محمد الغرياني الأمين العام لحزب المبادرة الدستورية الديمقراطية : سنعلن عن الائتلاف مع تحيا تونس والمشروع والبديل نهاية أفريل المقبل

مع إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن موعد الاستحقاقات القادمة وروزنامة الانتخابات تنطلق مرحلة الاستعدادات لكل الأحزاب السياسية

والائتلافات الانتخابية من ذلك حزب المبادرة الدستوري الديمقراطي الذي أنجز مؤتمره منذ أيام وينكب الآن على صياغة تحالفه الانتخابي القادم. تحالف تحدث عنه محمد الغرياني الأمين العام للحزب في حوار مع «المغرب» شرح فيه أوجه الفرق بين حركته وباقي الحركات الدستورية وبالأساس الحزب الحر الدستوري كما بين فيه استعدادات حزبه للانتخابات ونقاشاته مع تحيا تونس ومشروع تونس والبديل التونسي لتشكيل ائتلاف انتخابي ينتظر ان يعلن عنه وفق قوله في نهاية افريل القادم . كما تطرق الى عديد الملفات الاخرى في هذا الحوار

• ما الذي أفرزه مؤتمركم التأسيسي من قرارات تعتبرونها جوهرية غير ما أعلن عنه؟
أولا المؤتمر شكل منعرجا في تاريخ حزب المبادرة اذ تم بعد 8 سنوات على تأسيسه وأيضا كان اثر تكثيف الحزب لنشاطه وتحركاته في الجهات في الأشهر الماضية التي اخترنا ان لا تكون محل متابعة إعلامية.
هذه التحركات التي شملت جل الجهات التونسية كانت جنبا الى جنب مع عقد المكتب السياسي لاجتماعات دورية وهذه من بين الخطوات التي سمحت بنجاح المؤتمر الذي مثل فرصة للقطع مع مرحلة سابقة والتهيئة لمرحلة جديدة يتعزز فيها وجود الحزب ومكانته خاصة وأننا وضحنا توجهات الحزب وسياساته وغيرنا الاسم ليستجيب لمتطلبات المرحلة خاصة في صلب العائلة الدستورية.
فالاسم الجديد للحزب هو المبادرة الدستورية الديمقراطية وهذا سيميزنا في داخل الساحة الدستورية، فالمبادرة تراهن على الديمقراطية والتعدد وترفض الإقصاء وتقطع مع الثقافة السياسية الماضية.

• هل يقتصر تميزكم عن بقية العائلة الدستورية على «الديمقراطية» ام هناك مميزات أخرى خاصة أن تعلق الأمر بالحزب الدستوري الحر؟
نحن في المبادرة قمنا بنقدنا الذاتي في إطار تقييم التجربة السياسية للحزب والنظام السياسي السابق. كما ان المقارنة بيننا وبين الحزب الدستوري الحر تبين أن هناك اختلافات عميقة بيننا وبينه. أول الاختلافات ان المبادرة تعتبر تجديدا في المسيرة السياسية للعائلة الدستورية وتفصل بين استمرار العائلة الدستورية والنظام السابق بانجازاته وسلبياته او اخطائه.

• تريد القول ان الدستوري الحر هو محاولة لاحياء النظام وليس العائلة السياسية ؟
توحي رئيسة الحزب من خلال خطابها انها تبحث عن احياء منظومة الحكم وليس العائلة السياسية، فكما هو معلوم الفكر السياسي متجدد ومتطور وضمان استمراريته يجب ان تكون منفصلة عن تجربة الحكم وممارسته.
كما ان تجربة الدستوري الحر لا يبدو انها قائمة على قراءة موضوعية نقدية للتجربة السياسية سواء للحزب الاشتراكي الدستوري او التجمع الدستوري الديمقراطي بدليل ان الحزب اعاد احياء نفس الادوات التنظيمية السابقة دون فهم معناها وخصائصها. اذ احيا الحزب وامينته العامة الديوان السياسي والدائرة ولجنة التنسيق واللجنة المركزية وهي ادوات كانت تنسجم مع نمط الحكم ، على غرار الديوان السياسي الذي كان مرتبطا بالرئيس وليس هيكلا قادرا على اخذ قراراته بشكل ديمقراطي.
وبالنسبة للمسألة الديمقراطية صلب الحزب فقد كانت غائبة رغم ان التجمع كان يقوم على الانتخاب القاعدي غير ان المركزية الحزبية هي التي كانت تاخذ القرارات وترسم التوجهات وتقوم بتنزيلها الى «تحت» ونحن في المبادرة حرصنا على القطع مع هذه الممارسات وحرصنا على ان نبني حزبا دستوريا ديمقراطيا من القاعدة الى القمة سواء ان تعلق الامر برسم التوجهات او اخذ القرارات.

• هذا هو الفرق بينكم؟
هنالك فوارق اخرى من بينها ان الحزب الدستوري الحر يرفض المنظومة الحالية ويرفض الانخراط فيها، لكنه يريد ان يستفيد من العامل الديمقراطي لتقويض المنظومة برمتها، وهذا نعتبره خطأ فالبلاد منحت فرصة للانتقال الديمقراطي واصلاح الحياة السياسية ونحن نريد ان تكون مساهمة العائلة الدستورية ايجابية في المسار وليس القطع معه.
هناك اختلاف اخر يتعلق بمسألة الإقصاء، فعلى الدستوريين اليوم القطع مع ثقافة الاقصاء وعليهم استيعاب ثقافة الاختلاف والتعايش مع الاخر، وهذا امر اساسي. حتى وان كان البعض يعيب علينا في المبادرة علاقتنا بالنهضة التي نتعامل معها كطرف سياسي في اطار ومتطلبات مرحلة الانتقال الديمقراطي الذي يستوجب الاعتراف بالوجود السياسي لكل الاطراف التي تلتزم بالقانون ولا يعني التحالف.
واخير الخلاف الجذري بيننا هو رفضنا لاقحام الدستوريين في معركة مع حركة النهضة ستكون كلفتها السياسية سلبية على الدستوريين الذين تريد الأستاذة عبير موسي جرهم لهذه المعركة التي نشعر انها تدفع اليها لتنفيذ أجندة جهات أخرى غير دستورية تريد استئصال حركة النهضة واستعمال الدساترة في هذا الامر.

• هذا الصراع بينكم وبين الدستوري الحر أضرّ بكما في الانتخابات السابقة؟
هناك تغير في الاوضاع، ونلاحظ اليوم عودة للحضور التجمعي الدستوري في مختلف مراكز العمل السياسي. وهذا نوع من الإدماج التدريجي للعائلة السياسية الدستورية الجديدة في المنظومة الديمقراطية على قاعدة المصالحة وطي صفحة الماضي وعدم تكرار اخطائه، واخيرا توظيف الخبرة والكفاءة لإنقاذ البلاد اقتصاديا وتنمويا.

• هذه العائلة السياسية التي تشير اليها التحقت باحزاب بعد الثورة وآخرها تحيا تونس؟
الصدمة كانت كبيرة على الحزب الذي كان في الحكم لـ60 سنة ثم وجد نفسه في حالة حظر وتأسس نظام جديد على أعقاب السابق، وهذا ساهم في التشتت الذي عانت منه العائلة الدستورية التي انغمست في البحث عن أجوبة لأسئلة تتعلق بما حدث؟ وهل يقع الانخراط في المنظومة الجديدة او رفضها؟ وملف المصالحة؟ وكيف التعامل مع حركة النهضة؟
اختلاف الاجوبة والقراءة اضافة الى الجو العام الذي عاشته البلاد تسبب في تفكيك هذه العائلة لكن وجدت فرصة لاعادة بناء هذه العائلة مع ظهور نداء تونس، فرمزية الباجي قائد السبسي وما يمثله في تاريخ الحركة الدستورية والنظام الجمهوري، مما يجعله شخصية قادرة على لعب دور ريادي لكن للأسف تجربة نداء تونس انهارت بسبب عدم الانتقال من مرحلة التجميع الانتخابي الى مرحلة بناء حزب والتنظيم السياسي.
هذا الفشل ساهم بدوره في بروز الفكر الدستوري المتطرف الاقصائي، والذي هو فكر غريب عن العائلة الدستورية.

• لكن العائلة الدستورية وطيلة 60 سنة لم تسمح بوجود منافس لها واقصت الجميع ؟
الإقصاء كان ممنهجا في اطار الحكم وليس في ثقافة العائلة الدستورية بدليل ان الحزب الاشتراكي الدستوري انشقت عنه مجموعة وأسست حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحركة الوحدة الشعبية لاحقا، كما ان النظام حاول من قبل القيام بالانفتاح السياسي ولكنه تراجع لعدة أسباب منها طبيعة الحكم الذي كان رئاسويا.
الخلاصة ان الإقصاء كان فعل «حكم» فرض على الدستوريين الذين كانوا يتعايشون في الحركة الوطنية مع عديد العائلات السياسية والتيارات الاجتماعية، ونحن نحاول تجنب هذا في التجربة الحالية وان نقطع مع «دولنة المجتمع».

• تتحدث عن العائلة الدستورية والحال انكم حزبان، المبادرة والدستوري الحر؟
الحزب الدستوري الحر يمثل ركنا صغيرا في العائلة الدستورية وربما صعوده مرتبط باتجاهه الاقصائي الذي يجد في المجتمع التونسي من يتفاعل معه لكن في اطار محدود ولا يمكنه ان يتحكم في التوازنات العامة. فجل التونسيين يرفضون ان تخترق الحياة السياسية بافكار اقصائية قد تؤدى الى انزلاق البلاد الى مربع العنف كما حدث في بعض الدول. التونسيون بصفة عامة يريدون مناخا سياسيا سليما مبنيا على التنافس والتعايش بين مختلف المكونات لهذا فالتطرف والشعبوية قد تجد جمهورا لكنه لا يؤثر على التوازنات العامة ونتائج سبر الآراء تمنح العائلة الوسطية أسبقية.

• هذه العائلة مشتتة ويمثلها أكثر من طرف؟
لهذا هناك محاولات جدية ومشاورات لبناء تجمع سياسي وطني مرتبط أساسا بالحركة البورقيبية الدستورية الحداثية، وهذا التجمع يبحث عن ان يلتئم في ائتلاف ليخوض الانتخابات ويخلق التوازن من جديد كمرحلة أولى وربما في مرحلة لاحقة الانصهار .

• هذه الأحزاب التي تشير إليها تشملكم انتم وتحيا تونس ومشروع تونس؟
اجل وهي منفتحة لبناء ائتلاف انتخابي سياسي وتقديم مشروع سياسي للشعب التونسي يهدف لتحقيق هدف أساسي وهو الخروج بالبلاد من ازمتها الاقتصادية والتنموية وتوفير حياة أفضل للتونسيين ببرنامج عملي.

• تعلم ان التحالفات لا تفشل بسبب برامجها بل بسبب صراع الزعامات، ومن سيكون المرشح للرئاسية مثلا؟
هذه المسائل مطروحة ولكن اعتقد بان الحوار الداخلي وضبط آليات، والاتفاق على الأرضية والتمشي سيمكننا من الفصل في مقاييس «البروفيل» لكل المرشحين في الانتخابات الرئاسية او التشريعية. واعتقد ان الجميع مدرك لمخاطر التشخيص والزعامتية التي قد تنسف الأساس وهو بناء مشروع وحركة سياسية قوية. الى حد الان هنالك مشاورات متقدمة والأجواء ايجابية نأمل أن تساعد على حسم هذا الامر.

• الحسم والإعلان عن هذا الائتلاف متى سيتم، فقد حدد موعد الانتخابات وهذا يعني انه لم يعد هناك الكثير من الوقت امامكم للاستعداد؟
مكونات الائتلاف شبه منظمة، باستثناء تحيا تونس الذي هو بصدد استكمال جاهزيته التنظيمية واغلب العناصر القيادية تمتلك من الخبرة والتجربة ما يمكن من الاسراع في وضع برنامج والاستعداد للاستحقاقات.
واعتقد اننا لن نتجاوز شهر افريل القادم لنعلن عن التوجهات والبرامج والاختيارات وبل المقاييس التي اعتمدت لهذا الائتلاف السياسي.

• الناخب التونسي قد يرغب في معرفة متى سيقع الانصهار بينكم ايضا؟
كل شيء مبني على مراحل تاخذ بعين الاعتبار فشل التجارب السابقة والعمل على تداركها في هذا الائتلاف، لاحقا وفي مرحلة ثانية سيقع البحث في مشروع انصهار كل مكونات هذه العائلة التي لا توجد اختلافات جوهرية بينها.

• هذا الجسم السياسي سيبنى على روافد كما نداء تونس ام انكم ترفضون تكرار التجربة؟
كل هذا يطرح في الحوار وما سيفضي اليه النظام الداخلي والارضية السياسية مع الاخذ بعين الاعتبار تجربة الروافد في نداء تونس التي لم تكن مفيدة، فالاساس في الاحزاب هو الانسجام. فالاختلافات لا يجب ان تطال الثوابت والتوجهات المبدئية الاختلافات يجب ان تكون منحصرة في ما هو «تكتيكي» او بعض النقاط الثانوية. لهذا يجب ان يقع صياغة ارضية سياسية واضحة منذ البداية على اساسها يقع الانتساب لهذا المشروع السياسي.

• تجربة الرافد لم تكن ناجحة وايضا الائتلافات لم تكن ناجحة انتخابيا بدورها؟
كلما كثرت الاحزاب فشلت التجربة، فالمكونات يجب ان يكون لها مشترك، على غرار الاحزاب التي اشرت الى انها تناقش اليوم لتشكيل ائتلاف فهي تشترك في المكون الدستوري وهذا يسهل عملية الإدماج.

• انتم فقط مجموعة دستورية البقية لها مشارب مختلفة؟
لا الكل يمتاز بانه يجمع بين مكونات دستورية واجيال جديدة ديمقراطية حداثية ليس لها تاريخ سياسي لا في اليسار ولا اليمين. وهي اقرب الى شخصيات مستقلة اندمجت في الحياة السياسية حديثا لها افكار منسجمة مع العائلة الدستورية في الاقتصاد والنمط المجتمعي ودور الدولة.

• الائتلافات التي تقدمت للانتخابات السابقة لم تحقق نتائج هامة؟
الوضع مختلف فهذا الائتلاف سيجيب عن حالة التشتت في العائلة الدستورية كما كان عليه الامر مع نداء تونس الذي هو بدوره «ائتلاف» نجح في تكوين تجمع انتخابي اساسه المكون الدستوري والتجمعي وعجز عن الانتقال الى حزب منظم ومؤسس نتيجة الروافد التي بحث كل منها على ان يهيمن ويسيطر.اليوم الائتلاف الجديد وفق ما نعاينه تجاوز هذا الخطأ، هناك انسجام فكري وسياسي.
ثانيا هناك رغبة شعبية في خلق التوازن فالشعب التونسي لا يريد ان تنفرد جهة و تحتكر الساحة.

• هذا لا يعني انكم في طريق مفتوح في الانتخابات، اذ لا تزالون مرتهنين لما ستحققه الحكومة، وانتم جزء هام منها، من انجازات ملموسة على حياة الناخبين؟
التشتت وغياب الدعم انعكس على العمل الحكومي، فالحكومة لها ارادة ولها اولويات ومشاريع كما انها تمكنت من انجاز تحسن طفيف.
والائتلاف سيبرز سعيه على تغيير المناخ السياسي ليمكن اية حكومة قادمة من تحقيق نتائج إيجابية.

• الناخب التونسي لايزال في طور تشكيل ثقافة انتخابية وهذا يجعل الحديث الموضوعي غير مغر له وسيظل السؤال ما الذي يمكن ان يقدمه هذا الائتلاف وكان عاجزا عنه في تجربة الحكم؟
أولا هناك بعض الانجازات وهناك تحسن في المؤشرات الاقتصادية وان كان هذا التحسن ليس بالكيفية المطلوبة، وهناك مؤشرات أخرى مهمة منها المؤشر الأمني والاستقرار السياسي النسبي بعد تكوين الائتلاف. وهناك مكاسب في مجال السلم الاجتماعي. هناك تحسن وان كان محدودا نتيجة الصراع داخل السلطة التنفيذية.
المهم هنا اننا ندرك جيدا ما نواجهه ونحن مستعدون للتوجه للتونسيين بخطاب صريح يشرح فيه ما مرت به الحكومة والعراقيل وما يجب إصلاحه لتلافي هذا في الفترة القادمة وانجاز الاصلاحات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115