باتفاقيات وقروض، واصلت اللجان البرلمانية أشغالها من خلال مناقشة مشاريع القوانين خاصة على مستوى لجنة المالية، في حين انطلقت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية في مناقشة تنقيحات مجلة الأحوال الشخصية.
استأنفت الجلسة العامة أشغالها يوم أمس من خلال استكمال النقاش العام بخصوص مشروعي قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 31 جانفي 2018 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل الجيل الثاني من برنامج تهذيب وإدماج الأحياء السكنية، بقيمة 77.000.000 أورو على فترة سداد قدرت بـ 20 سنة منها 7 سنوات إمهال وذلك بـ 106 نعم 4 احتفاظ و3 رفض، والثاني الذي له نفس العنوان لكن بالتعاون مع البنك الأوروبي للاستثمار بـ108 نعم 5 احتفاظ و3 رفض.
وفي إجابته على تساؤلات النواب، قال وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية نور الدين السالمي أن هذا البرنامج يشمل 146 حيّا موزعة على كل ولايات الجمهورية وبكلفة جملية تقدر بـ700 م.د. وأضاف إن الوزارة تسعى الى توفير السكن اللائق لكل عائلة تونسية، حيث تتدخل الوزارة لربط المسالك والطرقات الفرعية لفك عزلة المواطنين في الجهات ليتمكنوا من الوصول إلى كل المرافق.
مشروع موجه لولاية نابل
وعلى إثر ذلك، انطلقت الجلسة العامة في مناقشة قانون يتعلق بجبر الأضرار التي تلحق بالمؤسسات الاقتصادية نتيجة الفيضانات. وتضمن مشروع القانون المعروض، وعلى غرار التدخل الاستثنائي بمناسبة الاضطرابات والتحركات الشعبية التي شهدتها البلاد موفى 2010 وبداية 2011، بإقرار توسيع مجال تدخل صندوق ضمان المؤمن لهم إلى تعويض نسبة من الأضرار الناتجة عن الفيضانات وذلك وبصفة استثنائية وظرفية في انتظار إرساء منظومة وطنية متكاملة للتوقي وتعويض الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية. وتستثنى من التعويضات الأضرار المادية غير المباشرة التي تلحق المؤسسات الاقتصادية والتي تشمل الأعباء القارة للمؤسسة وهامش ربحها وكافة ديونها تجاه الغير. كما تستثنى الأضرار اللاحقة بمؤسسات قطاع الفلاحة والصيد البحري المشمول بمنظومة تعويض صندوق الجوائح الطبيعية وباستثناء المساحات التجارية الكبرى ووكلاء بيع السيارات ومشغلي شبكات الاتصال ومؤسسات الخدمات المالية باعتبار إمكانياتهم المالية التي تمكنهم من تجاوز الصعوبات. كما تستثنى من مبدإ التعويضات المالية الإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية بجميع أصنافها وكذلك الجماعات المحلية.
وتطرق نواب الشعب في نقاشاتهم إلى المقاييس التي تم اعتمادها لاختيار المؤسسات المعنية بالتعويضات حيث قال رئيس الكتلة الديمقراطية سالم لبيض أن المشروع مبني على مقاس مؤسسات معينة، معبرا عن تخوفه من أن تكون الغاية من مشروع القانون غايات سياسية انتخابية بحتة. في حين تحدثت النائبة عن الكتلة الحرة لمشروع تونس نادية زنقر عن المحلات التجارية والنزل والمؤسسات في مختلف معتمديات ولاية نابل على خلفية الفيضانات التي شهدتها الولاية مؤخرا. أغلب التدخلات عن الوضعيات الكارثية التي تشهدها جهاتهم، إلا أن البعض انتقد طريقة اختيار نوعية من المؤسسات على حساب الآخر، خاصة أن الوضعيات تختلف من جهة إلى أخرى. في المقابل، قال وزير المالية رضا شلغوم في رده على تساؤلات النواب، أن المشروع موجه بالأساس إلى ولاية نابل نظرا لحجم الكارثة الطبيعية التي واجهتها إلى جانب بعض الولايات الأخرى في الشمال عموما. واعتبر أن ولاية نابل تعاني من ظرف استثنائي من أجل اصلاح الأضرار التي تسببت فيها الفيضانات خاصة على مستوى البنية التحتية.
وبعد نهاية النقاش العام، صادق نواب الشعب على الفصلين الوحيدين لمشروع القانون الذي تمت المصادقة عليه برمته بــ 109 نعم 6 إحتفاظ 2 رفض، لتتم في ما بعد المصادقة على مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على إتفاقية تعاون بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة المملكة الأردنية الهاشمية في مجال النقل البحري بــ 110 نعم 10 إحتفاظ ودون رفض، بعدما تم استكمال النقاش العام بخصوصه خلال جلسة سابقة.
مناقشة تنقيح مجلة الأحوال الشخصية
وعلى مستوى أشغال اللجان، استمعت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية الى ممثلين عن رئاسة الجمهورية حول مشروع القانون الاساسي المتعلق باتمام مجلة الاحوال الشخصية، حيث قال الوزير الممثل الخاص لرئيس الجمهورية الازهر القروي الشابي مشروع القانون يندرج ضمن الإصلاح السياسي والاجتماعي في تونس، حيث يجب مراجعة الترسانة التشريعية، التي لم تعد منسجمة مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس. وبين أن التمييز ضد المرأة في الميراث يتعارض مع الدستور باعتباره يكرس المساواة والطابع المدني للدولة، حيث لا يجب على أي أساس تقييد الحقوق، خاصة وأن تونس رفعت تحفظها بخصوص المساواة في اتفاقية القضاء على
جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما أوضح الشابي أنه لا يمكن تفسير الفصل 1 من الدستور الذي يقر بأن الدولة دينها الإسلام بأنها تعني التمييز أو الحد من إرادة المشرع.
من جهتها، قالت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش رئيس الجمهورية يحترم الدستور الذي يحترم بدوره الحقوق والحريات بما في ذلك المساواة بين الجنسين، حيث يلزم الدستور الدولة بتعزيز حقوق المرأة. وأوضحت أن القانون يجب أن يحمي الضعيف باعتبار أن الأغنياء والأقوياء دائما ما يجدون طريقة لحماية أنفسهم، مشددة على أن مشروع القانون يستهدف بشكل رئيسي النساء اللواتي يعشن في الفقر.
في المقابل، تطرق النقاش العام بين أعضاء اللجنة إلى ضرورة الاستماع إلى كافة الأطراف المعنية بمشروع القانون حسب ما بينته النائبة عن كتلة حركة النهضة هاجر بوزمني التي أضافت أنه على ضوء هذه الاستماعات، فإن اللجنة ستقرر بالموافقة أو الرفض. في حين تحدث البعض الآخر عن مفهوم المساواة التي لا تقتصر أساسا على الإرث فقط بل هناك عديد المجالات الأخرى التي لا تزال بحاجة أيضا إلى تشريعات في الغرض. في المقابل، ثمن بقية أعضاء اللجنة عن مختلف الكتل البرلمانية مشروع القانون الذي اعتبروه خطوة هامة نحو تركيز المساواة بين الجنسين.
لجنة المالية تصادق على 3 مشاريع
من جهتها، عقدت لجنة المالية والتخطيط والتنمية اجتماعا للنظر في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الإحالة لفائدة الدولة للقرض الرقاعي المصدر من قبل البنك المركزي التونسي في شكل اكتتاب خاص من قبل البنك الوطني القطري، موضوع الاتفاقات المبرمة بين البنك المركزي التونسي و جمع من مؤسسات مالية أجنبية.
ولدى تقديم مشروع القانون قال نائب رئيس اللجنة الهادي بن براهم أنه تمت مناقشة مشروع القانون مع العلم أن رئاسة المجلس طالبت باستعجال النظر فيه. وفي مداخلته أبدى النائب عن كتلة حركة نداء تونس محمد الفاضل بن عمران تحفظاته على صياغة الرسالة المقدّمة من رئاسة المجلس لوزارة الماليّة للتفويض للبنك المركزي الخروج للسوق الماليّة، في إطار إبداء الرأي الذي ينصّ عليه القانون، حيث اقترح صياغة جديدة للرسالة، باعتبار أنّ اللجنة لا تقرّر بل تبدي رأيها.
وبعد المصادقة على مشروع القانون المذكور، انتقلت اللجنة في مناقشة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على عقد القرض المبرم في 11 جويلية 2018 بين الجمهورية التونسية والمؤسسة الألمانية للقروض من أجل إعادة الإعمار لتمويل برنامج دعم الإصلاحات في القطاعين البنكي والمالي. وخلال النقاش العام، قال النائب عن كتلة حركة النهضة محمد بن سالم أنّه يوجد غموض في توجيه الإصلاحات تحت إشراف وزارة التنمية والاستثمار في حين أنّ القرض موجّه لإصلاح القطاع البنكي الخاضع لإشراف وزارة الماليّة. وتساءل عن تداخل الإصلاحات البنكيّة وعلاقتها بالتوازنات في الماليّة العموميّة، مطالبا بضرورة الاستماع لوزير الماليّة لرفع الغموض الموجود. من جهته قال النائب عن كتلة الائتلاف الوطني المنصف السلامي أنّ القرض مشروط و أقلّ تكلفة ومتّجه للإصلاح البنكي ولقروض المؤسسات الصغرى والمتوسّطة. في حين أكد زميله عن نفس الكتلة مروان فلفال على توفر كل الضمانات في القرض، مطالبا بضرورة التسريع في المصادقة على القرض لعلاقته بشركاء استراتيجيين.
وفي الأخير، صادقت اللجنة أيضا على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على البروتوكول المالي وملحقه المبرمين على التوالي في 28 ديسمبر 2017 و 31 جانفي 2018، بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية الفرنسية والمتعلقتين ببرنامج الدعم المخصص لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة والصناعات الصغرى والمتوسطة التونسية.
النظر في مشروع دائرة المحاسبات
كما واصلت لجنة التشريع العام النظر في مشروع القانون المتعلّق بتنظيم دائرة المحاسبات، بعدما توقفت في آخر جلسة في حدود الفصل 69، حيث تمت المصادقة على الفصل 70 في صيغته الأصلية على عكس الفصل 71 الذي تم تنقيحه من خلال تعويض الوكيل العام بالنيابة العمومية وتعويض تخليه بانقطاعه. كما تم تنقيح الفصل 71 بتغيير وكيل الدولة بالنيابة العمومية، مقابل المحافظة على صيغة الفصول من 72 إلى 79 والفصل 81، في حين تم تعديل الفصول 80،82،98،97،106،95 بنفس التعديل المقدم في الفصل 71. وواصلت اللجنة المصادقة على بقية الفصول من 83 إلى 92 والفصل 94، مقابل تعديل الفصل 93 بعدما اتفق أعضاء اللجنة على تعويض الصيغة الحالية في بداية الفصل بجملة اسمية «يمكن لمحكمة المحاسبات رغم صدور قرار بات في حساب ما مراجعته..». كما تمت المحافظة على صيغة الفصل من 99 إلى 105، ومن 107 إلى 110.
المصادقة على مشروع النظام الوطني لاعتماد هياكل المطابقة
وفي سياق آخر، اجتمعت لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة للنظر في مشروع قانون يتعلق بالنظام الوطني لاعتماد هياكل المطابقة. وافتتحت نائبة الرئيس ليلى اولاد علي الجلسة بالتذكير بمضمون جلسة الاستماع للمجلس الوطني للاعتماد في خصوص فهم المصطلحات التقنية مثل الاعتماد والمطابقة و غير ذلك. و ذكرت ان الغاية من مشروع القانون استبدال التشريعات السابقة له والعمل على ملاءمته مع الطرف الأوروبي على مستوى المطابقة. وسيسمح للمجلس الوطني للاعتماد ان يسلم الاعتمادات للأجهزة والهياكل من دول أخرى. وبعد المصادقة على الفصول من 1 إلى 14، دون اي تغيير يذكر، تمت المصادقة على مشروع القانون برمته بأغلبية الحاضرين.
من جهته، أشرف محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس على افتتاح ندوة تحت عنوان « توعية الدول الديمقراطية: كيف يعزز تحسين النفاذ الى المعلومة صياغة القوانين والرقابة ؟» وأكّد الناصر في هذا الإطار تزايد النسق التشريعي بحكم الحاجة إلى تعديل وتحيين القوانين التي أصبحت غير متلائمة مع الواقع السياسي والاجتماعي ومع ما جاء به الدستور الجديد من مبادئ وقيم تحتاج التجسيم الى جانب تركيز الهيئات الدستورية التي نص عليها الدستور. وبيّن أن مجلس نواب الشعب صادق على 275 قانونا معظمها صادر عن السلطة التنفيذية بمعدل 60 قانونا خلال كل دورة برلمانية، مشيرا الى أن الهدف هو صياغة قوانين ذات جودة ونجاعة وقابلة للتنفيذ والتطبيق من جميع الأطراف.