بعد صدور قراري تجميد أعمال البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه في الرائد الرسمي: سعيد ينطلق في «المحاسبة» والغنوشي يتمسك بمروية «الانقلاب»

تدرك حركة النهضة جيدا أنها باتت في مأزق كبير وأن كافة المعارك التي ستخوضها غير مضمونة النتائج وذلك بعد تفعيل رئيس الجمهورية قيس سعيد

الفصل 80 من الدستور وصدور قرار تجميد أعمال البرلمان في الرائد الرسمي التونسي كذلك قرار رفع الحصانة عن جميع النواب، ولعل إيقاف النائب «المجمد» ياسين العياري خير دليل على انطلاق رئيس الدولة في المحاسبة خاصة وأن «جدار» الحصانة قد سقط حتى وإن كان ذلك لمدة زمنية محددة، ورغم ذلك لا زال رئيس البرلمان «المجمد» ورئيس حركة النهضة يتمسك بمروية «الانقلاب» ويبدو أنه اختار وسائل إعلام أجنبية للتعبير عن موقفه والدعوة إلى التجييش لرفع الأقفال على مجلس نواب الشعب.
مرت 6 أيام على قرارات سعيد وإعلانه عن الخطر الداهم ولازال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي يتمسك بمروية «الانقلاب»، حيث أكد في حوار له مع وكالة «فرانس براس» أن «الانقلاب» الذي حصل لم ينه التجربة التونسية ولم ينه الربيع العربي، وعبر عن تفاؤله بمستقبل الديمقراطية في تونس، قائلا «الانقلاب سيفشل.. مستعدون لأي تنازل، إذا كانت هناك عودة للديمقراطية…الدستور أهم من تمسكنا بالسلطة». وشدد على أنه إذا لم يتم الاتفاق على عودة البرلمان وتكوين حكومة وعرضها على البرلمان، فإن الشارع التونسي سيتحرك لا محالة، وستتم دعوة الشارع التونسي للدفاع عن ديمقراطيته وأن يفرض رفع الأقفال على البرلمان».
«النهضة ومقامة الانقلاب»
وفق تصريح الغنوشي لصحيفة ‹كوريرا دي لاسيرا» الايطالية فإن الحركة لن تسكت، قائلا «قلت من اللحظة الأولى أن هذا انقلاب على الدستور وعلى الثورة والشعب التونسي لأنه مخالف الدستور ... إنه انقلاب على الدستور بوسائل دستورية متعسفة.. و ذلك «خطأ جسيم»... هذا لا يعني أننا سنسكت على الانقلاب. سنقاوم الانقلاب بالوسائل السلمية.. نحن ماضون في الوسائل السلمية والحوار والتفاوض وضغط الشارع وضغط المنظمات والمفكرين والضغط الداخلي والخارجي من أجل استعادة الديمقراطية.. نرى أنه ينبغي أن يحصل حوار وطني حول كيفية أن تكون لتونس حكومة»، وتابع قوله «الرئيس استغل غياب المحكمة الدستورية ليحتكر تفسير الدستور ليصبح المحكمة الدستورية..هناك محاولات لتحميل سلبيات المرحلة للنهضة. لكن خلال السنوات العشر الماضية، كانت هناك عناصر إيجابية، فتونس كانت الاستثناء الذي حافظ على شعلة الحرية في منطقة كلها دكتاتورية..»
ضغط متواصل
تواصل حركة النهضة التصعيد ضدّ قرارات رئيس الدولة لتنتقل قياداتها بين مختلف البلاتوهات الإذاعية والتلفزية والصحف المكتوبة ووسائل الإعلام الأجنبية وخاصة القيادات التابعة لشق الغنوشي والرافضة لقرارات سعيد وتعتبرها انقلابا على الشرعية والدستور، فقد اختار الغنوشي سياسة الضغط وسط التمسك بمروية «الانقلاب»، حيث جدد رفضه لقرارات رئيس الجمهورية التي اعتبرها غير دستورية وستتم مقاومتها بكل الوسائل السلمية والقانونية، وتابع قوله لنفس الصحيفة الايطالية «نحن جميعًا في نفس القارب. نحن التونسيين وأوروبا وخاصة الإيطاليين. إذا لم تتم استعادة الديمقراطية في تونس قريبًا، فسننزلق بسرعة إلى الفوضى. يمكن للإرهاب أن ينمو، وزعزعة الاستقرار ستدفع الناس إلى المغادرة بأي شكل من الأشكال. يمكن أن يحاول أكثر من 500 ألف مهاجر تونسي الوصول إلى السواحل الإيطالية في وقت قصير للغاية». هذا ولم يستبعد الغنوشي الدفع إلى العنف في المستقبل، قائلا «في صورة تواصل الانقلاب ولجأ الأمن إلى الأساليب الديكتاتورية بما في ذلك التعذيب، فأنا لا أستبعد ذلك على الإطلاق ولكن سنقوم بما في وسعنا لتجنب حدوث ذلك».
النهضة تؤكد على تحريف تصريحات الغنوشي
وقد أثارت تصريحات الغنوشي جدلا كبيرا في البلاد أمس وأسالت الكثير من الحبر وخلفت ردود أفعال مختلفة، الأمر الذي جعل حركة النهضة تسارع بإصدار بلاغ تؤكد فيه أنه تمّ تحريف تصريح رئيس الغنوشي، وجاء في بلاغ صادر عن مكتب راشد الغنوشي أن «بعض وسائل الإعلام العربية والمواقع تعمدت تحريف تصريح الغنوشي لصحيفة كوريرا دي لاسيرا الإيطالية حول الآثار المحتملة لإجهاض العملية الديمقراطية في تونس وعلى موضوع الاستقرار والهجرة غير الشرعية وتأثير ذلك على جيران تونس». وأضاف أنه خلافا لما أوردته وسائل الإعلام هذه المعروفة بعدائها لتونس الديمقراطية، فإن تصريح راشد الغنوشي تبيين للنتائج المحتملة للانقلاب على الديمقراطية في تونس وتأثير ذلك على الاستقرار في بلادنا وعلى المنطقة وهو ما حصل من قبل في جميع الأزمات التي مرت بها البلاد، مضيفا «مما يدعونا إلى دعوة رئيس الجمهورية والفاعلين السياسيين في بلادنا إلى الحوار والعودة إلى احترام الدستور والتمسك بالنظام الديمقراطي».
انقسامات واستقالات
تعيش حركة النهضة وبسبب تمسك الغنوشي بموقعه في البرلمان على وقع خلافات داخلية كبيرة، زادت تعقيدا مع قرار رئيس الجمهورية تجميد كافة اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه لمدة شهر قابل للتجديد، خلافات وانقسامات في المواقف يمكن ملاحظاتها من خلال التصريحات الإعلامية لقياداتها واستقالة خليل البرعومي عضو المكتب التنفيذي المكلف بالإعلام من المكتب التنفيذي ومن مسؤولية المكلف بالإعلام بسبب عدم استيعاب قيادة الحزب لرسائل الشارع التونسي وآخرها ما حدث يوم 25 جويلية»، خلافات وانقسامات واستقالات قد تكون عنوانا لاقتراب نهاية الحركة وخسارة موقعها الأول .
كما ستحمل الأيام القادمة العديد من التطورات والمفاجآت وينتظر الجميع الخطوات القادمة لقيس سعيد لما بعد 25 جويلية، فرسائل الطمأنة التي قدمها وانطلاقه في المحاسبة تبقى بالنسبة لهم غير كافية والمهم هو تقديم خارطة طريق واضحة واختيار رئيس حكومة جديد لتجاوز الفراغ الحكومي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115