بعد صدور المرسوم الرئاسي 117 ودخول الاحكام الانتقالية حيز النفاذ: الرافضون كثيرون وجبهاتهم متناقضة

مع مرور الساعات منذ صدور الامر الرئاسي عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 و-الذي يمكن ان يختزل في وصفه بـ«الاحكام الانتقالية»-

اتضحت صورة المشهد السياسي في تونس، واساسا جبهة الرافضين لخطوة الرئيس ولئن اعتبر جلهم انها «خروج عن الدستور» إلا أنهم تفرقوا شيعا وجبهات في مواجهتها.

بتصاعد ادخان الابيض من قصر قرطاج واعلان الرئيس قيس سعيد عن خطوته الجديدة المتمثلة في اصدار الاحكام الانتقالية التي وردت ضمن الامر ارئاسي عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية. دخلت البلاد الى مرحلة جديدة من الفرز السياسي الذي باتت «رمانة ميزانه» الموقف من الامر وخطوة الرئيس.
لتتوالى البيانات وتصدر المواقف تباعا من الاحزاب والكيانات السياسية التي انقسمت إلى فريقين داعم للقرارات ومدافع عنها باعتبارها تنزيلا للادارة الشعبية وبين رافض لها لاعتبارت عدة يمكن ان يقع تجميعها تحت خانة «الخروج عن الدستور» ولو جزئيا. وانقسام الطبقة السياسية والحزبية إلى فرق لم يقتصر على من يدعم ومن يعارض. فالمعارضون للقرارات بدورهم انقسموا إلى شيع وجبهات.

واسباب هذه الانقسامات -اساسا- الموقف من التقارب مع حركة النهضة التي لازالت من عناصر المعادلة السياسية وان كان ذلك بشكل سلبي، فهي وباشكال وطرق عدة تحول دون تشكل جبهة واسعة تضم طيف المعارضين لقرارات الرئيس من الاحزاب الوسطية والاجتماعية بل الليبرالية ناهيك عن الحزب الدستوري الحر.
فالنهضة وان وجهت دعوة في بيانها الصادر امس عن المكتب التنفيذي إلى كل القوى الحية السياسية والإجتماعية... «لتوحيد الصف والتعالي عن الخلافات للدفاع عن قيم الجمهورية والديمقراطية وحماية البلاد» تدرك ان دعوتها ستجابه بالرفض وفي افضل الاحوال بوضع شروط قبل الذهاب الى عمل مشترك معها.
لئن كان طيف واسع من الاحزاب يتقاسم مع النهضة اعتبار «القرار الرئاسي تعليقا فعليا للدستور» ويرى فيه نزوعا واضحا نحو حكم إستبدادي مطلق وانقلاب على الشرعية الديمقراطية إلا أنهم لن يتخذوا خيار التقارب مع النهضة او الذهاب الى عمل مشترك طالما ان الحركة لم تقم «بمراجعتها» اي الانطلاق في الإصلاح وابعاد الصف القيادي المتسبب في الازمة والذي قاد الحركة والبلاد طوال السنوات العشر الفارطة.

هذا الشرط هو ما تقدمه احزاب وسطية واجتماعية للنهضة كسبيل وحيد لعمل مشترك معها باستثناء قلب تونس وائتلاف الكرامة اللذين لا يضرهما العمل مع الحركة ، اما البقية وهنا بالأساس جبهة الاحزاب الأربعة وهي التكتل والجمهوري وآفاق تونس والتيار الديمقراطي التي اصدرت امس بيانا مشتركا جاء فيه انها ترفض خروج الرئيس عن الدستور وتطالبه باحترامه لكنها في ذات الوقت ترفض العودة الى ما قبل 25 جويلية.

إذن أعلنت جبهة الاحزاب الوسطية انها ستطلق مشاورات بهدف التقارب مع مثيلتها من الاحزاب الديمقراطية التقدمية والمنظمات الوطنية للتصدي لما اسمته «الانقلاب على الديمقراطية» وهو تصنيفها للأمر الرئاسي وما يترتب عنه.
اتفاق جل الاحزاب وخاصة البرلمانية على ان الامر الرئاسي عدد 117 مخالف للدستور وآنه اعلان عن تعليقه والخروج منه. لا يعنى ان جميعها ستتقاطع في خطط مجابهة التمشي الرئاسي ولا تتفق جميعها على المراحل وعلى قائمة الحلفاء المحتملين وان كان جلها يتوجه إلى الاتحاد العام التونسي للشغل وللمنظمات الوطنية بتلميحات ومغازلة تدعوه إلى ان يقود جبهة المعارضة.

لكن هذه الجبهة ستكون صعبة المنال حتى وان دعت اليها المنظمات الوطنية، والسبب في ان الطيف السياسي التونسي وخاصة الحزبي يعيش اساسا على تناقضاته واختلافاته واقام هويته بمناقضة هوية الاخرين، وبالتالي فان التحرك المشترك او العمل من اجل «قضية» توحدها امر صعب المنال.
مما يعنى ان البلاد ستشهد خلال الايام القادمة تشكل جبهات معارضة ما يحدد هويتها المكونات لا الشعارات التي ترفعها، اي انن سنشهد قد نشهد جبهة سياسية تضم النهضة وحلفاءها وبعض الاحزاب المقربة منها، كما سنشهد جبهة تضم الاحزاب الوسطية التي ستتسع لتشمل الاحزاب الاجتماعية والليبيرالية الاجتماعية، إضافة إلى مكونات اليسار الذي قد يتفرق بين الجبهات وسيكون حاضرا بقوة في الجبهة التي قد يدعو اليها الاتحاد إذا قرر الذهاب من الاعراب عن استيائه الى الفعل السياسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115