشدد في بيان صادر عنها أمس والذي حمل إمضاء رئيسها راشد الغنوشي على أن وتيرة الإجراءات الرامية إلى تكريس الحكم الفردي المطلق بعد إلغاء الدستور والبرلمان ومساعي تطويع القضاء تتصاعد بالتوازي مع الإصرار على نشر خطابات تقسم التونسيين وتُحرّض بعضهم على بعض وتقوّض الأسس التي جمعت التونسيين وعلى رأسها ثقافة المواطنة والوحدة الوطنية واحترام القانون وتحكيم القضاء واعتماد الحوار بديلا عن العنف والإقصاء، واعتبرت في ذات البيان أن هذه الإجراءات والخطابات قد اتخذت مسارا متسارعا من تحريض وتجييش ينبئ بالفتنة والاحتراب بين أبناء الشعب الواحد.
رفض هيمنة رئاسة الجمهورية
ذكرت حركة النهضة برفضها المبدئي لمحاولات هيمنة رئاسة الجمهورية على كل السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية وتقويض أسس النظام الجمهوري الديمقراطي القائم على الفصل بين السلط والتوازن بينها وتعاونها ضمانا لوحدة الدولة والمجتمع وحماية الديمقراطية والحقوق وتثبيتا للعدل والمساواة، وفق ذات البيان، لتنبه من خطورة المحاولات الرئاسية المتكررة للضغط على السلطة القضائية ومؤسساتها وعلى رأسها المجلس الأعلى للقضاء، مشددة على أن إصلاح القضاء مسار تنهض به المؤسسات القضائية وتعضدها السلطة التشريعية بالقوانين والسلطة التنفيذية بتوفير المستلزمات والظروف وباحترام استقلال القضاء، وليس بمحاولات التدخل فيه للتطويع أو التوظيف. هذا وعبرت الحركة عن رفضها لسياسة الضغوط المسلطة على أصحاب الرأي المخالف وتوظيف بعض الهيئات التعديلية للتضييق على حرية التعبير، من ذلك غلق بعض المؤسسات الإعلامية كقناة نسمة وقناة الزيتونة وتهديد قناة حنبعل بما يحيل عددا كبيرا من الصحفيين والفنيين والعاملين على البطالة بدل تسوية وضعياتها في كنف احترام القانون وحرية الإعلام.
الاحتكام إلى القانون والقضاء
في سياق آخر وفي نفس البيان، نددت الحركة بحادثة الاعتداء على الكاتب العام المحلي لحركة النهضة بالعلا سيف الدين الزرقاني من قبل أحد أنصار قيس سعيد، واعتبرت أن هذه الحادثة وما سبقها والخطابات المشحونة بالعنف الصادرة خاصة عن ما يسمى بالحشد الشعبي والتنسيقيات نتيجة طبيعية لما يصدر عن الرئاسة من خطابات التخوين والتجييش التي بلغت أوجها في تحريض جزء من التونسيين على بعضهم كما ورد في اجتماع الخميس 28 أكتوبر الجاري من دعوة خطيرة للتطهير. وأعلنت عن رفعها لقضية ضد ما وقع من اعتداء على الكاتب العام المحلي للحركة، وأهابت بكافة المواطنين لعدم مجاراة دعوات الفتنة والاحتراب أيا كان مصدرها وإلى التزام الاحترام ومقتضيات العيش المشترك وإلى الاحتكام إلى القانون وإلى القضاء كلّما دعت الحاجة. كما ختمت بيانها باستنكارها لما يتعرض له المساعدون البرلمانيون من تنكيل وتجويع بعد قطع جراياتهم، على غرار ما فُعِل بنواب الشعب، بما حرمهم وعائلاتهم حتى من حق العلاج وطالبت بوضع حد لهذه المظلمة.
«تحصين» ما تبقى لها
وجدت حركة النهضة نفسها بعد قرارات 25 جويلية في صراع مستمر لا مع قياداتها الحالية أو السابقة بل مع رئيس الجمهورية كذلك والمساندين له ومع ناخبيها سيما بعد تآكل قاعدتها الانتخابية وخسارة موقعها خاصة في الحكم وأيضا الانقسامات والانشقاقات التي عرفتها بعد هذا التاريخ وتوجه المجموعة التي استقالت إلى تكوين حزب جديد تحت غطاء «النهضة 2» وسيتولى رئاسة هذا الحزب -على الأرجح- عبد الفتاح مورو ، وستتوضح كافة التفاصيل في الأيام القادمة، وأمام هذه التطورات واشتداد «المحاصرة» على الحركة، لم يبق لها إلا «تحصين» ما تبقى لها من شعبية انتخابية لتفادي النهاية التامة مثلما حصل مع أحزاب كانت موجودة في الحكم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115