أمام تضييق الخناق عليها وتوسع دائرة المساندين لرئيس الجمهورية: تفعيل الفصل 80 يقود حركة النهضة إلى «العزلة»

باتت حركة النهضة -اليوم- بعد القرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد استنادا إلى الفصل 80 من الدستور في وضع

حرج إن لم نقل في عزلة سيما بعد قرار تجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما ورفع الحصانة البرلمانية عن كافة أعضاء مجلس نواب الشعب، فالشعب الذي ثار منذ 10 سنوات على النظام السابق وأحرق مقرات التجمع المنحل، ثار اليوم على حركة النهضة وقام بحرق مقراتها يوم 25 جويلية الجاري وتكسير لافتاتها، فالحركة التي وضعها قيس سعيد في موضع تسلل تبحث عن مخرج للخروج بأخف الأضرار وعدم فقدان المزيد من شعبيتها التي يبدو أنها قد خسرتها لتعيش خلال الـ48 ساعة الأخيرة على وقع حركية كبرى داخلها عبر تتالي الاجتماعات والمشاورات وما زاد الأمر تعقيدا انقسام المواقف بين قياداتها.
ويرى المكتب التنفيذي لحركة النهضة أن البلاد تحتاج إلى إدارة حوار وطني ورسم خيارات جماعية قادرة على إخراج البلاد من جميع أزماتها، واعتبر أن الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية غير دستوريّة وتمثل انقلابا على الدستور والمؤسسات، خاصة ما تعلّق منها بتجميد النشاط النيابي واحتكار كل السلطات دون جهة رقابيّة دستوريّة، وهو ما أجمعت عليه كل الأحزاب والمنظمات وأهل الاختصاص، داعيا رئيس الدولة إلى التراجع عنها ومعالجة التحديات والصعوبات التي تعاني منها البلاد ضمن الإطار الدستوري والقانوني الذي يتماشى مع الخيار الديمقراطي الذي ارتضاه الشعب التونسي، مع ضرورة استئناف عمل مجلس نواب الشعب كسلطة أصلية منتخبة ديمقراطيا.
مواجهة فير مضمونة
لم تبق أمام حركة النهضة إلا خيارات محدودة جدا فهي تدرك جيدا أن مواجهتها لقرارات قيس سعيد وللشارع التونسي غير مضمونة بل ستعود بالخسارة عليها لتدعو من جديد إلى حوار وطني كما دعت المنتظم السياسي والمدني إلى تكثيف المشاورات حول المستجدات الأخيرة التي عاشتها بلادنا حفاظا على المكتسبات الديمقراطية والعودة في أقرب الأوقات إلى الأوضاع الدستورية والسير العادي والقانوني لمؤسسات ودواليب الدولة، وفق بيان صادر عن مكتبها التنفيذي الذي نبه في ذات البيان من خطورة خطابات العنف والتشفّي والإقصاء على النسيج الاجتماعي الوطني وما يفتحه من ويلات البلاد في غنى عنها، وندد بكل التجاوزات، داعيا إلى الملاحقة القضائية لمقترفيها، ودعا كذلك كل التونسيين إلى مزيد التضامن والتآزر والوحدة والتصدي لكل دعاوى الفتنة والاحتراب الأهلي.
انقسام داخل النهضة
أحدث قرار تفعيل الفصل 80 زلزالا داخل حركة النهضة عزز الانقسام صلبها، حيث اختلفت المواقف بين قياداتها بين مساند لقرارات رئيس الدولة ورافض لها واعتبارها انقلابا على الشرعية وعلى الدستور، ومن بين المساندين نذكر القيادي سمير ديلو الذي أكد أن خطاب رئيس الجمهورية كان مطمئنا وأن حركة النهضة مطالبة اليوم بالتعامل الايجابي مع الوضع والأحداث بما يساهم في استقرار الأوضاع وقطع الطريق أمام كل ما من شأنه أن يمثل خطرا على التونسيين ودفعهم نحو التوجه في الشارع. وأضاف ديلو في تصريح له لـ»ديوان أف أم» أنه يجب إصلاح الأوضاع، معتبرا أن التوجه في الشارع هو الأخطر على التونسيين حسب تقديره. وتابع قوله « لم اذهب للمجلس لأنني اعلم انه مغلق ولأنّه ليس من دور النواب اقتحام المجلس وكنت حريصا على المساهمة في عدم حدوث تجاوزات وطلبت من الحاضرين الانسحاب لان القضايا السياسية تحل بالحوار ولان الاستقواء بالشارع يؤدي إلى العنف».
أما في الجهة المقابلة، فإن القيادي في الحركة نور الدين البحيري شدد على أن ما قام به سعيد انقلاب بأتم معنى الكلمة وإلغاء للنظام الجمهوري القائم على الفصل بين السلطات ، حيث نشر على صفحته الرسمية على الفايسبوك والتي جاءت تحت عنوان «قسما أنه انقلاب» أنه ليس أمام من يرفض عودة الحكم الفردي المستبد والنظام الملكي إلا مواصلة النضال السلمي أفرادا وجماعات لإسقاط الانقلاب وإفشاله..علينا أن لا تغرّنا وعود الانقلابيين وأنصاره لأن التاريخ علّمنا أنه لا عهد لهم ولا ميثاق وأن من تسوّل له نفسه الانقلاب على الدستور وعلى قيم الجمهوريّة .. في وقت عصيب تعيشه بلاده لا يمكن أن يكون داعية للخير ولا مبشّرا بديمقراطيّة أو حرّية أو تنمية أو نهوض اقتصادي أو اجتماعي.. والقول بخلاف ذلك أو البحث عن مبررات له تزييف للحقائق وتزيين لجريمة في حق الشعب والدولة والثورة».
مراجعة حقيقية وجدية
أغلب قيادات النهضة ترى أن الحركة تحتاج إلى وقفة تأمل ومراجعة حقيقية وجدية لمواصلة مسيرتها السياسية، والمطلوب منها اليوم ليس التصعيد والمواجهة لأنها غير مضمونة النتائج، وفي انتظار انتهاء المدة الزمنية للإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها سعيد والمحددة بـ30 يوما، فإن الحركة في ترقب بل في خوف من القرارات والمراسيم التي يمكن أن يصدرها رئيس الدولة في الساعات القادمة لاسيما وأن قائمة المساندين للرئيس باقية وتتوسع وطنيا ودوليا أمام تضييق الخناق عليها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115