النائب والقيادي في حركة النهضة سمير ديلو لـ«المغرب»: المطلوب من النّهضة أن تعترف بنصيبها الكبير من المسؤوليّة في ما آلت إليه الأوضاع ..

• صورة الدّكتاتور غير مناسبة لقيس سعيد ولا بدّ للبرلمان أن يعود في صورة جديدة وحوكمة جديدة

لا زال تفعيل الفصل 80 من الدستور من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 25 جويلية الجاري يثير جدلا واسعا في البلاد وبات الجميع في ترقب حذر للخطوات القادمة لرئيس الدولة على غرار حركة النهضة والمطلوب منها حاليا حسب ما أكده أحد قيادييها سمير ديلو في حواره مع «المغرب» لا للدفاع عن موقعها بل الاعتراف بنصيبها الكبير من المسؤوليّة في ما آلت إليه الأوضاع وأن تبادر بإجراءات وقرارات عميقة وجريئة، وشدد على أنه أصبح من الضّروري أن تقوم الحركة بمراجعة وتحيين وتحديث المؤسِّسات وعدم الاكتفاء بإعادة ترتيبها، وبين أن البلاد في مفترق طرق إمّا فترة انتقاليّة هادئة تحكمها ضمانات أو اضطرابات، وأكد على أن من ارتكب من يستوجب المؤاخذة القانونيّة يجب أن يضع نفسه على ذمّة القضاء.
• أحدثت القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد استنادا إلى الفصل 80 من الدستور رجة كبيرة داخل حركة النهضة، فكيف ستتفاعل معها الحركة؟
تجاوزت الرّجّة حدود البلاد ولم تمسّ النّهضة فقط فتونس ليست جزيرة معزولة ، وهي محطّ أنظار العالم الذي يرى فيها تجربة فريدة لديمقراطيّة ناشئة تعيش صعوبات نتيجة ضعف الثقافة الدّيمقراطيّة لدى الفاعلين السياسيّين الرّئيسيّين وتحوّل الدّيمقراطيّة تدريجيّا إلى شكليّات تقف عند احترام المواعيد الانتخابية والتّمثيل والتّداول دون عمق برامجيّ إصلاحيّ وتحوّلت السّلطة من أداة لخدمة النّاس وتغيير حياتهم نحو الأفضل إلى غاية تبرّر كلّ التّحالفات والتّنازلات والتّبريرات للوصول إليها والمحافظة عليها وقد ساعد على ذلك ضعف الحوكمة داخل الأحزاب الحاكمة والمركزة المفرطة للقرار داخلها وإحاطة أصحاب القرار لأنفسهم بطبقة من نصحاء السّوء وأصحاب المصالح ..
داخل النّهضة تفاعل متواصل بين مواقف تدعو لاستخلاص العبرة - بشكل عاقل وجريء - ممّا حصل يوم 25 جويلية من مظاهرات غاضبة استهدفت كامل المنظومة السّياسيّة (وعلى رأسها حركة النّهضة) ومظاهر الفرح والتّرحيب الواسع التي أعقبت إجراءات رئيس الجمهوريّة، وإلى ضرورة اليقظة حتّى لا يقع المساس بالحرّيّات العامّة والفرديّة والتّمسّك بالعودة السّريعة إلى وضع تستعيد فيه المؤسّسات الدّستوريّة عملها العادي ولكن دون أن تؤدّي التّحفّظات على مدى دستوريّة الإجراءات المتّخذة إلى ما يهدّد السّلم الأهلي أو إلى مزيد تعقيد الأوضاع وتدهورها، وبين من يصرّون على أنّ اللّحظة لحظة صمود وتنسيق مع «رافضي الانقلاب» وأنّ الأولويّة لحماية المؤسّسات الدّيمقراطيّة واحترام الدّستور .. ورأيي أنّ الحرص المشروع - والواجب - على استمراريّة الحياة الدّيمقراطيّة وعلويّة الدّستور إذا لم يرافقه نفس الحرص من أصحاب القرار على تغليب مصلحة البلاد وضمان استقرارها على أيّ اعتبار حزبي - أو شخصيّ.. ستتجاوزهم الأحداث ..!
• ما الخطوات التي من الممكن أن تتخذها حركة النهضة للدفاع عن موقعها؟
لا أظنّ أنّ المطلوب من حركة النّهضة حاليّا - إذا كانت قيادتها التّنفيذيّة واعية فعلا بما يدور حولها - أن تدافع عن موقعها..! ، بل أن تعترف بنصيبها الكبير من المسؤوليّة في ما آلت إليه الأوضاع وأن تبادر بإجراءات وقرارات عميقة وجريئة .. وصادقة تطال خياراتها وسياساتها ومؤسّساتها وشخصيّاتها الفاعلة في مشهد ما قبل 25 جويلية ..وأن يكون الهدف من ذلك : المساهمة الإيجابيّة الصّادقة في تهدئة الأوضاع واستقرارها بما يُجنّب البلاد مخاطر مزيد الانقسام والتّناحر وبما يسمح باستعادة مسار ديمقراطيّ حقيقيّ يضمن السّير العاديّ لمؤسّسات الدّولة في ظلّ علويّة الدّستور ونجاعة الأداء لحكومة تجمع بين الكفاءة والمصداقيّة وبرلمان لا تهريج فيه ولا عبث ، وبما يضمن احترام الحقوق والحرّيات العامّة والفرديّة .. المبدأ أنّ المسؤول السياسيّ إذا أخطأ يضع نفسه على ذمّة من عيّنه ، وأنّ الحزب إذا أخطأ يضع نفسه على ذمّة النّاخبين ، أمّا من يتسبّب في تهديد وجوديّ لتجربة سالت من أجلها دماء الشّهداء فيجب أن يتقهقر خطوات إلى الوراء ويترك السّلطة لغيره ويضع تجربته على ذمّة التّاريخ ويأخذ وقتا للمراجعة والتّقييم والنّقد الذّاتي ، أمّا من ارتكب ما يستوجب المؤاخذة القانونيّة فيجب عليه أن يضع نفسه على ذمّة .. القضاء..!
• قام رئيس الجمهورية بسلسلة من الإعفاءات، فما موقف الحركة من ذلك؟
الموقف الرّسمي للقيادة الرّسميّة الحاليّة عبّرت عنه إجمالا في علاقة بالإجراءات الإستثائية، ورأيي أنّنا إزاء وضع جديد يجب التّفاعل معه بإيجابيّة وبذل ما أمكن من جهد حتى تكون الفترة الانتقالية هادئة ومحدودة زمنيّا ومنضبطة لخارطة واضحة المعالم مع ضمانات حقيقيّة، وتسمح بالتفرّغ لما ينفع النّاس ، وتفتح على مرحلة جديدة يتمّ فيها ترتيب المشهد بالاستفادة من أخطاء الماضي ودروسه ..
• هل تجد حركة النهضة نفسها في عزلة اليوم بعد تفعيل الفصل 80 وتجميد أعمال البرلمان واصطفاف عدة أحزاب إلى جانب رئيس الجمهورية؟
لا تتعلّق المسألة في رأيي بحساب موازين القوى العدديّة أو الاعتبارية بل بحسن قراءة المشهد بواقعيّة وتجنّب حالة الإنكار التي قد تؤدّي إلى عدم الاعتراف بالمسؤوليّة وإلقائها على الآخرين ، هي في عزلة؟ فليكن ..، ذلك لا يمنعها من إبداء ما يكفي من الحكمة للمساهمة في تفادي الأسوإ بعد أن فشلت في إبداء ما يكفي لمنع ما حصل..
• تعتبر بعض الأطراف أن تجميد أعمال البرلمان غير كاف وتطالب باستقالة رئيس البرلمان راشد الغنوشي وهناك من يدعو إلى ضرورة حلّ الحزب، ما ردكم على ذلك؟
الحركات والأحزاب ظواهر اجتماعيّة تستجيب لالتقاء إرادات حول حلم وفكرة ومشروع .. وفي ما يخصّ النّهضة أصبح من الضّروري مراجعة وتحيين وتحديث المؤسِّسات وعدم الاكتفاء بإعادة ترتيب المؤسَّسات.. فالحكم من أجل الحكم يؤدّي إلى نتائج كارثيّة، وهي كذلك كيانات قانونيّة تحكمها نصوص قانونيّة تترتّب جزاءات عن خرقها ولا تُحلّ فيها الأحزاب استجابة لشهوات خصومها ومعارضيها بل بإجراءات محدّدة وبحكم القضاء .. أمّا عن استقالة رئيس البرلمان فأعتقد أنّها يجب أن تطرح كذلك ضمن تصوّر كامل لتجاوز أزمة البرلمان الحالي وقد تعين على تجاوز حالة الاستقطاب الشّديد حول شخصيّته وشخصه ..!
• عززت قرارات قيس سعيد الانقسام داخل حركة النهضة، بين مؤيد لها ورافض لها؟
الأمر لا يتعلّق فقط بالتّعاطي مع الإجراءات الاستثنائية فالاختلافات داخل حركة النّهضة ليست جديدة ولم تبدأ مع قرارات رئيس الجمهوريّة بل مع الوضع الذي ساهم في الوصول إليها و موجّهات الأداء السّياسي في التّعامل مع بقيّة الفاعلين وخاصّة التّعامل مع رئيس الجمهوريّة ، بين من يدعون إلى التّعامل الإيجابيّ والبنّاء واحترام المؤسّسات ومن يمثّلونها وبعض الذين اختاروا - ولا يزال بعضهم مصرّا على ذلك - التّصعيد والاستهداف ممّا أذهب الثّقة ووتّر الأجواء.. وسمّم العلاقات ..!
• فتح القطب المالي تحقيقا ضدّ حركة النهضة في علاقة بحصولها على تمويلات أجنبية للحملة الانتخابية؟
هذا موضوع مطروح منذ أشهر طويلة وقد ردّت حركة النّهضة حينها على الاتهامات الموجّهة لها بخصوص عقد ال Lobbying، وشخصيّا ليست لديّ معطيات خاصّة عن هذا الموضوع.. وما دام الأمر أمام القضاء فهو المناط إظهار الحقيقة فيه.
• ماهي الخطوات التي يجب أن يقوم بها رئيس الجمهورية في الفترات القادمة؟
صورة الدّكتاتور غير مناسبة لقيس سعيد، والرّجل الذي لم تتلطّخ جيوبه بالمال الحرام لا يُعقل أبدا أن تتلطّخ أيديه بالدّماء..أنتظر منه خطوات حثيثة لطمأنة المواطنين على أنّ كلّ الجهود ستوجّه لحلّ مشاكلهم وتأمين لقمة عيشهم وضمان العلاج للمرضى وتوفير التلاقيح للملايين منهم ، وطمأنة كلّ المحبّين لتونس والحريصين على استقرارها أنّ تونس - رغم كلّ ما شهدته في السّنوات الأخيرة من غياب للمسؤوليّة وفشل لجزء كبير من النّخبة السّياسيّة في تلبية تطلّعات شعبه وانتظاراته - ستنجح في الحفاظ على ديمقراطيّتها والتّفرّغ لما ينفع رجالها ونساءها ..
• اختيار رئيس الحكومة القادم حسب أي معايير يجب أن يتم؟
رأيي أن تكون شخصيّة وطنيّة تتوفّر فيها شروط الكفاءة والنّزاهة والمصداقيّة والوعي باستحقاقات المرحلة بجميع جوانبها الاقتصادية والصّحيّة و السّياسيّة..
• ما تقييمكم للوضع الحالي للبلاد وماهي نظرتكم الاستشرافية لما بعد 30 يوما؟
البلاد اليوم في مفترق طرق : إمّا فترة انتقاليّة هادئة واضحة المعالم محدّدة المراحل تحكمها ضمانات تنتهي باستعادة السّير العادي للمؤسّسات ، وإمّا - لا قدّر الله - اضطرابات وقلاقل لن يجني منها أحد فائدة وسنخسر بها وقتا ثمينا في ظروف اقتصاديّة وصحّيّة بالغة الصّعوبة ..
• كيف ترى موقع البرلمان بعد 30 يوما؟
لا بدّ أن يعود البرلمان في صورة جديدة وحوكمة جديدة وآليّات عمل جديدة تضمن أن يكون جزءا رئيسيّا من الحلّ كما يجب أن يكون .. لا مساهما - ولو بشكل نسبيّ - في المشكل كما كان ..!

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115