قبل نهاية العام المضطرب.. عزيمة المرأة التونسية صفحاتها لا تنضب

محمد محمود عبد الوهاب
(باحث في الشؤون الدولية )
علي الرغم من تداعيات جائحة كورونا علي القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في منطقتنا وفي سائر دول العالم والأوضاع الصعبة

التي تعيشها الدول والتأثيرات السلبية على المزاج العالمي خلال العام الحالي الذي أوشك علي الانتهاء ، مازالت المرأة التونسية تحتفظ بقدر مهم من الإبداع والمثابرة المتجددة ، استناداً إلي تميز الجينات والتراث التونسي بالتنوع والانفتاح علي مختلف الثقافات والمجتمعات.
هذا الرصيد الذي تتمتع به المرأة التونسية لا ينتظر إشادة أو تسليط الضوء عليه ، وإن كانت ندرة الأخبار الإيجابية قبل نهاية عام سادت فيه الأزمات العابرة للقارات قد شجعتني على الكتابة عّن سيدات تونسيات أفخر بصداقتهن وتابعت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الأنشطة المتميزة ما تحقق لهن في نهاية هذا العام المضطرب من نجاحات بسيطة تحمل تحديات وعزائم متجددة ، فرأيت أنه من الواجب أن أنقل لهن ما يلمسه متابع مثلي -غير مقيم في تونس الخضراء- لأنشطة المجتمع المدني التونسي المميز.
الخبر الأول المميز هو اختيار القاضية مُنية عمار عضواً - لمدة خمس سنوات - في مجلس تحرير الجريدة الدولية للصليب الأحمر International Review of Red Cross التي تصدرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ 1869 بعدة لغات منها العربية والفرنسية والإسبانية ، وجاء اختيار السيدة مُنية عمار لخبراتها المتراكمة وإسهاماتها المتعددة في مجال القانون الإنساني الدولي والتي حالفني الحظ ان اتابع تمثيلها لتونس في محافل دولية واقليمية مختلفة أهمها خلال فترة عملها في جامعة الدول العربية والتقينا عدة مرات في مناسبات مختلفة في مصر والأردن وتونس بالطبع . لا أخفي إعجابي بالجهد العلمي المميز الذي تتمتع به القاضية الصلبة في الدفاع عن آرائها، وإن كان اختلفنا احياناً و اتفقنا احياناً في بعض وجهات النظر حول أمور سياسية إلا أنني أود الإشارة في هذا الإطار إلي ايمانها واقتناعها التام بأن القاضي لا يصح أن ينخرط في العمل السياسي والحزبي.
هنيئا لتونس بالقاضيات المميزات وهنيئا للعمل الإنساني الدولي بوجود شخصية ثرية الفكر في مقام السيدة القاضية مُنية عمار في أطر العمل المتنوعة بمنظومة دولية هامة ( اللجنة الدولية للصليب الأحمر) والمرأة التونسية لديها رصيد معلوم للجميع في تمثيل المرأة العربية بالمحافل الدولية وابراز الدور الهام للمرأة في العمل التنموي والمجتمعي .
وننتقل إلى إشادة أخرى بالمرأة التونسية وجهودها للارتقاء بالمستوي الثقافي والفكري لأبناء
المناطق والجهات المهمشة، والملاحظ هنا أن الحكمة الصينية القائلة بأن وقت الأزمات تظهر الفرص والأفكار ، قد أثبت نجاعته فهناك سيدتان استثمرتا فترات الحظر الشامل والاغلاق التام لتطوير أفكار وأنشطة لا تلقى اهتماماً كافياً من الدوائر الرسمية المعنية بالثقافة في مقدمتها الربط بين الأنشطة الثقافية والمعايير البيئية ، وأحيي في هذا السياق ، الشقيقتين ‘سُنيه وسماح سويسي ‘ على جرأتهما في اختيار منطقة ‘ رواد جعفر ‘ لتطبيق أفكارهما غير التقليدية وافتتاح مركز ثقافي - بجهود ذاتية محدودة- في منطقة تفتقر إلى أنشطة ثقافية ومجتمعية ( رواد / جعفر ) ولدي الشقيقتين تصورات وطموحات للارتقاء بشباب المنطقة الذي لم ينل فرص تعليمية مناسبة ( هذا هو الحال في معظم دول منطقتنا ) . ولعلني أتطلع وغيري من المتابعين للأنشطة الثقافية لديهم اهتمام متواصل بالهوية التونسية أن يشتد عود هذه التجربة وأن تجد دعماً يسهم في جعلها نموذجاً يتم تطبيقه على باقي الجهات والمناطق لتشجيع الشباب على الانخراط في أنشطة ثقافية وليكن التركيز في البداية على استعادة الاهتمام بالهوايات والأنشطة البسيطة ( رسم ، تصوير، غناء ، تعليم الخط العربي..).
أوجه تحية خاصة لبعض وسائل الاعلام التي أدركت أهمية إلقاء الضوء على هذه التجربة المميزة التي تتواكب مع مرور عشر سنوات على حراك سياسي واجتماعي اتسم في بدايته بروح قوية لتشجيع الشباب وتمكينهم.
صحيح انه ليس المجال هنا للحديث عن السياسة ما يهمنا بالأخص أن صفحات وأفكار المرأة التونسية لا تنضب . فتحيا تونس ويحيا المجتمع المدني التونسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115