الـ27 لاختيار 217 نائبا سيمثلونهم في البرلمان القادم، خطوة تشخص فيها أنظار أهم الفاعلين في المشهد التونسي، وكل منهم يعرب عن أمله في ان يحسن التونسيون الاختيار دون تحديد الكيفية.
يوم أمس توجه رئيس الجمهورية المؤقت محمد الناصر بكلمة للتونسيين أعرب فيها -بشكل غير مباشر- عن هواجس تشغله لما قد يكون عليه الوضع بعد الانتخابات التشريعية القادمة، دون أن يكشف بشكل صريح عن طبيعة تلك الهواجس وذلك عبر تشديده على أهمية الانتخابات لتونس وكيف انها مصيرية. (انظر مقال دنيا حفصة).
ما قاله الناصر ردده من قبل جل قادة المنظمات الوطنية، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف، اللتين تتقاسمان الهواجس مع فاعلين أساسيين في المشهد التونسي اليوم. يمكن اختزالها في الخوف على ما قد يكون عليه الامر بعد الانتخابات التشريعية.
هذا الخوف ينطلق من قراءة لهؤلاء اللاعبين للمشهد وتوقعهم بان تفرز الانتخابات التشريعية نتائج مشابهة للدور الاول من الرئاسية من حيث النزعة العقابية للأحزاب وتعويضها بكيانات سياسية اما راديكالية او غير معلومة التوجهات أو غامضة قد تعطل عمل المجلس او تحدث ارباكا فيه.
خشية واستباق للاحداث كشفت عنه تصريحات عدة بشكل مبطن، حيث يلتقي المتخوفون عند نقطة «مناشدة» التونسيين أن يحسنوا الاختيار في التشريعية، أي أن يختاروا ممثليهم وهم مدركون ما قد يؤول إليه الوضع إذا كان خيارهم مبنيا على معاقبة الأحزاب فقط أو على علاقة زبونية جمعت بينهم وبين المترشحين وكياناتهم الحزبية.
لكن هذا الخوف الذي يطل من عبارات التشجيع على الانتخابات وعدم التخلي عن حق الاختيار، كشف ان اكبر مخاوف الطبقة السياسية والفاعلين في المشهد تتعلق بنسب المشاركة والخوف من العزوف لدى الشباب او الطبقة الوسطى.
عزوف تعتبره هذه الجهات بمثابة انتكاسة تمهد لصعود قوى سياسية تتبنى خطابا يقوم على نقيض الدولة او المكاسب التي تحققت في تونس، سواء في ما يتعلق بالحريات العامة أوالفردية أو بتمكين المرأة.
مكاسب يعتبرها جزء من الفاعلين مهددة والسبيل لتحصينها هو ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات التي يرون انها قد تعيد التوازن للمشهد الانتخابي، وتمنح قوى سياسية القدرة على إدارة الشأن العام في السنوات الخمس القادمة. قدرة هي اليوم محل تساؤل في ظل توقعات بان يكون المشهد البرلماني مشتتا بين كتل غير قادرة على إفراز أغلبية حكم.
هذه الهواجس لم تكشف بشكل صريح بل بشكل مبطن في دعوات الى المشاركة بكثافة في الانتخابات وفي اعتبار الاستحقاق التشريعي القادم مصيريا، باعتبار حجم الرهانات الموكولة للحكومة القادمة واهمية افراز كتل قادرة على ضمان حسن سير مجلس النواب الذي عاني في السنوات الخمس الماضية من غياب النجاعة.
لكن في خضم الكشف عن المخاوف تبيّن ان الطبقة السياسية والفاعلين الكبار في المشهد باتوا يدركون ان المعادلات تغيرت وان تونس قطعت شوطا كبير، مكن مواطنيها من ان ينتقلوا الى مربع الفعل السياسي وتحديدهم للخيارات التي يرغبون في ان تنبع عبر صناديق الاقتراع.
متغير بات ثابتا في المشهد التونسي يقوم على ثنائية ان الصندوق بات هو الالية الوصول الى السلطة وان الناخب بات سيد القرار، هذه الثنائية رسخت بشكل نهائي اليوم في تونس التي سيتجه فيها نحو 7 مليون ناخب مسجل الى صناديق الاقتراع ليفرزوا مجلسا نيابيا جديدا.