نقيب الصحفيين ناجي البغوري: هناك مخاوف على حرية التعبير والصحافة

ما إن وقع الإعلان عن نتائج استطلاعات الرأي عقب مغادرة صناديق الاقتراع حتى أتى بعض أنصار الرئيس المنتخب

قيس سعيد ما كان الجميع يخشونه: عنف لفظي ومادي واستهداف للصحافة والصحفيين، فعل أثار مخاوف من أن تكون هذه الأحداث شارة البداية لعودة عهد ضرب الأعلام وحرية الصحافة في تونس كما حدث ما بين 2011 و2013.

خطاب عنيف واعتداءات بالعنف ضد فرق صحفية ومنع من تغطية أنشطة وأحداث هذه حصيلة الساعات الأولى في المشهد التونسي عقب الإعلان عن نتائج انتخابات الدور الثاني من الاستحقاق الرئاسي، والفاعلون هم بعض من أنصار الرئيس المنتخب قيس سعيد من الذين يشعرون بالحنق والغضب من بعض وسائل الإعلام السمعية البصرية.

حنق مرده الخطاب الإعلامي لعدد من القنوات التلفزية تجاه الرئيس المنتخب منذ الحملة الانتخابية، لكن هذا الخطاب لا يبرر لأنصار الرئيس الغاضبين اعتداءهم على الصحفيين او استهدافهم، وهذا ما يؤكده نقيب الصحفيين ناجي البغوري، الذي شدد في حوار لـ«المغرب» من ان النقابة تخشى ان تكون الاعتداءات الأخيرة على الصحفيين مؤشرا على عودة حرية الصحافة الى مناخ 2011و2013.

فوفق البغوري فان لنقابة الصحفيين دليل تقييم يعتمد على مؤشرات من بينها البيئة القانونية والمناخ السياسي العام وسلامة الصحفيين لتحديد مناخ حرية الصحافة والتعبير، ووفق ما سجلته النقابة من تطورات وخاصة تصاعد خطاب العنف ضد الصحفيين والاعتداءات يعدان مؤشرا خطيرا عن بوادر التضييق على حرية الصحافة والإعلام.

مؤشر خطير هو الوصف الذي اعتمده نقيب الصحفيين في حواره مع «المغرب» حيث اعتبر ان التحريض ضد الصحفيين وخطاب العنف يجعلان الصحفيين يستبطنون «الرقابة الذاتية» ويتجنبون الخوض في مواضيع بعينها خشية رد فعل البعض، هنا يشدد البغوري على ان حرية الصحافة والتعبير اهم مكاسب الثورة وهذا يعنى ان مهنة الصحافة مهنة حرة ولا تخضع الا للقانون والأخلاقيات المهنة.

هنا يشير البغوري إلى ان الديمقراطيات العريقة توفر بيئة قانونية ومجتمعية تحمي الصحافة. اما في الأنظمة القمعية فان السلطة والمرجعيات الدينية او لوبيات المال تبحث عن السيطرة والتحكم في وسائل الإعلام، وفرض ضوابط على الصحفيين.

مثل ضربه البغوري ليشير إلى مخاوفه من ان تنتكس التجربة التونسية في ما يتعلق بحرية التعبير والصحافة وان يقع التضيق وخنق الحريات إما على يد السلطة التنفيذية والاحزاب او عبر فئات من المجتمع ذات توجهات عقائدية او ايديولوجية.

مخاوف يقدمها البغوري وهو يشدد على ان الصحافة التونسية والصحفيين ساهموا في المسار الديمقراطي التونسي، اذ انهم رافقوا الانتخابات الثمانية التي عاشتها تونس خلال هذ السنوات وحرصوا على ان يراقبوا وينقلوا المعلومات للتونسين، عمل اعتبره البغوري مدعاة للفخر، وطالب التونسيين بأن لا يغفلوا عن ان الصحفيين هم جزء من صانعي الاستثناء التونسي.

دور يشرحه البغوري بالتاكيد على ان الصحفيين وفي تغطيتهم للحمة الانتخابية، الرئاسية والتشريعية، تجنبوا الوقوع في اخطاء مهنية ونشر اخبار كاذبة او التحريض على جهة او مرشح، بل ان التغطيات الصحفية التي امنها اكثر من 700 صحفي لم يسجل بها اي خرق. وهذا ما يعتبره ناجي البغوري دليلا على جودة الصحافة التونسية التي ارتقت لتكون صحافة جادة.

هنا يميز البغوري بين الدور الاخباري لوسائل الاعلام والدور الترفيهي، ليشير إلى أن عددا من القنوات التلفزية البارزة على غرار الحوار التونسي ونسمة وحنبعل والزيتونة والتاسعة، تبث برامج حوارية صنفها على أنها صحافة رأي وليست صحافة أخبار، تهدف الى توجيه الرأي العام لصالح مرشح بعينه على حساب اخرين.

سلوك شدّد البغوري على أن النقابة غير راضية عنه خاصة حينما تنزلق بعض المواد المعروضة في تحقير جزء من التونسيين أو التحريض على آخرين وتعادي قيم الثورة والحريات، لكن عدم رضاها لا يعنى أنها تبرّر وفق قوله أي اعتداء أو تضييق على الصحفيين ووسائل الاعلام إذ يرى البغوري أن من حق الجمهور التونسي أن لا يكون راضيا على ما تقدمه بعض وسائل الاعلام التي عاب عليها انحرافها عن ضوابط المهنة واخلاقها، مثل ما عاب على معلقي الأخبار أو ما يعرف بـ«الكرونيكور» غياب الافادة في مداخلاتهم وتشنجهم ووسمهم للتونسين بأوصاف شتى، بل إنه ذهب أبعد من ذلك ليشير إلى أن بعضا ممن يشاركون كمعلقين في هذه البرامج الحوارية ليسوا صحفيين بل هم موجهو رأي عام ومنخرطون في العمل لصالح مرشح واستهداف خصومه. عوض أن يكونوا في خدمة الرأي العام ونشر قيم المواطنة والديمقراطية بتوعية الشعب ومناشة القضايا الاساسية على غرار برامج الاحزاب والمرشحين في الانتخابات.

هذا الور الذي املت النقابة ان يتوفر في ووسائل الاعلام التلفزية، لكنه غاب في ظل وقوع ابرز التلفزات على غرار الحوار التونسي والتاسعة والزيتونة ونسمة وحنبعل في التخندق خلف مرشح ومهاجمة الباقية بل تورطت في سحل الأخر المختلف عن من تدعمه القناة.

وضع اعتبره البغوري مدعاة للخشية خاصة في ظل وعي من النقابة بان الطبقة السياسية الجديدة لا تؤمن بحرية الصحافة والاعلام وانما تؤمن بتوظيفه لصالح مشاريعها وتصوراتها السياسية ومن يعارض هذه التصورات يقع استهدافه وضربه، وهذا ما يخشي البغوري ان يتمدد في الاسابيع القادمة، في ظل هواجس بان لا تحرص السلطة التشريعية والتنفيذية على تركيز الهيئات الدستورية المكلفة بتعديل ومراقبة وسائل الاعلام السمعية البصرية.

خوف البغوري في محله، اذ ان المؤشرات الاولية لا تبشر بان هناك حرصا لدى جزء من الطبقة السياسية وشرائح من التونسيين على ان يكون لها اعلام حر ومهني، بقدر ان تكون لها وسائل دعائية تنقل ما ترغب هي به. هذه الخوف لا يقتصر على نقابة الصحفيين بل يشمل كل من يؤمن بالاستثناء التونسي وقيم الثورة.

خشية من انتكاسة حرية الصحافة، على خلفية غضب جزء من الشارع من خطاب وسائل اعلامية وتلفزات تهاجم ممثلهم السياسي، وتجسيد هذا الغضب بالعنف اللفظي والمادي، هنا لا احد ينكر ان من حق الجمهور أن يكون غاضبا وان يدافع عن هذا الحق بالادوات القانونية، دون الوقوع في التخوين او وضع الجميع في سلة واحدة وممارسة العنف، هناك ما هو ايسر بكثير وهو مقاطعة البرامج التي لا تلتزم بالمهنية واخلاقيات الصحافة، هناك الحق في التقاضي وغيرها من الادوات الحضارية للتعبير عن الغضب.

اليوم وهذا مهم لا يجب ان ننجرف جميعا في الفخ وان يصبح الامر كانه عودة للسنوات الثلاثة لحكم الترويكا، من صراع على اخضاع الاعلام وتركيعه واستعمال غضب جزء من الشارع لتبرير ذلك، الاعلام التونسي كغيره من قطاعات هذا البلد يتدرب على القيم الجديدة يخطئ ويصيب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115