حالة من الغليان غير مسبوقة تعيش على وقعها عدد من ولايات الجمهورية بسبب الاعتصامات والاحتجاجات وإيقاف الإنتاج للمطالبة بالتنمية والتشغيل، ولايات أرادت اتباع خطى ولاية تطاوين للضغط وتحقيق أكثر ما يمكن من المطالب التي تختلف من ولاية إلى أخرى لكن الوسيلة المتبعة هي ذاتها وهي الاعتصام في مواقع حساسة وإيقاف الإنتاج، وقد اختارت تنسيقية اعتصام الصمود 2 بقابس غلق وحدات تعبئة الغاز وقد بلغ اعتصامها أسبوعه الثاني، أما تنسيقية اعتصام الدولاب بالقصرين فقد اقتحمت أمس مقر الشركة البترولية وأغلقت الفانا وسط تلويح تنسيقية اعتصام الكامور بولاية تطاوين بالعودة للاحتجاج من جديد في صورة عدم الانطلاق في تنفيذ الاتفاق، هذا وقد اختارت ولايات أخرى كخطوة أولى تنفيذ إضراب عام جهوي على غرار باجة المقرر غدا والقيروان يوم 3 ديسمبر المقبل.
في خطوة تصعيدية جديدة للمطالبة بالتنمية والتشغيل، اقتحم أفراد تنسيقية اعتصام الدولاب بالقصرين أمس مقر الشركة البترولية المنتصبة بالجهة وأغلقوا الفانا، وشددوا على أن الغلق سيتواصل إلى حين استجابة السلط إلى مطالبهم، وحسب بلاغ صادر عن التنسيقية فإن قرار الغلق يأتي على خلفية الغياب الكلي للسلط الجهوية والوطنية والمحلية وإلى عدم الاستجابة لمطالب الجهة في التنمية، وحسب تصريح الناطق الرسمي باسم اعتصام الدولاب بالقصرين محمد رؤوف خضراوي فإن قرار الاقتحام وغلق «الفانا» يعدّ خطوة تصعيدية بسبب عدم التجاوب مع مطالبهم، مضيفا أنهم بعد الحركة الاحتجاجية غادروا الشركة البترولية وعادوا لمواصلة الاعتصام أمامها.
رسالة تحذيرية من اعتصام الكامور إلى المشيشي
يبدو أن حكومة هشام المشيشي ستكون أما اختبارات صعبة، فالبلاد باتت بسبب حمى الاعتصامات والاحتجاجات على فوهة بركان والكل يطالب بالتنمية والتشغيل وحق الجهات في خيراتها حتى أن ولاية تطاوين بالرغم من حصول اتفاق وعودة الفانا للإنتاج من جديد، فإن تنسيقية اعتصام الكامور تلوح بالاحتجاج من جديد في صورة إذا لم تلتزم الحكومة بتعهداتها ولم تنطلق في تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه، ليتولى الناطق الرسمي باسم التنسيقية طارق الحداد توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة حذر فيها من تداعيات عدم الإيفاء بالاتفاق وخاصة عدم الإيفاء بتوفير أجور البستنة والألف مشروع التي تحدث عنها الوفد الحكومي، فولاية تطاوين قد عادت من جديد للاحتجاج وتطالب الحكومة بتنفيذ الوعود مع مساندت بقية الولايات المحتجة. وبالتزامن مع احتجاجات الولاية، أصدرت المحكمة الابتدائية بتطاوين بطاقة إيداع بالسجن في حق المنسق العام لتنسيقية الكامور ضو الغول، إثر قيامه بالاعتداء المادي واللفظي على دورية أمنية ليلة أول أمس والتهديد بما يوجب عقابا جنائيا.
غلق وحدات تعبئة الغاز ومستودعات توزيع المحروقات
غير بعيد عن القصرين وتطاوين، يتواصل اعتصام الصمود 2 بقابس والذي دخل في الأسبوع الثاني وغلق وحدات تعبئة الغاز في المنطقة الصناعية بقابس، اعتصام كان له تأثير كبير على مستوى تزويد بعض الولايات بالغاز المنزلي وقد خلف غضب الولايات المتضررة خاصة صفاقس وقد تعمدت مجموعة من شباب منطقة الصخيرة كردّ فعل على الغلق إلى غلق مستودعات توزيع المحروقات المتمركزة بالجهة وهذا من شأنه أن يتسبب في اضطراب كبير على مستوى توزيع المحروقات بكامل ولايات الجنوب لاسيما ولاية قابس، ووفق تصريح إذاعي لرئيس الغرفة الجهوية لأصحاب وكلاء محطات البنزين بقابس أمين الله فلاح فإن أغلب المحطات في قابس نفذت منها كميات الوقود ،مشيرا إلى أن الغرفة قامت بالتنسيق مع مختلف الأطراف المتداخلة لتزويد المحطات من المستودعات في تونس العاصمة بداية من اليوم.
تحميل المسؤولية للحكومة
هذا وحمل الاتحاد الجهوي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري والفرع الجهوي للمحامين وفرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حملوا الحكومة مسؤولية التأخير في فتح قنوات حوار مع المعتصمين الذين ينفذون اعتصاما مفتوحا منذ أكثر من عشرة أيام أمام مداخل المنطقة الصناعية والإدارة الجهوية للمجمع الكيميائي التونسي. وعبر ممثلو المنظمات الوطنية عن استغرابهم من صمت الحكومة إزاء الاعتصام ومطالبه. كما جددوا في البيان المشترك مساندتهم التامة لمطالب الاعتصام مطالبين السلطة التنفيذية التعجيل بفتح حوار جدي حول استحقاقات الجهة تجنبا لمزيد الاحتقان.
إضرابات عامة جهوية مرتقبة
لئن اختارت بعض الولايات غلق مواقع الإنتاج كخطوات تصعيدية، فإن ولايات أخرى فضلت التدرج في احتجاجها، حيث من المنتظر أن تنفذ ولاية باجة إضرابا جهويا غدا الأربعاء 25 نوفمبر الجاري، وقد كشفت تنسيقية المنظمات الوطنية والمجتمع المدني بباجة أمس خلال ندوة صحفية عن تراتيب الإضراب العام الجهوي على خلفية تنصل الحكومة من تعهداتها وعدم تنفيذ ما تم إقراره لفائدة الجهة سابقا لدفع التنمية والتشغيل. أما ولاية القيروان فقد قرر المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد الجهوي للشغل فيها تنفيذ إضراب عام بكامل ولاية القيروان يوم الخميس 3 ديسمبر القادم. وأوضح الكاتب العام الجهوي للشغل، سيد السبوعي أن الإضراب العام سيشمل كافة القطاعات وسيكون بمعية الشركاء من المنظمات والجمعيات، داعيا «كافة أبناء الجهة وكل نشطاء المجتمع المدني إلى الانضمام إلى هذا التحرك والى توحيد الصفوف وخوض المعركة معا من اجل الدفاع عن أحقية ولاية القيروان في التنمية». وقال إن «هذا التحرك سيكون رسالة صادرة إلى الحكومة بان ولاية القيروان موحدة في الدفاع على حقها، لإجبارها على الإيفاء بتعهداتها نحو الجهة»، محمّلا إياها ما سينجر عن هذه التحركات من توتر اجتماعي بسبب ما عانته الجهة من تهميش ومماطلة وتسويف». وأضاف أن يوم الإضراب العام لن «يكون يوما يتيما بل ستليه استراتيجيات نضالية متواصلة لن توقفها سوى الاستجابة لمطالب أهالي الجهة في التشغيل والتنمية، والماء الصالح للشراب، والصحة، وغيرها من المطالب الملحة والتي طال انتظارها.