كشف حسن الزرقوني، المدير العام لمؤسسة «سيغما كونساي»، المختصة في سبر الآراء يوم أمس عن نتائج دراسة ميدانية أجريت طوال شهر ديسمبر 2015 ومسحت 5 دول من شمال إفريقيا، وهي كل من المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا ومصر.
هذه الدراسة المسحية كانت بطلب من مؤسسة كونراد اديناور الألمانية التي حدّدت محاورها الثلاثة، علاقة مواطني الدول الخمس بالدين والتدين، وثانيا نظرتهم للإسلام السياسي واخيرا نظرتهم للتطرف الديني وتنظيم «داعش الارهابي». وفصلت هذه المحاور إلى 31 سؤالا، وجّهت إلى 5000 مواطن ومواطنة سنهم فوق 18، من الدول الخمس، بحصة 1000 مواطن عينة عن كل بلد مع الأخذ بعين الاعتبار الحصص والنسب المتعلقة به، كالجنس والوسط والتعليم والمستوى المعيشي.
دراسة انتهت إلى خلاصات أبرزها كما ذكرها حسن الزرقوني، ان التدين التونسي هو تدين «شعائري وطقوسي» مشيرا إلى انه قريب من احترام التعاليم الدينية « الصلاة والزكاة وكل قواعد الإسلام» مختزلا قوله بان التونسيين هم «محافظون يتبعون الإسلام التقليدي».
هذا المفهوم الذي وجد منذ قرون في تونس يعبر عنه بمقولة الإسلام الزيتوني، القائم على ثلاثية «في عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك»، التي تعتبرها السلفية بمختلف مدارسها تجعل الدين «شعائر وطقوس».
وهو ما تبينه الدراسة تقريبا، فـاكثر من نصف التونسيين يأتون شعيرة الصلاة، و91.7 % يصومون شهر رمضان. لكن التزام التونسيين بالصلاة والصيام يقابله رفض 96 % منهم للباس النقاب ورفض 8 أعشار للباس الأفغاني (الشرعي لدى السلفية) مقابل دعم 60 % للباس الحجاب للمرأة. وهو ما يفسره الزرقوني بان نسبة «ضغط على المرأة من الناحية الدينية والتقليدية» موجودة لكنها ليست بالحدة التي هي عليه في بقية الدول الخمس.
وابرز ما تكشفه الدراسة ليس علاقة التونسي بالتدين فقط وإنما نظرته للإسلام السياسي، فـ72.8 % مع الفصل بين الدين والسياسة، و75.6 % يرفضون تدخل الإمام ف الحياة السياسية، كما ان 69.5 % منهم يرفضون ان تكون الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع .
هذه النسب التي تعكس علاقة التونسي بالدين الإسلامي هي علاقة شخصية تقوم على ان الفرد يلتزم شخصيا بالشعائر والطقوس ولكنه يفضل أن يدار الشأن العام من خارج الأطر الدينية وان لا يكون لرجال الدين دور فيه، حيث ان 57.6 % من التونسيين يعتبرون ان تأثير الإسلام على الحياة السياسية سلبي، لكن 68.2 % مع ان تكون الدولة هي الوحيدة المخول لها الدفاع عن الإسلام.
ورفض ان تتولى أطراف غير الدولة الإشراف او الدفاع عن الإسلام في حال التعرض لحملات مناهضة (اهانة للشعائر او...) يقترن باعتبار 31 % منهم ان مصطلح «تطرف ديني « يعني افتراء هؤلاء على الاسلام، في حين يعتبر اكثر من الربع منهم ذات المصطلح اشارة الى منظمة ارهابية، ويعتبر %79.6 منهم ان هذه الظاهرة منتشرة في تونس.
ويعود سبب انتشار الارهاب بالنسبة الى التونسيين الى سوء فهم للدين بنسبة 22.2 % وبنسبة مقاربة البطالة التي يعتبر 21.2 % من التونسيين انها من أسباب انتشار التطرف والارهاب، ويرى %11.1 من التونسيين ان الجهة التي ساهمت في انتشار التطرف هي «الوهابية» ولكن 16.3 % يعتبر ان الأحزاب الإسلامية هي المسؤولة.
واللافت ان حوالي 9 أعشار التونسيين يعتبرون ان الإرهاب خطر على تونس و92 % من التونسيين أيضا لديهم صورة سلبية عن تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي.
هذه الدراسة وما كشفت عنه تعيد رسم الصورة الذهنية عن علاقة التونسي والاسلام والسياسة، وتبين ان فهم الاسلام والعلاقة بين الفرد والدين مختلفة في تونس عن بقية الدول، بما فيها دول الجوار الخمس.