في أسبوع إحياء الذكرى الثالثة لاستشهاده: اغتيال محمد الزواري على يد الموساد ... المعاني والرسائل الاستراتيجية

في الذكرى الثالثة لاغتيال الشهيد محمد الزواري نظمت الرابطة التونسية للتسامح ومجموعة من منظمات المجتمع المدني على مدى أسبوع كامل

في تونس وفي صفاقس عدة فعاليات وندوات فكرية حول دلالات الاغتيال والرسائل الاستراتيجية...وقد أكد المشاركون في ندوة « اغتيال محمد الزواري: المعاني والدلالات» ان جريمة اغتيال الشهيد يوم 15 ديسمبر 2016 في مدينة صفاقس التونسية، كانت عملية تكتيكية أراد العدو الاسرائيلي من خلال تنفيذها تحقيق حزمة من الأهداف الإستراتيجية، التي تصبّ في مصلحة المشروع الصهيوني. 

فالشعب التونسي شارك الشعب الفلسطيني في كل اشكال النضال وسقط منه عشرات الشهداء منذ سنة 1948 . وقد انضم الشهيد الزواري الى قافة شهداء تونس في فلسطين .

حرب الظلال
وقد اكد رئيس جمعية دراسات ارض فلسطين للتنمية والانتماء عابد الزريعي في مداخلته ان حرب الظلال كما يسميها زئيف شيف تشكل استراتيجية عمل ثابتة ومعتمدة، لدى «اسرائيل» من اجل تحقيق أهداف المشروع الصهيوني. وقد نفذت الحركة الصهيونية هذه الاستراتيجية ضد اليهود أنفسهم لإجبارهم على الهجرة الى فلسطين، وواصلت ذلك بعد قيام الكيان، سواء ضد اليهود الذين تضعهم على قائمة العدو، او ضد الاخر الذي يناضل ضد الكيان، وفي هذا السياق نفذت إسرائيل منذ عام 2000 ، وحتى اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا في 12 نوفمبر 2019 نحو 430 عملية اغتيال بحق قيادات سياسية وعسكرية ونشطاء فلسطينيين وعرب وأمميين. حوالي 23 عملية في كل عام وبمعدل عمليتين كل شهر.
ويؤكد الزريعي بان الكيان الصهيوني يستند وبشكل أساسي الى ثلاثة ثوابت أساسية، تحكم سلوكه العسكري والأمني والسياسي. وتقوم بدور الموجه خلف كل خطوة عملية يقدم عليها، وتتمثل فيما يلي:

أولا: الثابت الأيديولوجي: النظرية الصهيونية بكافة ابعادها العنصرية والتوسعية والعدوانية. لا ترى الاخر -بحكم مرتكزاتها الاساسية- الا موضوعا او معيقا للفعل، بما يفرض استخدامه لمصلحتها او ازاحته من طريقها بأية وسية كانت.

ثانيا: الثابت الأمني: مفهوم الأمن القومي القائم على فكرة انه يجب ان تكون اسرائيل هي الاقوى عسكريا واقتصاديا وسياسيا على مستوى المنطقة والإقليم.

ثالثا: الثابت العملياتي: كل بلدان الوطن العربي تمثل ساحة صراع نشط. وكل دولة عربية دولة مواجهة. مهما كانت سياساتها وعلاقاتها الدولية ومهما كان بعدها الجغرافي. ومهما حاولت ان تبدي من لين الطرف تجاهه، فهذا الوضع بالنسبة إليه ليس أكثر من عامل مساعد لتحقيق الاختراقات الامنية وإدارة الصراع بمفهومه الشامل.

الأهداف الاستراتيجية لاغتيال الزواري
ويتابع الزريعي ان قرار الاغتيال لم يكن عفويا او خاضعا للصدفة او اغراء الهدف، وانما كان ـــ وفي كل عمليات الاغتيال ـــ نتيجة تفاعل المستوى الامني والعسكري والسياسي داخل الكيان، لذلك فان عملية التنفيذ ترتبط بدورها بمجموعة من الاهداف المراد تحقيقها، والرسائل التي يتم توجيهها ارتباطا بنوعية الهدف وزمان ومكان اصطياده. وفي هذا السياق احتل الشهيد الزواري اهمية خاصة في مخططات العدو، لأنه وجد نفسه في لحظة تاريخية محددة امام هدف مثالي. فأراد الاستفادة من اغتياله في فتح صناديق بريده وتوزيع رسائله في أكثر من اتجاه. مستفيدا من جملة القضايا والمعاني التي تتقاطع عند شخصية الشهيد وتجربته الحياتية والنضالية. يتأكد ذلك من خلال مبادرة العدو بتسريب خبر العملية وترويجه على غير عادته. وقيامه بمخاطرة امنية بإرسال فريق لتصوير مكان الجريمة. والاحتفاء بالعملية اعلاميا ــ فيلم توثيقي ـــ بعد 3 سنوات من تنفيذها. وبغض النظر عن ترتيب هذه الرسائل. وسرعة وبطء وصولها. أو تأخيرها. أو ضياعها في زحمة الأحداث المتلاحقة . أو القدرة على استيعابها وبالنتيجة بناء آليات التعامل معها.

الاغتيال واستهداف الانسان
لقد اراد العدو من خلال عملية الاغتيال ان يبعث برسائله عبر هذه المستويات في تفاعلها وتقاطعها. بمضامين محددة مفادها: ان كوادر المقاومة الفلسطينية، يبقون دائما في دائرة الملاحقة والاستهداف بالتصفية والاغتيال من قبل اجهزة الأمن الصهيونية. وفي هذا السياق ينضم الشهيد الزواري الى كوكبة من شهداء المقاومة الفلسطينية الذين سبق أن وصلت إليهم يد الغدر الصهيونية وان التطور العلمي في أي بلد عربي يشكل خطرا على الكيان الصهيوني ولابد من استهدافه اينما وجد. ومنع اية امكانية للتطور العلمي من خلال ملاحقة الكفاءات والخبرات العربية وتصفيتها بالخطف والاغتيال. وفي هذا الجانب اعتبر المحللون الصهاينة ان الاغتيال ليس حسابا على ما مضى وإنما تحسبا للمستقبل. وهنا ينضم الشهيد الى قافلة العلماء والكفاءات العربية التي تم اغتيالها أو خطفها مثل ضرار السيسي مهندس صواريخ حماس الذي اختطف في اكرانيا. والجدير ذكره ان عمليات الاغتيال طالت البروفسير سمير رقية استاذ هندسة الطيران في جامعة حلب والذي تعتبره الصحف الاسرائيلية دماغا مدمرا. وهو الذي طور طائرة الميغ الروسية لذلك ينظر اليه الروس بوصفه مطور الطيران الروسي الأول في العالم.
ان العربي المنتمي الذي يناضل ضد الكيان الصهيوني، يمثل هدفا حتى وان كان يمارس دوره النضالي وهو مقيم في بلده، وبعيد عن التماس المباشر مع العدو. وفي هذا المستوى ينضم الى شهداء الامة العربية والاسلامية الذين سقطوا على الطريق الى فلسطين.

المستوى الاستراتيجي للرد
ويعتبر الباحث الفلسطيني بان مستوى الرد الاستراتيجي يتمثل في الوعي العميق بالعلاقة مع الكيان الصهيوني كعلاقة صراع تحكمها ثلاثة قضايا. التناقض الرئيسي في المنطقة هو التناقض مع الكيان الصهيوني وهو تناقض رئيسي من حيث الترتيب وتناحري من حيث المضمون. وان فلسطين هي البوصلة والمؤشر الضابط للخيارات. واستمرار المعركة ضد العدو الصهيوني ليس اختيارا من بين عدة بدائل لكنه الضرورة.

واذا تعثرت عملية التطور والتنمية بكل تداعياتها السياسية والاقتصادية فإنها ترتبط في عمقها بوجود الكيان الصهيوني، وإذا توفرت المخارج التكتيكية من هذه الازمات فان المخرج الاستراتيجي يرتبط بالخلاص من هذا العدو.
واكد المشاركون في الندوة على أهمية مواجهة التطبيع في مختلف الساحات العربية لأنه بات يشكل خندقا متقدما للصراع مع العدو الصهيوني. فالمعركة بدورها لم تعد تدور في فلسطين كموقع متقدم للصراع ولكن في كل الساحات العربية التي اراد العدو الاسرائيلي ان تكون ساحة صراع مفتوحة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115