إثر بيان مجلس إدارة البنك المركزي رئيس الجمهورية يلتقي المحافظ: البحث عن احتواء أزمة المالية برسائل طمأنة

بعد ساعات من صدور بيان مجلس ادارة البنك المركزي وما تضمنه من دلائل على الخطر الذي أصاب البلاد وبات يقودها الى الافلاس والانهيار القريب،

دعت الرئاسة محافظ البنك ليلتقيه الرئيس، ولم يتركه إلا وقد قدم له وفق المحافظ خطابا وتصورا هدأ من مخاوف البنك.

لم تنشر الرئاسة مضمون الكلمة التي توجه بها الرئيس قيس سعيد الى محافظ البنك المركي مروان العباسي الذي التقى به يوم أمس سبب اللقاء وفق الاعلان الصادر من الرئاسة تسلم الرئيس للتقرير السنوي للبنك سنة 2020 من قبل المحافظ. لا مضمون البلاغ الصادر عن مجلس ادارة البنك المركزي الصادر يوم الاربعاء الفارط.
قالت الرئاسة في بلاغها الخاص باللقاء: «انه خُصّص للاطلاع على الوضع الاقتصادي والمالي في تونس والإصلاحات الضرورية» مع الإلحاح على ان تكون «بالتوازي مع الإصلاحات السياسية لتحقيق التنمية». بلاغ قال ايضا ان اللقاء نظر في ملفات أخرى تتعلق بالمالية العمومية والدين العمومي والجهود المبذولة من كل الأطراف لإعداد قانون المالية التكميلي لسنة 2021 وقانون المالية لسنة 2022.
وترك امر التحذير الذي اطلقه مجلس ادارة البنك المركزي الى الفقرة الاخيرة من البلاغ لتقع الاشارة الى انه وبمناسبة اللقاء تم «بحث التصوّرات الممكنة للخروج من الأزمة» و مناقشة علاقات تونس مع الهيئات الدولية المانحة في الفترة القادمة.

هذا البيان عقبه نشر تسجيل فيديو للقاء لم يتجاوز الدقائق الثلاثة لكن هذه المرة لم يحمل كلمة الرئيس بل كلمة المحافظ الذي قال ان لقاءه مع الرئيس تطرق للحديث عن علاقة تونس بالمؤسسات المالية الدولية، واشار الى ان الرئيس سعيد اعلمه بان تونس تتعامل مع هذه المؤسسات بمقاربة ندية وجدية.

ليقول لاحقا انه أثناء نقاشه مع الرئيس وقع التطرق الى رسم خطط للمرحلة القادمة تتضمن برامج وخططا لاصلاحات اقتصادية ومالية مقبولة وعرضها على المؤسسات المالية كصندوق النقد الدولي بهدف الوصول الى اتفاق على قاعدة الربح المشترك. ليختم كلمته بالقول بانه اعلمه بان العديد من اصدقاء تونس سيقفون معها في هذه المرحلة اضافة الى ان لديه قناعة بان الفاعلين الاقتصاديين في تونس سيقفون مع وطنهم.
هذا هو الحديث الرئيسي ليوم امس، لقاء جمع رئيس الجمهورية بمحافظ البنك المركزي ساعات بعد صدور بيان اجتماع مجلس الادارة واشارته الى «الشح الحاد في الموارد المالية الخارجية مقابل حاجيات هامة لاستكمال تمويل ميزانية الدولة لسنة 2021». أي انه اعلن بشكل غير مباشر ان الدولة في حالة عجز عن تعبئة احتياجاتها المالية الضرورية لختم موازنة 2021 .
اقرار بان تونس تواجه صعوبات اعتبر البيان أنها ناجحة عن «تخوّف المقرضين الدوليين في ظل تدهور الترقيم السيادي للبلاد وغياب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي» وهذا بمثابة صيحة تحذير من خطر انهيار المالية العمومية وهو ما يتأكد اكثر في تشديد البيان على ضرورة تفادي التمويل النقدي للميزانية، أي اصدار اوراق مالية جديدة.

تحذيرات البنك واشارته الى الوضع الصعب للمالية العمومية، بمثابة دق الجرس السابق للكارثة، والتي لا يمكن تفاديها الا بـ«تفعيل التعاون المالي الثنائي» لتعبئة موارد مالية لما تبقى من السنة الحالية مع ضرورة الاسراع باستئناف التفاوض مع صندوق النقد بهدف الوصول الى اتفاق يجنب البلاد مخاطر عدة ستكون تداعياتها أثقل على مستوى التضخم والاحتياطي من العملة الأجنبية وعلى إدارة سعر صرف الدينار، والمساس باستدامة الدين العمومي.

يبدو أن ذلك كان سبب اللقاء الفعلي بين الرئيس ومحافظ البنك، فالرئيس وان ليم يقع نشر كلمته الموجهة إلى ضيفه الا ان اثارها تستشف من كلمات المحافظ بعد نهاية اللقاء، فمروان العباسي غادر لقاءه ليعلن بشكل ضمني غير مباشر ان الرئاسة طلبت ومن خلفه البنك المركزي بتهدئة المناخ وتقديم خطاب مطمئن للشارع التونسي وللخارج.
كما قدمت له ما قال عنه العباسي نوايا دعم تونس من قبل اصدقاءها، في تلميح الى الهبات او القروض الثنائية التي وقع التطرق اليها في في لقاءات سابقة عقدها رئيس الجمهورية مع وفود خليجية زارت تونس منذ 25 جويلية2021.

ما نحن امامه اليوم، ورغم محاولات تقديم خطاب مطمئن، هو خطر افلاس الدولة الذي سيكون حتميا، فعجزها عن تعبئة موارد مالية لاستكمال نفقات 2021 والتزاماتها المالية ليس الخطر الاكبر، فيمكن تحقيق بعض التقدم هنا، اما بالاعتماد على السوق الداخلية للاقتراض او على التعاون الثنائي الذي قد يكون مرتبطا بشروط سياسية.
الخطر هو ان يستمر الحال على ما هو عليه وان يؤثر السياسي الذي طالما كان الاولوية على الاقتصادي والمالي، فنصل الى سنة 2022 بذات المؤشرات والازمات، وهذا إذا تم فان البلاد ستكون امام خيارات محدودة، إما القبول بان ترتهن قراراها السيادي مقابل «الدعم المالي» او الخروج الى السوق الدولية والاقتراض بشروط مجحفة بنسب فائدة عالية دون فترات امهال وقروض على اجال قصيرة، أي ان تغامر بترحيل ازمتها وتعقيدها اكثر.

المخرج الوحيد والجدي للبلاد هو الانطلاق في الاصلاحات الاقتصادية الكبري التي تأخرت سنوات بسبب التجاذب السياسي والحسابات الانتخابية وعدم قدرة الاحزاب الحاكمة في الفترة الممتدة من 2012 الى 2021 من التقاط مطلب «المنجز الاقتصادي» للثورة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115