إعفاءات ..تعطيل العمل في الإدارات المركزية والمؤسسات العمومية ليومين .. منع الجولان بداية من السابعة مساء..لقاء مع رؤساء المنظمات الوطنية.. قيس سعيد والمرور من مرحلة التحذير إلى الأفعال

لا حديث يوم مس إلا عن اللحظة التاريخية الفارقة التي عاشت على وقعها البلاد في مسار الانتقال الديمقراطي من خلال القرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد

مساء الاحتفال بذكرى عيد الجمهورية عبر تفعيل الفصل 80 من الدستور وإرسائه لجملة من التدابير الاستثنائية التي شملت السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما ورفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب، مع تولي رئيس الجمهورية للسلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة يعيّنه رئيس الجمهورية، قرارات أثارت جدلا كبيرا واختلفت ردود الأفعال بين من اعتبرها دستورية وبين من وصفها بغير «الدستورية» وانقلابا على الشرعية.
حركية كبيرة شهدها اليومان الأخيرون قصر قرطاج لتتعدد القرارات وإصدار الأوامر الرئاسية، حيث أصدر سعيد أمرا رئاسيا قرّر من خلاله إعفاء هشام المشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية وإعفاء إبراهيم البرتاجي، وزير الدفاع الوطني وحسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة ابتداء من يوم الأحد المنقضي، كما تقرّر، بمقتضى ذات الأمر، أن يتولى الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها.

قرارات وإعفاءات متواصلة
استفاقت البلاد مساء الأحد على قرارات تاريخية انتظرها العديد بين منظمات وطنية وأحزاب سياسية ومكونات المجتمع المدني، ولئن ساندتها الأغلبية فإن بعض الأحزاب من الائتلاف الحاكم خاصة حركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس اعتبروها انقلابا على الشرعية وعلى الدستور، القرارات التي أعلن عنها سعيد تأتي استجابة للمطالب التي رفعها الشعب خلال تحركاته الاحتجاجية في مختلف الولايات يوم عيد الجمهورية بسبب تردي أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والصحية والناتجة عن فشل منظومة الحكم برمته، إصدار الأوامر الرئاسية ذات العلاقة بالتدابير الاستثنائية مازال متواصلا والقرارات لن تقف عند هذا الحدّ وينتظر أن يتم في الساعات القليلة القادمة الإعلان عن جملة من الإعفاءات الجديدة خاصة على مستوى وزارة الداخلية التي كان يشرف عليها المشيشي بالنيابة كذلك على مستوى السلطات الجهوية.

التمديد في مدة التعطيل واردة
هذا وأصدر رئيس الجمهورية مساء أمس أمرا رئاسيا يقضي بتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين بداية من اليوم الثلاثاء 27 جويلية الجاري، مع إمكانية التمديد في مدة تعطيل العمل ببلاغ يصدر عن رئاسة الجمهورية. ويُتيح هذا الأمر الرئاسي لكل وزير معني أو رئيس جماعة محلية اتخاذ قرار في تكليف عدد من الأعوان بحصص حضورية أو عن بُعد. كما يُلزم الهياكل الإدارية التي تُسدي خدمات إدارية على الخط بتأمين استمرارية تلك الخدمات مع تمكين الرئيس المباشر بكلّ هيكل إداري أن يُرخّص في بعض الخدمات الإدارية الأخرى أو القيام ببعض إجراءاتها عن بُعد ولا سيّما عبر التراسل الإلكتروني. ويُستثنى من هذا الأمر الرئاسي أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريون وأعوان الديوانة والأعوان العاملون بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والأعوان العاملون بمؤسسات التربية والطفولة والتكوين والتعليم العالي الذين يخضعون لتراتيب خاصة.

توقيت جديد لمنع الجولان
كما أصدر يس سعيّد، أمرا رئاسيا يقضي بمنع جولان الأشخاص والعربات بكامل تراب الجمهورية من الساعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا وذلك ابتداء من أمس إلى غاية يوم الجمعة 27 أوت 2021، باستثناء الحالات الصحية العاجلة وأصحاب العمل الليلي، مع إمكانية تعديل هذه المدّة ببلاغ يصدر عن رئاسة الجمهورية. ويحجّر، بمقتضى هذا الأمر الرئاسي، تنقل الأشخاص والعربات بين المدن خارج أوقات منع الجولان إلا لقضاء حاجياتهم الأساسية أو لأسباب صحية مستعجلة، كما يُمنع كل تجمّع يفوق ثلاثة أشخاص بالطريق العام وبالساحات العامة. وتُضبط هذه الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرار سير المرافق الحيوية طبقا للأحكام المتعلقة بضبط الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرارية المرافق الحيوية في إطار تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل.

الصبر نفد..
حركية سعيد لم تتوقف عند إصدار الأوامر الرئاسية بل شملت أيضا إجراء مشاورات مع رؤساء عدد من المنظمات الوطنية وهم كل من نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، وسمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة والصناعات التقليدية، وإبراهيم بودربالة، رئيس الهيئة الوطنية للمحامين، وعبد المجيد الزار، رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وراضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، و نائلة الزغلامي، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات. وفي فيديو نشرته رئاسة الجمهورية، أكد سعيد في اللقاء أنه سيتحمل المسؤولية وأن الصبر قد نفد رغم التحذيرات المتتالية وقد بلغ السيل الزبى.

«الخطر داهم بل واقع اليوم»
وبين أنه كان بإمكانه في أي لحظة اختيار رئيس حكومة جديد لكنه متأكد أنه لن يحظى بثقة الأغلبية، مشيرا إلى أنه احترم المؤسسات وكل الأشخاص بنية صادقة وأضاف أنه صبر كثيرا ولكن للأسف هناك من لا يسمع وتواصلت الأوضاع إلى حدّ غير مقبول وكان من هناك يعمل على تفجير الدولة من الداخل، قائلا ‘استشرى الفساد واللقاءات تتم مع من هم مطالبون للعدالة ومع من نهب ثروات الشعب..كنت اعلم الكثير وأنا ملازم للصمت..ومازلت إلى حد اليوم متمسك بالنص الدستوري.. وأوجه الدعوة إلى الشعب إلى التزام الهدوء وعدم الانزلاق إلى الفوضى ولا أريد أن تسيل قطرة دم واحدة.. هناك لصوص يهتمون بالنصوص التي وضعوها على مقاسهم ومع ذلك آثرت الصبر ووجهت التنبيهات..لقد حولوا الانفجار الثوري إلى غنيمة وتم السطو على إرادة الشعب بنصوص قانونية وضعوها على المقاس لاقتسام السلطة ونكلوا بالشعب التونسي تنكيلا مستمرا في معاشه وتعليمه والصحة وفي الحد الأدنى من الحقوق..تحدث البعض عن انقلاب لا أعرف في أي كلية حقوق درسوا وما تمّ تطبيق لنص الدستور... الخطر داهم بل واقع اليوم ..صارت المؤسسات تسير الولاء ويتصرفون كما يشاؤها..وانطلقنا من الحزب الواحد إلى اللوبي الواحد..اتخذت القرار بناء على الفصل 80 وأتعجب من البعض كيف يتحدثون عن انقلاب..أنا لم أقم بحلّ البرلمان بل تجميد أعماله..الدولة قائمة ولا مجال للتعدي على الحقوق والحريات..اليوم تحملت المسؤولية ولن نترك الدولة لقمة سائبة». وحذر من الانفجار الداخلي الذي اعتبره أخطر شيء، وطالب التونسيين بعدم المواجهة في الشارع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115