وعندما نطالع النص الذي أعده الأستاذ احمد صواب نرى أننا لسنا أمام نص تقني يعتمد على مبررات شكلية وقانونية لدعم مطلب إيقاف التنفيذ ، بل أمام نص شامل منهجي يعتمد ما يمكن أن نسميه بإستراتيجية دفاعية متكاملة يتداخل فيه الدستوري مع القانوني مع الفقهي مع الفكري والسياسي في تناغم تام .. نص يبين فيه خطوة بخطوة مناقضة قرار بلدية الكرم إحداث صندوق للزكاة مع المقتضيات العامة والفلسفية نصا وروحا والتي قام عليها الدستور التونسي كما يبين أيضا مخالفة هذا الإجراء للمنظومة القانونية التونسية وتسيسه الواضح وكل ذلك موثقا بشكل منهجي وتسلسلي لا يملك المرء أمامه إلا الانحناء أمام هذا الجهد الاستثنائي المبذول في هذا النص ..
وفي الحقيقة ومع احترامنا لقرار المحكمة الإدارية التي قضت برفض إيقاف التنفيذ في انتظار الحكم في أصل القضية فإننا لا يمكننا إلا أن نستغرب من هذا القرار ما سنفعل لو قضت المحكمة الإدارية بعد أشهر أي سنتين أو سنتين ببطلان إجراء بلدية الكرم ؟ ماذا سنفعل بكل الأموال التي قدمها وسيقدمها مواطنون لهذا «الصندوق»› وماذا سنقول لكل البلديات التي تريد ان تنسج على منوال بلدية الكرم ؟ الم يكن من الحكمة وبصفة تحفظية قبول الطعن بإيقاف التنفيذ حتى لا تحصل كل هذه الأضرار والتي لا نستطيع فيما بعد إصلاحها..ثم لو قضت المحكمة في أصل القضية بسلامة إجراء إحداث هذا الصندوق يكون بالإمكان أن تنطلق هذه العملية دون خوف من نتائج لا يمكن إصلاحها ..
على كل حال نحن امام نص استثنائي للأستاذ احمد صواب فيه من الجهد والعمق والشمول ما يستحق القراءة المتمعنة المتفصحة ..
ونحن نخص قراء «المغرب» الأعزاء بهذا النص بنشره كاملا على حلقتين .
زياد كريشان
إلى جناب الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية
(مطلب توقيف تنفيذ في اطار دعوى الاعتراض)
- الموضوع: مطلب توقيف تنفيذ في اطار دعوى اعتراض والي تونس على قرار بلدية الكرم على معنى الفصل 278 من مجلّة الجماعات المحليّة.
- الطالب: والي تونس، محل مخابرته بمكاتبه بمقر الولاية، شارع الحبيب ثامر، تونس، محاميه الاستاذ احمد الصواب.
- المطلوب: رئيس بلدية الكرم، عنوانه بمكاتبه بمقر بلدية الكرم، 11 شارع محمد الخامس، الكرم، ولاية تونس.
- المصاحيب (نسخ مصورة):
1. محضر مداولات المجلس البلدي بالكرم في دورته الاستثنائيّة بتاريخ 21 /11 /2019.
2. البيان التوضيحي الصادر عن الوالي بتاريخ 18 ماي 2020.
3. دعوة لحضور حفل تدشين و إفتتاح صندوق الزكاة بالكرم.
4. مكتوب الوالي الموجه الى المعترض عليه بتاريخ 20 ماي 2020.
5. تدوينة وزير الشؤون المحلية على صفحته الرسمية بتاريخ 19 ماي 2020.
6. محضر جلسة الدورة الاستثنائية للمجلس الجهوي بتونس بتاريخ 20 /05 /2020.
7. مكتوب من رئيس بلديّة الكرم الى والي تونس بتاريخ 22 /05 /2020 "حول تخصيص فقرة بميزانيّة البلديّة تخصّ الهبات والتبرّعات ذات الصبغة الدينيّة".
8. عريضة جماعيّة من 6 مواطنين يطلبون من والي تونس التدخّل لالغاء القرار المنتقد بتاريخ 22 /05 /2020.
9. صور من الحملة الاتّصالية للاعلان عن صندوق الزكاة.
10. مقتطفات من المؤلف: Entretiens d’Olivier Ravanello avec Rached Ghannouchi au sujet de l’islam
11. مقتطفات من المؤلف الجماعي: قراءات في دستور الجمهورية الثانية.
12. مقتطف من المؤلف: قراءة في مسودة مشروع الدستور: تقييم وإقتراحات.
13. مقتطفات من المؤلف: Tunisie une révolution en pays d’islam
14. مقتطفات من المؤلف: Ces nouveaux mots qui font la Tunisie
15. مقتطفات من المؤلف: قانون مدني: النظرية العامة للقانون النظرية العامة للحق.
16. مقال الأستاذ الناجي بكوش "حول صندوق الزكاة".
17. مقال الأستاذ معتز القرقوري "الفصل 49 من الدستور الجديد هبة للقضاء".
18. مقال الأستاذ معتز القرقوري "روح الدستور".
19. مقتطف من المؤلف الجماعي: الجماعات المحلية والحريات الفردية.
سيدي الرئيس
تحيّة طيّبة، وبعد
بمقتضى هذا، يطلب والي تونس توقيف تنفيذ قرار بلدية الكرم بمختلف مراحله و إجراءاته وأعماله وخاصّة فتح الحساب الخاص وآخرها بعث صندوق الزكاة واقعيا وماديا بتاريخ 19 ماي 2020، وذلك طبقا لأحكام الفصل 278 من مجلة الجماعات المحلية (م.ج.م).
• أوّلا - في الوقائع والاجراءات
1. إجتمع المجلس البلدي بالكرم في دورة استثنائية بمقر البلدية بتاريخ 21 نوفمبر 2019 (مصاحب عدد1)، و تداول في عديد النقاط و منها و في ما يهمنا الموضوع عدد 4 "إحداث صندوق الزكاة"، وانتهى الى إقرار مبدأ إحداث هذا الصندوق.
2. ابدت وزارة الإشراف (وزارة الشؤون المحلية و البيئة) رأيها في الموضوع، وأحالته على الوالي بتاريخ 10 فيفري 2020، و قد تضمن بالأساس ما يلي:
- بعد التذكير بالفصل 4 من م.ج.م "تدير كل جماعة محلية المصالح المحلية وفق مبدأ التدبير الحر طبقا لأحكام الدستور والقانون مع احترام مقتضيات وحدة الدولة"، فإن الفصل 6 من الدستور إقتضى أن "الدولة راعية للدين"، مما يعني أن الشأن الديني من متعلقات الدولة دون سواها.
- إن النظام المالي للجماعات المحلية أحال بدوره لمجلة المحاسبة العمومية، وهي أحكام منظمة بدقة ولا مجال للتوسع فيها، مع التأكيد في هذا الخصوص أن التصرف في الحساب الخاص للجماعات المحلية يتم من قبل المحاسب العمومي وهو عون تابع للدولة و ليس للبلدية.
وتولى الوالي بدوره إحالة مكتوب وزير الشؤون المحلية و البيئة على رئيس بلدية الكرم بتاريخ 13 فيفري 2020.
وكل هذه الوقائع مضمنة بالبيان التوضيحي الصادر عن الوالي بتاريخ 18 ماي 2020 (المصاحب عدد2).
3. وبينما كان الوالي ينتظر تراجعا في هذا القرار، أو على الأقل مده بتوضيحات في الغرض، فوجئ بتلقيه شخصيا "دعوة لإحياء شعيرة الزكاة وبمناسبة ليلة القدر المباركة لحضور حفل تدشين وإفتتاح صندوق الزكاة بالكرم (أول صندوق زكاة في تونس منذ الإستقلال) وذلك يوم الثلاثاء 26 رمضان 1441 الموافق لـ 19 ماي 2020 ...بمقر الإستخلاصات الكائن ...بالكرم الشاطئ" (المصاحب عدد 3).
4. وجّه الوالي مكتوبا الى المعترض عليه بتاريخ 20 ماي 2020 ، وذكّره فيه بمضمون مكتوب وزارة الإشراف الراجع ليوم 10 فيفري 2020، و خاصة بـ "أن الموضوع يمثل شأنا دينيا من متعلقات الدولة دون سواها"، و طلب منه "العمل بهذه المقتضيات، وذلك حفاظا على سلامة الإجراءات و ضمانا لمبدأ الشفافية و النزاهة و الحياد" (المصاحب عدد 4).
5. وفي نفس صباح حفل تدشين الصندوق، دون وزير الشؤون المحلية على صفحته الرسمية ما يلي: "یتحدث الفصل 138 من مجلة الجماعات المحلية عن الهبات التي تتلقاها البلدية و الزكاة ليست هبة" (المصاحب عدد 5).
6. انعقدت دورة استثنائيّة للمجلس الجهوي بولاية تونس في 20 /05 /2020 بخصوص 3 مواضيع، آخرق تعلّق بـ "النظر في موضوع احداث صندوق الزكاة ببلديّة الكرم" (المصاحب عدد 6). وسنتولّى عرض أهمّ ما ورد في محضر جلستها:
- أكّد الوالي منذ البداية "على أنّ النقاش لا يتعلّق بموضوع الزكاة ومن معه ومن ضدّه، بل لمناقشة الاجراءات التي قامت بها البلديّة لاحداث صندوق وهل أنّ هذه الاجراءات قانونية أم لا" (ص 19).
- ثمّ تدخّل رئيس البلديّة وأشار الى "أنّ هذا الموضوع لا يتعلّق بالزكاة ولا بالانتماءات والتجاذبات السياسية بل هو موضوع قانوني، ويعتقد أنّه والمجلس البلدي من أكثر المجالس البلديّة القادرة على تطبيق القانون، باعتبار أنّ رئيسهم محام وأستاذ جامعي ورئيس محاضرة التأطير بالمعهد الاعلى للقضاء والمعهد الاعلى للمحاماة ورئيس رسائل التخرّج والقائمة تطول..." (ص 19).
وأضاف بعد ذلك "...وهؤلاء الاشخاص المستثنون الذين لهم فريضة شرعية لتأديتها وهي الزكاة. كافة المسلمين لهم نسبة على ثروتهم والتي بلغت النصاب ومرّة عليها سنة يجب اخراجها في شكل زكاة. وهذه الزكاة ليست يمعنى الهبة العامة التقليدي، بل تؤدّى بشروط وهذه الشروط تمّ تحديدها بفقه الزكاة لمصاريف محدّدة، حيث أنّ المبلغ المزكّى..." (ص
20). واردف في نفس الصفحة "انّ التصرفّ في الاموال... بعد أن يتمّ النظر فيها من قبل اهل الاختصاص في فقه الزكاة"، مواصلا "...بناء على ذلك تمّ تكوين هذه الهيئة الشرعيّة"، و "... يتمّ الاعلان عن دعوى عامة لايداع المطالب للانتفاع بمبالغ الزكاة ثمّ يقع التثبّت في وضعيّة الراغبين للانتفاع ويتمّ عرض ملفّاتهم على الهيئة الشرعيّة... وفي هذا السياق تمّ التمشّي في مقاربة اخرى اعتبارا وانّه في اذهاننا لا نفرّق بين الزكاة والصدقة، وهما شيئان مختلفان حيث أنّ الصدقة تجوز على أيّ شخص أما بالنسبة للزكاة فلديها نظام خاص".
وأشار كذلك بالصفحة 21 الى "... نقطة اختلاف تتمثّل فيما سمّي أو يريدون تسويقه بطريقة اسقاطية وهي مدنيّة الدولة، حيث نصّ الفصل الاوّل من الدستور بأنّ الدولة دينها الاسلام... وبالتالي فإنّه يتعيّن علينا التوفيق بين الفصل الاوّل والثاني حيث أخذنا من الفصل الأوّل مقتضيات الشريعة وتمكين الاشخاص من ممارسة شعائرهم الدينيّة...".
وبخصوص السلطة المحليّة تمسّك في نفس الصفحة بأنّها "سلطة، ومعنى ذلك فهي في نفس المستوى ونفس القدر والحجم من السلطة التنفيذيّة والقضائيّة والتشريعيّة... وهي ليست سلطة تابعة وليست تحت رقابة أو وصاية أحد... وهذه الاستقلالية تكون على الميدان بالتدبير الحرّ، ولم يقع ربط هذا التدبير الحرّ بأيّ شيء".
وفي ما يتعلّق بالوثائق الاداريّة وفي علاقة بصندوق الزكاة وفي اطار "الفصل 138 سيتمّ اعتماد في الاوراق الرسميّة على تسمية الهبات... ولكن على الاوراق الخاصة داخل المجلس البلدي والتي تنتدرج في تنظيمه الداخلي وتخضع للتدبير الحرّ والتي لا تخضع الى وصاية اي طرق ورقابة اي طرف حيث نسمي ما نشاء، نريد تسميته صندوق التوفيق صندوق الخير نحن احرار لاعتماد ايّ اسم... حيث في الميزانية الداخلية سنجد اسم مزكي ومزكى عليه وزكاة... باعتبار أنّ الزكاة ليست في نفس المقام من الهبة بل هي فريضة شرعيّة يتمّ تأديتها في باب الحرص على أن تكون عبادة سليمة... وبالتالي نمكّن المواطن من تأدية هذه الشريعة التي بقيت مغيّبة على المؤسسات، ومن العار ثمّ من العار أنّ اليوم لا نسمع اذا تمّ تغيير تسمية صندوق الزكاة باسم آخر لتمّ قبول الوضعيّة، بل بالعكس فنحن فخورون بهذه التسمية وهو شرف للبلديّة التي دخلت التاريخ من الباب الكبير حيث حققت للشعب التونسي حلما كان يتنظره على مدى عقود اذ اصبح يشعر الشعب التونسي انه اكتملت اليه حلقات الشعائر الدينية التي يؤمن بها بموجب الفصل الاوّل من الدستور الذي ينصّ على انّ تونس دينها الاسلام، والاسلام بني على خمسة فرائض: الشهادة، الصلاة، الصوم، الزكاة والحجّ" (آخر الصفحة 21 والصفحة 22).
- حضرت النائبة يامينة الزغلامي عن حزب حركة النهضة وتوجّهت بسؤال الى رئيس البلديّة "باعتباره محاميا ورجل قانون كيف انه اليوم يتولى ويعلن انه بالوثائق الرسميّة... يتولى توثيق كلّ التبرّعات في جانب الهبات، وفي الوثائق الداخلية ينصّ بأنّ ذلك يندرج في مجال الزكاة. وهل هذا يمسّ بوحدة الوثائق الرسمية للدولة التي يجب أن تكون شفافة... وبالتالي لا بدّ من الاجابة عن هذا الموضوع باعتبارها لا يمكن ان تقبل بهذا كنائبة شعب..." (الصفحة 23).
- كما حضر النائب أسامة الخليفي عن حزب قلب تونس وطالب بتمكينه بنسخة من مراسلة البلديّة لوزارة الماليّة واجابتها التي "مكّنته من فقرة بالحساب اسمها هبات ذات صبغة دينيّة" (الصفحة 23).
- وأخذ رئيس البلديّة الكلمة "وبيّن انّ هذه الجلسة ليست محاكمة... وبالنسبة لهذا الحزب... وما يمثّله هم عصابة ولا أجيب على تساؤلاتهم وهذه العصابة مكانهم الطبيعي السجن انتهى"، فطالب الوالي رئيس البلديّة بسحب عبارة "عصابة" والاّ سيتمّ رفع الجلسة، وهذا ما تمّ على اثر رفض السحب.
هذه المقتطفات لأهمّ ما ورد في محضر الجلسة المصاحب، وبالنظر لأهميّته يلزمنا بتقديم الملاحظات التالية:
- تمسّك رئيس البلديّة في بداية تدخّله أنّ مداخلته ستكون مقتصرة على القانون فقط، الا أنّ كلامه الذي فاق كلّ حصص بقيّة الحاضرين كان الغالب فيه الخطاب والفقه الدينيين.
- لئن كان من حقّ البلديّة استشارة من ترى فائدة منه، فإنّه لا يحقّ لها احداث لجنة شرعيّة في الانطلاق وفي الختام بتدخّلها في توزيع الزكاة.
- ارتكب رئيس البلديّة في نظرنا أخطاء فادحة في فهمه لمؤسسة السلطة المحليّة، في مخالفة بيّنة كما سنحلّله لاحقا للدستور وم.ج.م ومجلة المحاسبة العمومية، وصولا الى المساواة بين هذه السلطة والسلط التشريعية والتنفيذية والقضائيّة.
- أمّا ما تبقّى من مقتطفات مداخلة رئيس البلديّة، ومن سبب رفع الجلسة قبل انهاء غرضها، فإنّنا نظنّ أنّها لا تحتاج الى أيّ تعليق.
- امتنع رئيس البلديّة عن الاجابة عن الاسئلة الموجّهة له من النوّاب يامينة الزغلامي وعبير موسي وأسامة الخليفي.
مع الاشارة الى أنّنا سنتولى مناقشة كلّ الاسانيد، في حدود القانونيّة منها، التي تمسّك بها رئيس البلديّة في الجزء الثاني المتعلّق بالنقاش القانوني.
7. تلقّى والي تونس مكتوبا من رئيس بلديّة الكرم بتاريخ 22 /05 /2020 "حول تخصيص فقرة بميزانيّة البلديّة تخصّ الهبات والتبرّعات ذات الصبغة الدينيّة" (المصاحب عدد 7)، وكان مرفقا ببعض الوثائق المالية الداخليّة وأخرى بخصوص بداية اجراءات فتح الحساب الخاص لدى أمين المال الجهوي بتاريخ 20 /02 /2020، ولم تتضمّن ما يؤكّد اتمام هذه الاجراءات، طبق ما تقتضيه مجلّة المحاسبة العموميّة والتراتيب ذات العلاقة.
8. وردت على ولاية تونس بتاريخ 22 /05 /2020 عريضة جماعيّة من 6 مواطنين بخصوص طلب التدخّل لالغاء القرار المنتقد، وهم من سكّان عين زغوان التابعة لبلديّة الكرم (المصاحب عدد 8)، وتعتبر الولاية أنّ هذه العريضة تعدّ مطلب اثارة، على نحو ما جرى عليه قضاء المحكمة الادارية في مادّة الاجراءات والآجال.
9. يستنتج أنّ النزاع الماثل يشكّل عمليّة مركّبة (opération complexe)، انطلاقا من المداولات مرورا بقرار الاحداث وباجراءات فتح الحساب الخاص وصولا الى الاحداث المادي والواقعي.
• ثانيا - في النقاش القانوني
1. في طبيعة قرار احداث صندوق الزكاة و صبغته ؟
انّ السياق العام لصندوق الزكاة المحدث ببلديّة الكرم، في دورته الاستثنائية بتاريخ 21 /11 /2019، يبيّن أنّه في جوهره وفي مقاصده يتنزّل في اطار ديني خالص.
ويتأكّد هذا القول بالمؤشّرات الواردة في محضر الجلسة المعنيّة، وهي التالية:
1- انّ جدول اعمال الجلسة تضمّن 9 نقاط، وفيما يهمّنا النقطة 4 "احداث صندوق الزكاة"، والنقطة 9 والاخيرة والمتعلّقة بالمتفرّقات وهما اثنتان واوّلهما "مقترح امضاء اتفاقية مع جمعية علوم الزكاة".
ولا حاجة للاشارة للرابطة البديهية بين المسألتين المذكورتين.
2- ورد في الصفحة 11 من المحضر المذكور ما يلي:
"الموضوع: حول احداث صندوق الزكاة"
"تناول السيّد...عرض موضوع حول احداث صندوق الزكاة..."
مما يعني أنّ المسألة تتعلّق في منطلقها و جوهرها، ان لم نقل حصريّا، بموضوع صندوق للزكاة.
3- كما ورد بنفس الصفحة وفي اطار شرح الاسباب ما يلي:
"واعتبارا لما تمثّله فريضة الزكاة من قداسة باعتبارها ركنا من اركان الاسلام يسعى كلّ مسلم الى تطبيقه لاكتمال ايمانه..."
4- نصّ محضر الجلسة بالصفحة 12، على قرار المجلس البلدي في هذا الخصوص، كما يلي:
"وافق المجلس البلدي باجماع الحاضرين على احداث حساب خاص بالهبات يفتح ضمنه فصل تحت مسمّى فصل تحت مسمّى "صندوق الزكاة"...".
ويبرز معه انّ الظاهر هو صندوق يتضمّن عدّة فصول، فإنّ تسمية الصندوق باسم احد فصوله بعبارات و مضامين دينية بحتة، يكشف انّ الغرض الحقيقي هو الاحداث الحصري لصندوق الزكاة، والاّ لما غلب الفرع الاصل.
5- يلاحظ أنّ البلديّة لم تقم بـ "احداث حساب خاص بالهبات..." الا بمناسبة مناقشة احداث صندوق الزكاة، بما يبيّن نية المناورة القانونية.
ويتدعّم هذا الرأي من خلال:
- العمل الإتصالي الذي سخّرته البلدية للدعاية لهذا الصندوق منذ قرار المجلس البلدي وصولا الى احداثه يوم الثلاثاء 19 /05 /2020، ولصندوق الزكاة لا غير (لافتات، مقرّ، رخامة حائطية تذكارية، ندوة صحفية، كتاب في الغرض بقلم رئيس البلدية، حفل إفتتاح...) (المصاحب عدد 9).
- نصّ الدعوة النموذجية موضوع المصاحب عدد 3 والتي تضمنت العبارات التالية: "دعوة لإحياء شعيرة الزكاة و بمناسبة ليلة القدر المباركة لحضور حفل تدشين و إفتتاح صندوق الزكاة بالكرم".
ويستنتج من كلّ ما سبق، انّ قرار البلدية، وان كان في ظاهره قانونيا، فإنّه في جوهره ومؤدّاه عمل يخصّ شعيرة اسلامية وبالتالي هو عمل ديني في اسسه ومقاصده، طبق ما هو بارز أعلاه انطلاقا بالاساس من مؤشّرات شكليّة ومضمونية مثبتة في محضر جلسة المجلس البلدي للكرم، وهذا المحضر هو اساس احداث صندوق الزكاة، علاوة على المؤشرين سابقي الذكر.
2. في جواز الاحتجاج بالدستور
هل يجوز مناقشة دستورية القرارات الادارية ؟
1- انّ نظرية القانون الحاجب (la théorie de la loi écran) وهي السائدة في فقه قضاء المحكمة الادارية الى حدود الثورة، تمنع على القاضي الاداري مناقشة دستورية القرار الادارية اذا كان هذا القرار مطابقا للقانون (يراجع المؤلف الجماعي "الأحكام الكبرى في فقه القضاء الإداري- محمد رضا جنيح و المنتصر الوردي و سهام بوعجيلة و أحمد سهيل الراعي و فاضل المكور- مركز النشر الجامعي – 2007- ص380 الى 382).
الا اننا نرى انه لا عمل بهذه النظرية في ظلّ غياب قانون حاجب، طالما انّ مجلّة الجماعات المحليّة لم تتعرّض لصندوق الزكاة و بصفة عامة لأي نشاط ديني مهما كانت إجراءاته أو أشكاله، وعليه جاز مناقشة مدى احترام قرار بلدية الكرم في هذا الخصوص لدستور البلاد.
2- الا انه ومهما كانت الحالة، وحتى على فرض وجود هذا القانون الحاجب (مجلة الجماعات المحلية)، فقد فرضت المجلة وجوب احترام الدستور عند اعمال مبدأ التدبير الحرّ، مما يعني معه انه من الجائز ان يناقش القاضي الاداري دستورية قرارات البلدية التي تستند على التدبير الحرّ.
اذ اقتضى الفصل الرابع من المجلّة ما يلي: "تدير كلّ جماعة محليّة وفق مبدأ التدبير الحرّ طبقا لاحكام الدستور والقانون...".
مع التأكيد انّه نادرا ما ورد في القوانين وبأحكام صريحة مبدأ احترام الدستور.
3. عن المطعن الأول المتعلق بمخالفة مبدأ الدولة المدنية الوارد في 3 مواضع بالدستور
1- في مخالفة التوطئة:
لئن ورد في التوطئة (الفقرة 2) تمسّك الشعب التونسي "بتعاليم الاسلام ومقاصده"، فقد ورد لاحقا (الفقرة 3) التأسيس "لنظام جمهوري ديمقراطي تشاركي، في إطار دولة دولة مدنيّة".
ويستنتج ممّا سبق، أنّه وفي كلّ الحالات، تبقى الدولة المدنيّة الاطار الذي يستوعب القانون الإسلامي (تعاليمه ومقاصده...)، خاصّة وأنّ عبارة "التأسيس" بالنسبة للأولى (الدولة المدنية) تفيد هذا المعنى مقارنة بعبارة "التمسّك" بالنسبة للثانية (تعاليم الاسلام ومقاصده)، فضلا عن أنّه بالرجوع الى الاصول وبالتحديد تأسيس دولة الاسلام بالمدينة المنورة، يتأكد و بتصريح رئيس حركة النهضة و رئيس البرلمان الأستاذ راشد الغنوشي "إن الإسلام أسس دولة في المدينة بميثاق سياسي، يمكن أن يكون اليوم دستورا تعدديا، ممضى من المسلمين و اليهود و البقية" (يراجع كتاب Entretiens d’Olivier Ravanello avec Rached Ghannouchi au sujet de l’islam - دار النشر إرتحال – 2015- ص.99). (المصاحب عدد 10)
2- في مخالفة الفصل 2 من الدستور:
قياسا بما ورد بالتوطئة وامتدادا له، ولئن نصّ الفصل الأوّل أنّ "تونس... الاسلام دينها..."، فقد تضمّن الفصل 2 من الدستور أنّ "تونس دولة مدنية...".
و على خلاف ما يراه البعض من أن عبارة الإسلام مرتبطة بالدولة، فإننا نرى أن هذا التأويل خاطئ ضرورة:
- أن الدولة لا دين لها، بإستثناء الدول الدينية (ايران)،
- أن القبول برأي هؤلاء يجرنا الى التناقض مع الفصل 2، إذ سنواجه دولتين: دولة دينية (الفصل الأول) و دولة مدنية (الفصل الثاني)،
و بالنظر الى المبدأ القائل بأن المشرع منزه عن العبث، فإنه لا يمكن القبول بالمنطق القانوني و خاصة السياسي، الا بأن الإسلام يخص الشعب و بأن المدنية تخص الدولة (يراجع في الخصوص مقال الأستاذة لمياء ناجي- مدنية الدولة- مؤلف جماعي – قراءات في دستور الجمهورية الثانية- منشورات مدرسة الدكتوراه بكلية الحقوق بصفاقس – 2017- ص.37) (المصاحب عدد 11).
3- في مخالفة الفصل 49 من الدستور:
لقد أقر هذا الفصل لا فقط مبدأ "الدولة المدنية الديمقراطية"، بل أقره كذلك حماية ضد المساس من جوهر الحقوق و الحريات.
بناءا على ما سبق، نلاحظ أن مفهوم الدولة المدنية ورد ثلاث مرات بالدستور، و من النادر أن نجد مثل هذا التكرار الذي يفهم منه التأكيد على مبدأ مدنية الدولة من قبل السلطة التأسيسية.
4- في وجوب التذكير بالإطار التاريخي و السياسي لمفهوم الدولة المدنية
سنعرض سلسلة من الأسانيد لإثبات أن الدولة المدنية هي إبداع دستوري تونسي (على شاكلة مفهوم الأمن الجمهوري) ناتج عن سياقات وطنية، و من دون إيماء النظم الدستورية المقارنة و إسقاطاتها في الموضوع (منع شبه كلي للشعائر الدينية في الأنظمة الشيوعية و العلمانية Sécularisme في الأنظمة الأنقلوسكسونية و اللائكية Laïcité في النظام الفرنسي)، و من هذه الأسانيد:
- "لم ينص دستور 1959 صراحة على مدنية الدولة، و مع ذلك فرضها الآباء المؤسسون لتونس الحديثة عبر عدة قوانين" (يراجع في الخصوص مقال الأستاذة لمياء ناجي – المذكور أعلاه - ص.35)، في نفس الإتجاه إعتبر الأستاذ غازي الغرايري أن "الجمهورية التونسية منذ دستور 1959 دولة مدنية، لكن من دون أي إقرار دستوري مكتوب بذلك" (يراجع المؤلف: قراءة في مسودة مشروع الدستور: تقييم و إقتراحات- 2013- يوم دراسي عبد الفتاح عمر بالمكتبة الوطنية- ص.60) (المصاحب عدد 12).
و تضيف الأستاذة لمياء ناجي "فمدنية الدولة لا تتعارض مع أن يستلهم القانون أحكامه من الدين، كما أنها لا تمنع عناية الدولة بالمؤسسات الدينية و إحترام تعاليمها، على العكس يصبح تدخل الدولة للحفاظ على الدين و رعايته حقا للدولة كممثل للشعب حتي لا يحتكره فرد أو فئة أو مجموعة" (ص34). و في ربطها بين الجمهورية الأولى و الجمهورية الثانية، تؤكد الجامعية على ما يلي "و ما إحاطة الفصل الثاني و الفصل 49 بحصانة من التعديلات الدستورية الا تأكيد على التمسك بمدنية الدولة التي إرتآها واضعوا دستور 1959 و التي أصبحت جزءا من الهوية التونسية. فالدستور الذي لا يجمع كامل مكونات المجتمع و لا يعكس هويته بإختلاف أطيافه، لا أمل في أن يقع إستبطانه من قبل الحاكم و المحكوم" (ص.48). و يتبين معه أن المفهوم التونسي للدولة المدنية يعكس مباشرة تاريخ تونس الحديث و تراكماته و إرهاصاته، و بالتالي فهو ليس مستوردا، كما يتبين أنه ليس في قطيعة مع تاريخ الإنسانية و حضاراتها، "و بذلك يكون الفصل الثاني قد كرس المفهوم الأصلي للمدنية (civitas) التي إرتبطت منذ الرومان بالحرية وبالشعب" (ص.47).
- وفي هذا الموضوع، و من دون معاينة تعارض مع طرح الأستاذة لمياء ناجي، تمسك الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التي رشحت رئيس بلدية الكرم على رأس قائمتها بالمكان، بما يلي:
Ce n’est pas à l’Etat d’imposer une religion aux gens, d’imposer l’islam : la question de l’islam relève de la société . Le rôle de l’Etat est de préserver la paix civile et de présenter des services. Et n’est pas d’imposer un type particulier de pratiques religieuses, ni un type particulier de modernité
(يراجع كتاب الأستاذ عياض بن عاشور- Tunisie une révolution en pays d’islam – دار سراس للنشر- 2016 – ص.135) (مصاحب عدد 13)، و يرى الأستاذ عياض بن عاشور في هذه الأقوال:
«Une véritable profession de foi démocratique et laïque»
وبخصوص الحداثة المثارة من قبل الأستاذ راشد الغنوشي أعلاه، فإنه يحصرها في مبدأين "بالنسبة لي، الحداثة تتأسس على مبدأين: الحرية و العلم" (Entretiens d’Olivier Ravanello avec Rached Ghannouchi au sujet de l’islam – المرجع المذكور أعلاه – ص.103).
وفي نفس السياق، و من دون أن يخالف كذلك هذه المرة الأستاذ عياض بن عاشور، يفهم من الأستاذ راشد الغنوشي أنه ضد الخيار الفرنسي (اللائكية) وقريب من الخيار الأنقلوسكسوني (العلمانية) الذي هو ليس في حرب ضد الدين، فلكل تاريخه، كما يضيف أنه لا وجود لوسيط بين الإنسان و الخالق، فلكل شخص علاقة مباشرة مع ربه ويحاسب أمامه. (المرجع الأخير في الذكر – ص.47 و 48). وقدم الأستاذ راشد الغنوشي تقريبا نفس هذه الآراء في مؤلف آخر (Ces nouveaux mots qui font la Tunisie- هادية بركات و ألفة بلحسين – دار سراس للنشر- 2016- ص.188 و 189) (المصاحب عدد 14).
- أما الأستاذ عياض بن عاشور و في مؤلفه المذكور أعلاه، فقد تحدث بخصوص الفترة التأسيسية عن توافق بتبني مفهوم الدولة المدنية، وهو توافق في الآن نفسه إرادي و إجباري، يجنب إتهام البعض باللائكية و ما تعنيه العبارة من عدم الإيمان و الإلحاد، و البعض الآخر بالدولة التيوقراطية (ص.238 و 239). و يستنتج في الأخير و في قراءة تناسقية بين الفصلين 1 و 2 من الدستور:
Un «peuple musulman» constitue une description de culte, de mœurs, de cultures et de civilisation pour la majorité.
Un «Etat civil» constitue une prescription de constitution de droit et de loi pour la nation (ص.343).
- أما الأستاذ علي المزغني فيعتبر:
« L’Etat civil est un néologisme… Or l’Etat moderne ne peut qu’être séculier et laïc, car articulé autour de la loi et non de la foi. Avec cette garantie le référent religieux auquel renvoi par ailleurs la constitution est dépouillé de sa notion normative ».
(المؤلف Ces nouveaux mots qui font la Tunisie، ص.188).
- وبناءا على ما سبق، فإن المحكمة الإدارية سبق لها و بخصوص دعوى أصلية بنيت على أساس الشريعة الإسلامية التي تقتضي أن شهادة المرأة تساوي نصف شهادة الرجل، أن رفضت على أساس أن الدستور نص على مبدأ المساواة بين الجنسين (طعن ضد مناظرة عدول إشهاد – قرار ت.س علي عمامو ضد وزارة العدل في 10 مارس 1998).
وهذا لا يعني أن القانون الإسلامي لا يشكل مصدرا من مصادر القانون، فالثابت أن آثاره موجودة في عديد النصوص التشريعية، و على وجه الخصوص "قانون العائلة أو في نظرية الحقوق الشخصية أو في ما يتعلق بالحقوق العينية... و كتب في هذا الشأن David Santillana في التقرير الذي تصدر مشروع مجلة الالتزامات و العقود ... و لا يوجد بالمشروع أي أثر لما هو مخالف لمذهب أشهر فقهاء الإسلام " (يراجع مؤلف الأستاذ محمد كمال شرف الدين- قانون مدني: النظرية العامة للقانون النظرية العامة للحق- طبعة ثانية 2017- مجمع الأطرش للنشر- ص.61 و 62) (المصاحب عدد 15).
وفي ما يتعلق بالمادة المالية و البنكية، فقد وقع إدراج الصيرفة الإسلامية صلب القانون المتعلق بالبنوك و المؤسسات المالية المؤرخ في 11 جولية 2016 تحت عدد48، و القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي عدد 35 المؤرخ في 25 أفريل 2016، و القانون المتعلق بصناديق الإستثمار الإسلامية عدد48 في 9 ديسمبر 2013، و القانون المتعلق بالصكوك الإسلامية عدد30 المؤرخ في 30 جويلية 2013.
كما أن ولاية المظالم كانت مؤثرة عند إحداث المحكمة الإدارية في تونس، و في هذا الإتجاه كتب الأستاذ عياض بن عاشور "هذه بعض الفوارق التي تميز (والي) المظالم عن القضاء نقلنا أهمها لا لسبيل الذكر المجرد و الإطلاع على تاريخ النظم (القضائية)، و لكن للتشابه المذهل بين المبادئ التي قام عليها هذا اللون من القضاء الإداري في تاريخ الحضارة الإسلامية، و تلك التي تسود على الأنظمة المعاصرة ...(يراجع مؤلفه القضاء الإداري و فقه المرافعات الإدارية في تونس- طبعة ثانية- مركز النشر الجامعي- ص.38).
و يضاف الى هذا أن "رسالة سيدنا عمر الى القاضي ابي موسى الأشعري" بما تضمنته من مبادئ أهمها: المساواة بين المتقاضين و قواعد الإثبات، كانت موجودة في مداولات الهيئات القضائية بالمحكمة الإدارية و كذلك في روح فقه القضاء الإداري.
و يستنتج من كل ما سبق، أن الدولة المدنية مفهوم تونسي، بعيد عن النظام الفرنسي و قريب من النظام الأنقلوسكسوني. و هي ليست في مواجهة مع الدين الذي يشكل أحد مصادرها في التشريعات الوطنية، بإرادة الشعب (الفصل 2 من الدستور) صاحب السيادة التي يمارسها عبر الإستفتاء أو ممثليه (الفصل 3 من الدستور)، مع التأكيد على أن الدولة المدنية تشكل أحد آليات حماية الحقوق والحريات (الفصل 49 منه).
وعليه يكون قرار بلدية الكرم في احداث صندوق للزكاة مخالفا لتوطئة الدستور وللفصلين 2 و 49 منه، طالما انّ المضمون يضلّ دينيّا ويعارض مبدأ مدنية الدولة، فضلا عن غياب أي سند نصي وطني في الغرض، علاوة على ان الإبقاء على صندوق الزكاة المذكور لن يزيد من إسلام التونسيين وفي المقابل فإن إلغاءه لن ينقص منه لديهم.
والسلام
الأستاذ أحمد الصواب