في زيارة قيس سعيد إلى إيطاليا: مواصلة حشد الدعم الأوروبي مع التمسك بنفس الموقف من الهجرة غير النظامية

يبدو أن مساعي حشد الدعم مازالت متواصلة من قبل المؤسسات العليا للدولة، حيث تعددت زيارات ولقاءات مسؤولي الدولة في الفترة الأخيرة

وذلك بحثا عن استثمارات وموارد مالية لتعبئة ميزانية الدولة وبالتحديد من قبل رئيسي الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، زيارات لم يكن الهدف منها فقط حشد الدعم فقط بل البحث كذلك عن مقاربة لمجابهة الهجرة غير النظامية التي تفاقمت بصفة كبيرة في الأشهر الأخيرة وأمام تضاعف عدد المهاجرين غير النظاميين تصاعدت الضغوطات الأوروبية من اجل البحث عن حلّ لهذه المعضلة، فبعد الزيارة التي قامت بها وزيرة الداخلية الايطالية في الشهر الفارط إلى تونس، تحول أمس رئيس الدولة إلى ايطاليا في زيارة رسمية تمتد ليومين، زيارة تمّ خلالها منح سعيد الدكتوراه الفخرية في البحث العلمي.
استهل قيس سعيد زيارته الرسمية إلى الجمهورية الإيطالية، صباح أمس بإجراء محادثة على انفراد مع الرئيس الإيطالي سارجيو ماتاريلا في القصر الرئاسي بروما، تلتها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين. وأكد رئيس الدولة، خلال هذا اللقاء، على ما يجمع تونس بإيطاليا من روابط إنسانية وتاريخية عريقة وقواسم حضارية وثقافية ومبادئ راسخة من شأنها أن تكون منطلقا لمستقبل مشترك جديد يقوم على مجموعة من القيم الإنسانية والمصالح الاقتصادية والاستثمارية والتبادل التجاري والثقافي وفق رؤى وآليات مبتكرة ومفاهيم جديدة في إطار المصلحة المشتركة وحسن الجوار، وفق بلاغ رئاسة الجمهورية.
مقاربة شاملة لمعالجة الهجرة غير النظامية
شدد رئيس الجمهورية على حرص تونس على تطوير تعاونها الاقتصادي مع إيطاليا، البلد الصديق والشريك التجاري الثاني لها في أوروبا. ودعا إلى أن تواصل إيطاليا الوقوف إلى جانب تونس، في إطار ثنائي وصلب الاتحاد الأوروبي، لمعاضدة جهودها لتحقيق التنمية والإنعاش الاقتصادي وخلق مواطن الشغل وتعزيز الاستثمارات وتنويعها ومساندتها في تذليل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي ازدادت حدّة بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19. وذكر سعيد بموقف تونس من مسألة الهجرة غير النظامية، وأكد على ضرورة معالجة الأسباب الحقيقية والعميقة لهذه الظاهرة والتصدي للشبكات الإجرامية التي تتاجر بالبشر في ضفتي المتوسط، وذلك وفق مقاربة شاملة لا تقتصر على الجانب الأمني فقط وتعيد الأمل للشباب وتخلق لهم فرص العمل والتنمية في بلدانهم الأصلية.
الترفيع في منحة الطلبة التونسيين
ومن جانبه، ثمّن الرئيس الإيطالي عمق علاقات الصداقة بين البلدين والمستوى المرموق الذي بلغته مجالات التعاون المثمر بين إيطاليا وتونس، الشريك الاستراتيجي المتميز. وأشار إلى أن الشعب الإيطالي لن ينسى مبادرة رئيس الجمهورية بإرسال فريق طبي إلى منطقة بريشيا بإيطاليا التي كانت المنطقة الأكثر تضررا من جائحة كوفيد-19 في شهر أفريل 2020، وأعلن أن إيطاليا قررت توجيه طائرتين إلى تونس محملتين بمساعدات طبية متنوعة بقيمة 1 مليون أورو لمواجهة هذه الجائحة. كما أشار الرئيس الإيطالي إلى أن بلاده سترفع في عدد المنح المخصصة للطلبة التونسيين الراغبين في الدراسة بإيطاليا من 180 منحة إلى 260 منحة.
200 مليون أورو لتمويل مشاريع تنموية
وجدد الرئيس الإيطالي استعداد بلاده لمواصلة مساندة تونس في جهودها لحشد دعم الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية المانحة في معاضدة جهود تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وتجاوز التداعيات السلبية لجائحة كوفيد-19، فضلا عن مزيد تشجيع المستثمرين الايطاليين على الانتصاب في تونس في عدة قطاعات. وأشار إلى أهمية مواصلة التنسيق لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية وفق مقاربة جماعية. ونوه الرئيسان بالتوقيع، بمناسبة هذه الزيارة، على مذكرة تفاهم حول التعاون التونسي الإيطالي من أجل التنمية للفترة 2021-2023 تنص على تخصيص 200 مليون أورو لتمويل مشاريع في التنمية والإنعاش الاقتصادي والفلاحة والتشغيل والتكوين وإدماج الشباب. وشكّل اللقاء مناسبة، أيضا، لتبادل وجهات النظر حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين
بالرغم من مذكرة التفاهم التي تمّ إمضاؤها والمساعدات التي قدمتها ايطاليا لتونس، فقد كان ملف الهجرة غير النظامية من أبرز الملفات الحارقة التي طرحت على الطاولة، ملف طرح ومازال يطرح في كل الزيارات وموقف رئيس الجمهورية واضح في هذا الشأن وهو البحث عن مقاربة شاملة لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، مقاربة تعيد الأمل للشباب «الحارق» عبر خلق مواطن شغل لهم، فملف الهجرة غير النظامية بات يؤرق البلدان الأوروبية لاسيما ايطاليا التي تواصل الضغط من اجل حلحلة هذه المعضلة مهما كان الثمن الذي ستقدمه، ظاهرة تفاقمت في السنوات الأخيرة، وبحسب إحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإن 836 من المهاجرين غير النظاميين التونسي وصلوا إلى الحدود الايطالية خلال الـ 15 يوما الأولى من شهر جوان الجاري، مقابل 596 مهاجرا خلال شهر ماي الماضي. ووفق تصريح الناطق الرسمي باسم المنتدى رمضان بن عمر فإن تونس تشهد موجة جديدة من الهجرة غير النظامية خاصة وأن عدد المهاجرين غير النظاميين التونسيين الواصلين إلى ايطاليا شهد ارتفاعا ملحوظا خلال السنة الجارية مقارنة بالسنوات الماضية حيث بلغ عددهم 2817 مهاجرا خلال سنة 2021 مقابل 685 مهاجرا سنة 2020 و 347 مهاجرا سنة 2019.
ورجح بن عمر تزايد عمليات الاجتياز المحبطة في تونس إلى تنامي المشاريع الأوروبية ذات الطابع الأمني لتحويل تونس إلى حصن يمنع وصول المهاجرين غير النظاميين على غرار ما يقوم به مكتب المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة في تونس الذي يتولى التسيير و التنسيق من أجل نشر نظام مراقبة الحدود تقييدي ومتعدد الأطراف في تونس وخارجها.
تعزيز الشراكة
بالعودة إلى زيارة رئيس الجمهورية إلى ايطاليا اجري سعيد ظهر أمس محادثة مع رئيس مجلس الوزراء الإيطالي ماريو دراغين. وأثنى رئيس الدولة على ما يجمع تونس بايطاليا من روابط صداقة راسخة وتقاليد تعاون مثمر في عدة مجالات. وجدد رئيس الجمهورية حرص تونس على مزيد تعزيز هذه العلاقات وتنويعها وتوفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات الخارجية وتذليل كل الصعوبات التي قد تعترضها. كما دعا رئيس الجمهورية إلى اعتماد مقاربة شاملة لمعالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية لا تقتصر على البعد الأمني وتتصدى لكل مظاهر الاتجار بالبشر في ضفتي المتوسط. ومن جانبه، جدد ماريو دراغي دعم بلاده لتونس في مسارها الديمقراطي، واستعدادها لمواصلة معاضدة تحركاتها لدى الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية المانحة من أجل تمويل برامج تنموية. كما أشار إلى تطلع إيطاليا إلى تعزيز شراكاتها مع تونس في المجالات الاقتصادية والتجارية وفي ملف الهجرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115