التي تتشكل بالمزج بينهما يتضح ان ما يجمع بين الحدثين رئيس حركة النهضة والبرلمان راشد الغنوشي الذي بات في دوامة كلما سعى للخروج منها سحبته اليها اكثر.
يوم أمس اختزلت الحواجز التي احاطت بساحة باردو حالة الخوف «المرضي» التي تعترى حركة النهضة وخاصة رئيسها راشد الغنوشي ، خوف من كل شيء حتى وان كانت دعوات تتناقلها منصات التواصل الاجتماعي للاعتصام والمناداة بحل البرلمان وتغيير النظام السياسي.
دعوة ابرز دعاتها النائبة السابقة عن نداء تونس فاطمة المسدي، ومجموعة تقدم نفسها على أنها مجموعة نشطاء سياسيين من خارج الأحزاب لكنها كانت كافية لحركة النهضة لتنطلق في حالة الذعر التي انتقلت للبرلمان الذي طالب وزارة الداخلية بإغلاق الساحة وإقامة حواجز تحول دون التجمهر امام مقره بباردو، وهو حصل، اذ اغلقت الساحة وأحيط البرلمان بسياج من الحواجز الحديدية.
حواجز يبدو ان من دفع الى اقامتها حول البرلمان حركة النهضة التي تخشي من «اعتصام الرحيل 2» رغم ادراكها ان جل الاحزاب السياسية المنتمية للمعارضة قد اعلنت عن عدم مشاركتها فيه وتنصلت منه ومن مطالبه التي ياتي في مقدمتها حل البرلمان وتغيير النظام السياسي والقانون الانتخابي وتنقيح الدستور وعرض ذلك على الاستفتاء الشعبي.
مطالب تدرك النهضة انها غير جدية وان اصحابها غير قادرين على فرضها على وأنهم مجموعة من الشخصيات لا تأثير سياسي لها ولا وزن انتخابي لها تخشى من ان يلتحق بها انصار الرئيس قيس سعيد لكن الدعوة باتت غير ذات معنى بعد ان اعلن الرئيس عن رفضه للفوضى وتحذيره منها.
إذن هي مجرد حركة احتجاجية لن تكون قادرة على قلب الموازين او ارباك المشهد كما أظهرت النهضة خشيتها المفرطة من الاعتصام الذي ينادي بإقامة الجمهورية الثالثة احتجاجا على انحراف البرلمان وأخطاء رئيسه راشد الغنوشي وآخرها اتصاله الهاتفي بحكومة السراج، ذات الخطإ الذي ادى الى إقرار جلسة عامة في البرلمان باتت تعرف بجلسة مساءلة الغنوشي .
جلسة يفصل بينها وبين الاعتصام يومان، سيكونان عصيبان على النهضة التي تعيش حالة من الخوف المركب، خوف من شركائها ومن خصومها في الساحة السياسية واجهزة الحكم وخوف من انفراط عقدها وانهيار بيتها الداخلي على خلفية حروب التموقع وحالة الغليان التي نجمت عن سيناريوهات مفترضة للمؤتمر ومصير الغنوشي في الحركة.
خوف اجتمع على النهضة وبالأساس على رئيسها الذي سيجد نفسه يوم 3 جوان في مرمى نيران الاصدقاء قبل الخصوم، اذ ان الجلسة العامة المخصصة للنظر في الدبلوماسية البرلمانية وما يقوم به رئيس المجلس ستكون فرصة للوقوف على حجم التباين بين النهضة وشركاء الحكم وبينها وبين الدستوري الحر وحدود علاقتها بقلب تونس التي يبدو انها مرتبطة بتقديرات الاخير ورهاناته السياسية ومصالحه.
جلسة يبدو انها ستعيد حركة النهضة الى اجواء الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة لحكومة الحبيب الجملي، جلسة لم تجد فيها الحركة من حليف غير ائتلاف الكرامة، وهو ما يجعلها لا تحتكم إلا على ثلث البرلمان فيما الثلثان الآخران على يسارها.
هذا ما تخشاه النهضة وهو ان تجر تباعا الى العزلة في البرلمان بان تفقد قدرتها على التحكم في نسق اشغاله، وهو ما يعنى خسارة كل اوراق اللعب والاكتفاء بلعب ادوار ثانوية في المشهد الذي سيهيمن عليه الرئيس والحكومة ومعارضو النهضة في البرلمان.
معارضون توسعت قاعدتهم وهو ما تستدل به النهضة لتكشف انها في وضع غير طبيعي وانها مستهدفة في وجودها، وهذا ما يفسر رد فعلها على الدعوة للاعتصام اكثر، اذ تجمع النهضة بين الاعتصام وبين تطورات المجلس لتقول بانها تتعرض لهجمة شرسة انتقلت منها لتنصب على رئيسها لغاية اقصائها من المشهد تدريدجيا.
اقصاء هو ما تلوح به النهضة للحد من الصدام الداخلي بين اجنحة وتيارات تبحث عن قيادة مرحلة ما بعد الغنوشي في النهضة، مع التمسك بنهاية عصر الشيخ، لكن يرغب البعض في تأجيل هذه المرحلة ويتعلل بالأوضاع السياسية في البلاد وما قد ينجر عنه خروج الغنوشي من تداعيات على الحركة.
عناصر تجتمع لتشكل دوامة انقاد اليها الغنوشي وجر معه حركته التي باتت تعتمد على الخوف لضمان تماسكها.