في ظلّ المناورات والتصلب في المواقف : تأبيد الانسداد الكلي في المشهد السياسي ... العبث الدائم

بعد هدنة فرضها شهر رمضان والعودة التدريجية للحياة السياسية في البلاد، كان التسريبات التي تقدم من كواليس القرار

تتحدث عن مؤشرات إيجابية تؤذن بقرب انفراج الأزمة لكنها كما البوادر السابقة كانت مجرد خيط دخان لاحقه الآملون في معجزة تخرج البلاد من أزماتها.
خلال الايام اثلاثة المنقضية، وأدت تصريحات رئيس الجمهورية في حوارس مع قناة فرنس 24 ولاحقا مناورة الحكومة وحزامها السياسي اثر لقاء جمع بين رئييسها وقادة الاحزاب وكتلها، كل امكانيات الخروج من حالة الانسداد والتصعيد في الازمة التي دخلت في شهرها الرابع.
فقد اختار الرئيس ان يعيد الحديث من فرنسا عن مشروعه السياسي وعن فساد المنظومة الحزبية وعن توتر المناخ السياسي الذي لن يستقر الا متى تحقق شرط اساسي وهو محاسبة الناخب التونسي للمنتخبين وقدرته على سحب التفويض منهم. أي ان الرئيس أعلن عن ان حالة عدم الاستقرار الراهنة في البلاد وتوتر المناخات الاقتصادية والاجتماعية امر لا مفر منه ولن يكون الا بهدم المنظومة الحزبية وبشكل مبطن حل البرلمان الحالي باعتبار انه لا يخضع الى المساءلة المباشرة من الشعب.
تصريح ورد كرد من الرئيس على سؤال محاوره عن كيفية تحسين المناخ السياسي في البلاد وتجاوز الازمة، غابت عنه كليا وان بالاشارة الى ان البلاد في حاجة الى حوار يجمع الفرقاء للتوافق على خارطة انقاذ وعلى خطوات اساسية تجنب البلاد مصيرا مخيفا.
غياب الحديث عن الحوار، رغم وجود مشاورات غير معلنة بين مقربين من الرئيس والمركزية النقابية، يكشف عن ان الرئيس لا يستبطن اهمية الحوار كآلية للخروج من الازمة، ويؤكد مرة اخرى ان الرئيس منغلق عن اية تصورات لا تتمشى مع رؤيته، ومنها الحوار مع الخصوم الذين يعتبرهم بشكل مباشر وغير مباشر جزءا من منظومة الفساد.
وقد تلقفت احزاب الاغلبية الحاكمة كلمات الرئيس في الحوار لتؤولها وتستوعب منها ان الرئيس ماض في حربه ضدها وان قبوله بجهود الوساطة التي يبذلها اتحاد الشغل امر صعب ان لم يكن مستحيل، وهو ما جعلها بدورها تتخلى عن تلميحاتها السابقة بانها على استعداد لايجاد ارضية وسطى مع الرئاسة وانها ستتخلى عن رئيس الحكومة هشام المشيشي مقابل هذه الارضية.
تراجع كشف اللقاء الذي عقده رئيس الحكومة هشام المشيشي مع قادة الاحزاب الداعمة له وبرؤساء الكتل النيابية التي منحته الثقة، لقاء انتهى بالحديث عن تمسك الحزام بالحكومة واعتبار ان الدعوات لاسقاط الحكومة دعوات للفراغ وهو مرفوض يقابله اعلان ثقة الحزام في رئيس الحكومة ودعمه من اجل تفعيل التحوير الوزاري المعطل منذ جانفي الفارط.
هذا بالإضافة الى القول الصريح بان األحزام وخاصة حركة النهضة مع الحوار ولكنها ضد أي شروط مسبقة تفرض على المتحاورين. أي بعبارات اخرى ضد ان يكون رحيل المشيشي شرطا لانطلاق الحوار الوطني بإشراف الرئاسة.
ربط هذه المعطيات والنظر اليها في ظل السياق السياسي الراهن في البلاد وطموحات اطراف الصراع يكشف عن ان العقل السياسي الذي يحركهم منشغل بغلق كل منافذ الخروج من الازمة وتغذية الصراع بما يجعل الوصول الى حل ينهى الازمة مهمة مستحيلة. وهو ما يعني ان البلاد ستعيش على الاقل الى نهاية هذه السنة في ظل انسداد سياسي وصراع بين الرئاسة من جانب والحكومة والبرلمان من جانب اخر، وهو ما سينعكس بشكل كلى على الاداء السياسي او الايداري بدوره، في ظل عدم وضوح الرؤية وعدم تناسق الواقف والبرامج.
وضع لن يكتفى بتعقيد المسائل الداخلية بل سيفاقم من الصورة السلبية الراهنة للدولة التونسية في محيطها الاقليمي ومع شركاءها وأصدقاءها. بعد ان اصبحت الدولة تدار بسياسيات متناقضة نتيجة صراع يحول دون ان تتوحد المواقف والسياسيات في القضايا الكبرى والملفات الثقيلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115