بعد شهرين من الانتظار...تكليف نجلاء بودن بتشكيل الحكومة: نصف الطريق قطعت في انتظار الإعلان عن حكومة «التدابير الاستثنائية»

بعد أكثر من شهرين من الانتظار، كلف رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس نجلاء بودن رمضان بتشكيل الحكومة المقبلة،

عملا بمقتضيات الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية وخاصة الفصل 16 منه، تكليف رحب به العديد من الفاعلين في الساحة السياسية واعتبروه خطوة إيجابية وفخرا كبيرا لتونس باعتبار أنها أول امرأة تتولى رئاسة حكومة وطنيا وعربيا، قرار التكليف صدر رسميا في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية في انتظار الإعلان الرسمي عن تشكيلة الحكومة التي ستجد نفسها في مواجهة عدة تحديات وملفات ثقيلة ظلت عالقة منذ الحكومات السابقة، وقد باتت الأنظار مشدودة حاليا نحو نجلاء بودن والفريق الحكومي الذي ستختاره الأمر الذي يجب أن يتم في أقرب الأوقات الممكنة وفق تأكيد رئيس الجمهورية لها.
أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه أمس مع المكلفة بتشكيل الحكومة نجلاء بودن في قصر قرطاج أن تونس تعيش اليوم في ظلّ تدابير استثنائية بعد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها طيلة السنوات الماضية وأنه قرر تكليفها بتشكيل حكومة جديدة وسيكون هذا لأول مرة في تاريخ تونس ان تتولى امرأة رئاسة الحكومة الى نهاية التدابير الاستثنائية، قائلا «سنعمل معا في المستقبل بإرادة وعزيمة ثابتتين للقضاء على الفساد والقضاء على الفوضى التي عمت الدولة عديد المؤسسات، هناك صادقون وصادقات يعملون ليلا نهارا لكن هناك من هم على ويعملون على إسقاط الدولة، نحن اليوم نتحمل مسؤولية تاريخية وستكون هذه اللحظة تاريخية بالفعل، أول امرأة تتولى رئاسة حكومة في تاريخ تونس هذا شرف لتونس وتكريم للمرأة التونسية، القادرة على القيادة بنفس النجاح وبرؤية واضحة على قدم المساواة مع الرجل».
التسريع باقتراح أعضاء الحكومة
دعا قيس سعيد المكلفة بتشكيل الحكومة إلى اقتراح أعضاء الحكومة في الساعات أو في الأيام القليلة القادمة حسب الأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية، معربا عن الأمل في أن يكون الفريق الحكومي متجانسا، قائلا «لقد أضعنا من الوقت الكثير ولا بدّ من العمل بسرعة ويجب أن يكون الفريق الحكومي متجانسا ويعمل أولا على مقاومة الفساد كعملية أساسية ومقدمة لكل عمل وسنعمل بكل هوادة على مقاومة الفساد ثم الاستجابة إلى مطالب التونسيين والتونسيات وحقوقهم الطبيعية في التعليم والصحة والنقل وفي حياة كريمة، وفقك الله ووفق الفريق الذي ستقترحينه وأرجو أن يتم ذلك بسرعة حتى نبدأ العمل ونختصر المسافة في التاريخ بعد أن أضاعوا الوقت في الشجار وتحولت عديد المؤسسات إلى حلبات تسيل فيها الدماء، سنعمل في ظل القانون واحترام النصوص القانونية، فهذه اللحظة تاريخية في تاريخ تونس وستكونين أول إمرة تتولى رئاسة الحكومة ولن تكوني عضوا فيها».
تحديات كبرى أمام بودن
تتالت ردود الأفعال مباشرة بعد صدور بلاغ رئاسة الجمهورية وإعلان تكليف نجلاء بودن رمضان بتشكيل الحكومة، بعضها في شكل تدوينات على صفحات التواصل الاجتماعي والبعض الآخر عبر بيانات رسمية وتصريحات، وعلى سبيل الذكر لا الحصر فقد اعتبر القيادي المستقيل من حركة النهضة سمير ديلو في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية تعيين نجلاء بودن رئيسة للحكومة لأوّل مرّة في تاريخ تونس «قرارا يستوجب الإشادة»، مشيرا إلى أن رمزيّة تعيين امرأة في هذا المنصب «الرّفيع» مع تعليق الدّستور وتفرّد رئيس الجمهوريّة بصلاحيّات فرعونيّة، أمر مؤسف، قائلا «استناد تعيينك للأمر 117 يجعل منه مخالفا للدّستور ( المجنيّ عليه )، و من حكومتك: حكومة غير شرعيّة .. ورغم كلّ ذلك أرجو لك النّجاح في خدمة التّونسيّين.. بودن ستجد نفسها أمام تحديات كبرى.. من ذلك أنها ستترأس حكومة بلد يعيش اقتصادها صعوبات كبيرة وماليتها العموميّة في وضع لا يخفى على أحد وشارعها منقسم، ووضع صحي هشّ ولكن كيف لها أن تباشر مهامها رفقة فريقها الحكومي دون نيل الثّقة من مؤسّسة تشريعيّة منتخبة.. الارتياح والفخر بأن تكون تونس سبّاقة دوما كلّما تعلّق الأمر بالتّمكين للمرأة وبتساوي الحظوظ يبقى مشوبا بمرارة أن يكون رئيسة حكومة بلد يعيش انقلابا على الشّرعيّة الدّستوريّة».
خطوة تاريخية
أما حركة تونس إلى الأمام فقد أكدت في بيان لها أن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، أقدم في خطوة تاريخية، على تعيين امرأة وتكليفها بتشكيل حكومة تنتهي مهامها بانتهاء المرحلة الاستثنائية»، مثمّنة هذا التعيين. واعتبرت الحركة أنّ في ذلك دلالات عدّة منها أن هذا التعيين يتناغم وضرورة التّأسيس لمرحلة جديدة تقطع مع منظومة ما قبل 25 جويلية 2021، باعتبار التنمية الفعلية في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لن تكتمل إلاّ بثقافة جديدة من أجل مجتمع متطور من مقاييس تقدمه مـدى تحرّر المرأة فيه. ولاحظت أن أنّ تعيين امرأة على رأس الحكومة، «يُسقط كل حملات التّشكيك في مصير الحريات الفردية والعامة التي من أُسسها حرية المرأة وكذلك في آفاق التّعامل مع مجلة الأحوال الشّخصية».وأضافت أن هذا الاختيار يؤكد الاتّجاه نحو المساواة الفعلية بين الجنسين ويقطع مع الرّؤى السلفية القائمة على الاستنقاص من المرأة ومن كفاءتها وقدرتها على تسيير شؤون البلاد وإدارتها .
حكومة مصغرة
بدورها شددت حركة مشروع تونس على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة مصغرة العدد، يقع اختيار أعضائها بناء على الكفاءة العالية، حتى تكون قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية لتجاوز الأزمة الاقتصادية لتونس، معتبرة أن الفقر وضعف إنتاج الثروة والمديونية وتردي الخدمات العامة والقدرة الشرائية للمواطنين، «قضايا جوهرية». كما أكدت في بيان لها على ضرورة التسريع في فتح ملفات الفساد والإرهاب والاغتيالات والتهريب بكل جدية وإحالتها على القضاء، وكذلك قرارات محكمة المحاسبات ذات الصلة بالانتخابات والتمويل غير المشروع للأحزاب والانتخابات، وإنفاذ القانون على الجميع دون استثناء، حتى لا تتواصل سياسة الإفلات من العقاب، ولا تبقى محاربة الفساد مجرد شعارات .
ارتياح اتحاد الشغل
وفي ذات السياق عبر سمير الشفي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، عن ارتياح المنظمة «لتكليف شخصية بتشكيل حكومة، وهو ما يعدّ مؤشرا إيجابيا في حد ذاته» وأضاف في تصريح لـ«موزاييك أف أم» «كما نسجل بارتياح تكليف رئيسة حكومة إمرأة.. في ذلك رسالة قوية جدا للمرأة التونسية في أن تتحمل مسؤولية على رأس الدولة». وتابع قوله «من المهم اليوم أن تتوفر في رئيسة الحكومة الكفاءة والقدرة على التجميع، وأن تكون لها رؤيا وبرنامج اقتصادي واجتماعي للقضايا الشائكة..على ضوء ذلك سنحدد موقفنا من هذا التكليف». كما أعرب عن أمل الاتحاد في أن تكون رئيس الحكومة المكلّفة «شخصية لها القدرة على صياغة تشاركية لبرنامج إنقاذ لهذه المرحلة الصعبة. وعلى تنفيذ الاتفاقات المبرمة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115