قيس سعيد في لقاءه مع المشيشي وبن سليمان: غضب..إنذار وتحذير ودعوة النيابة العمومية إلى التحرك وإنفاذ القانون

لا زالت الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد في الـأيام الـ3 الماضية تلقي بظلالها وتثير جدلا كبيرا وصل إلى حدّ التلويح بتنظيم تحركات شعبية للتنديد

بما أسماه البعض «العنف البوليسي» إلى جانب التهديد بسحب الثقة من وزير الداخلية بالنيابة هشام المشيشي، فحوادث العنف التي حصلت من قبل أعوان الأمن والتي راح ضحيتها شاب يبلغ من العمر 32 سنة بمنطقة السيجومي إضافة إلى سحل قاصر آخر يبلغ من العمر 15 سنة بعد تجريده من ملابسه إلى جانب عدة ملفات أخرى، أجبرت رئيس الجمهورية قيس سعيد التحرك والدخول على الخط عبر دعوته بصفة عاجلة للقاء كل من رئيس الحكومة المكلّف بتسيير وزارة الداخلية هشام المشيشي، ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان، لقاء عبّر خلاله سعيد عن استيائه واستنكاره لأحداث العنف.
بحسب بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية فقد استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، ظهر أمس بقصر قرطاج، كلّا من رئيس الحكومة المكلّف بتسيير وزارة الداخلية هشام المشيشي، ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان. وأبدى رئيس الدولة، خلال هذا اللقاء، استياءه العميق واستنكاره الشديد لما يحصل هذه الأيام في تونس، مشدّدا على أن لا أحد فوق القانون وبأنه لا مجال لأي معاملة تقوم على التمييز بناء على الثروة أو التحالفات السياسيّة. كما دعا رئيس الجمهورية وزيرة العدل بالنيابة إلى أن تقوم بدورها الذي أوكله لها القانون في إثارة الدعاوي العمومية، وشدّد على ضرورة توجيه مطالب رفع الحصانة إلى المجلس النيابي ليتحمّل كل واحد مسؤوليته لأن الحصانة وفّرها القانون لضمان الاستقلال في القيام بالوظيفة التي يقوم بها وليس للتحصّن بها خارج هذا الإطار.

«ما حصل غير مقبول»
عبّر رئيس الجمهورية، أيضا، عن بالغ استيائه ممّا يحصل من تجاوزات تهدّد وحدة الدولة، مذكّرا بأن الدولة التونسية واحدة وبأنّ الدستور منحه واجب الحفاظ عليها، وبأنه لا مجال لاستغلال أي منصب لتحويله إلى مركز قوّة أو ضغط لضرب وحدتها. واعتبر رئيس الدولة في فيديو نشرته رئاسة الجمهورية أن الأوضاع التي تمر بها تونس حاليا لم تعرفها من قبل وهي شديدة الخطورة وتنبئ بمخاطر أكبر نتيجة لحكم عدد من اللوبيات التي تعمل وراء الستار وتغير مواقفها بناء على مصالحها، وذكر أن هناك في الدستور ما يمكنه من اتخاذ قرارات لا يتوقعونها وسيعمل على تطبيق الدستور حرفيا بالرغم من أنهم حاولوا توظيف الدستور لفائدتهم، قائلا «الدستور الذي وضعوه عليهم أن يطبقوه ..والسلطة التنفيذية عند رئيس الدولة ورئيس الحكومة وليست خارج قرطاج والقصبة كما أنها لا يمكنها أن تتحول إلى القصبة..عديدة هي التجاوزات التي صمدت عنها في وقت من الأوقات واحترمت المقامات والمؤسسات والأشخاص ولكن لم يقابل هذا الاحترام بمثله، فليتحمل كل طرف مسؤوليته وما حصل هذه الأيام ينذر بخطر شديد على الدولة ولن أترك الدولة تسقط وأعرف من يحرك الشارع ويفتعل الأزمات للبقاء في الحكم..تونس ليست بضاعة ولن أسمح لأي كان أن يتطاول على التونسيين..وما يحصل اليوم غير مقبول بأي مقياس من المقاييس».

15 مطلبا لرفع الحصانة
وذكر رئيس الدولة بوجود 15 مطلبا لرفع الحصانة عن نواب البرلمان من الدورة الماضية ولكنها لم ترسل إلى رئاسة المجلس، وكافة الأسماء موجودة ارتكبوا جرائم حق عام وتهريب وجرائم أخلاقية، مشيرا إلى أنه يتم التخفي وراء عدد من الإجراءات ولكن هؤلاء لا مكان لهم لتمثيل الشعب وكان على النيابة العمومية أن تتحرك من أجل مقاضاتهم، قائلا «الوضع خطير جدا وليعلم الجميع لن أترك أحدا يضرب الدولة التونسية ومؤسساتها ورموزها..وعلى النيابة العمومية أن تتحرك فورا لتنفيذ القانون ولا مجال لمفاضلة أحد على أحد..صمتت كثيرا ولكن البلاد لهؤلاء..ائتنمتك سيدي رئيس الحكومة ولكن يجب أن تكون في مستوى ما تمّ الاتفاق عليه..ما يحصل غير مقبول بالمرة ولست ساكتا وصامتا ولن أتخلى عن واجبي في عملية إنقاذ الدولة التونسية..الدولة التونسية تكاد تتهاوى..ما معنى أن تذهب مجموعة من الأشخاص إلى مقر إذاعة ويستبحونها وما معنى أن يذهب نواب إلى بهو المحكمة ويستبيحونها..كل هذا مؤامرة ..ومن يعتقد أنه رئيس لمؤسسة هو رئيس للدولة فهو مخطأ في العنوان والتاريخ ولن أسكت عن تجاوزاته مهما كان الثمن».

الحادثة لا تمثل الأمنيين
الجميع حملّ رئيس الحكومة مسؤولية ما حصل من اعتداءات أمنية في البلاد، باعتباره المكلف بتسيير وزارة الداخلية بالنيابة، حتى أن عدد من نواب مجلس نواب الشعب لوح بسحب الثقة منه إن لم يتخذ إجراءات ويقوم بمحاسبة المعتدين، حادثة الاعتداء وصفها رئيس الحكومة في تصريحات إعلامية له أمس أنها مؤلمة وصادمة للمؤسسة الأمنية التي تعمل منذ فترة على أمن جمهوري ويقدم صورة جديدة للأمن الذي يحترم حقوق الإنسان والقانون، مشيرا إلى أن الأمنيين بصدد تحقيق عديد النجاحات وقدموا عديد التضحيات، مشددا على أن الحادثة لا تمثل الأمنيين في شيء بل تُمثل إلّا مرتكبيها وهي حادثة تمس الأمنيين قبل أن تمس الأطراف التي تريد تسجيل نقاط سياسية عن طريقها. وأضاف أن الوقت ليس وقت بكاء ولطميات وقد تم اتخاذ إجراءات فورية وإيقاف الأمنيين موضع الاتهام وإحالتهم على القضاء.

تسجيل نقاط سياسية
كما أشار المشيشي إلى أن التعاطي مع الجريمة ومع المنحرفين يتم عبر القانون واحترام الذات البشرية، مجددا التأكيد على أن هذه الحادثة لا تمثل الأمنيين بل الأشخاص التي قامت بها، وبخصوص الأطراف التي تريد تسجيل نقاط سياسية والدخول في مزايدات سياسية، قال المشيشي «أتركهم في البكائيات واللطميات لأن ذلك لن يفيد في شيء بل ما يفيد الآن هو تقديم حلول حقيقية للمحتجين في جهة سيدي حسين». وتساءل «هل اكتشفنا سيدي حسين اليوم؟..وهناك طبقة سياسية معينة تذكرت أنه لا بدّ من الاهتمام بشباب الجهة اليوم والحال أنهم لا يتذكرونهم إلا في فترة الانتخابات ويجب على هؤلاء الشباب ألا يكونوا أداة للمزايدة والاستثمارات السياسوية الرخيصة.

استنكار الخطاب التبريري للعنف
تواصلت ردود الأفعال المنددة بما حصل في البلاد من عنف من قبل عدة أحزاب سياسية ومنظمات وطنية، على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي اعتبر في بيان له أن استقالة رئيس الحكومة والمكلف بإدارة وزارة الداخلية هشام المشيشي أصبح أولوية للبلاد نظرا لحجم الخسائر صحيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا التي تكبدتها تونس منذ مباشرته لمهامه. وندد المنتدى في بيان بالتطبيع مع سياسة الإفلات من العقاب على خلفية إقدام أعوان من الأمن بقمع شاب وتجريده من ملابسه وسحله على مرأى من المواطنين في منطقة سيدي حسين بالعاصمة. وأدان المنتدى التواطؤ الرسمي والمؤسساتي، الذي رافق هذه الجرائم وكرّس الإفلات من العقاب وشجّع على مزيد من الانتهاكات، معبرا عن استنكاره للخطاب التبريري للعنف والقمع والتعذيب بوصم الضحايا بالمرض أو الإدمان أو غيره والذي تقدمه قوات الأمن ونقاباتها لتبرير انتهاكاتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115