ويكشف سبر آراء نوايا التصويت الذي قامت به مؤسسة سيغما بالتعاون مع جريدة «المغرب» أن توازنات 2014 في التشريعية قد بقيت إلى حد ما ولكن بتغير الترتيب ، فالنهضة تأتي بوضوح في المرتبة الأولى بـ%36.1 يليها نداء تونس بـ%29.8 بينما لا تحصل الجبهة الشعبية صاحبة المرتبة الثالثة إلا على %6.7 من نوايا التصويت ..
أما في الرئاسية فتبدو مفتوحة للغاية إذ يتصدر يوسف الشاهد نوايا التصويت بـ%17.9 يليه الباجي قائد السبسي بـ%15.4 ثم قيس سعيد بـ%14.8 ثم المنصف المرزوقي بـ%11.0 مع العلم أن الأسئلة كانت مفتوحة ولم تقدم أية مقترحات للمستجوبين.
تفصلنا اليوم حوالي 10 أو 11 شهرا عن الانتخابات التشريعية وحوالي السنة عن الانتخابات الرئاسية وقد دخلت بلادنا في هذه السنة السياسية الطويلة منذ شهر سبتمبر الفارط ويأتي سبر أراء نوايا التصويت هذا ليعطينا صورة أولية عن موازين القوى السياسية الفعلية وكذلك حول حجم العزوف عن التصويت عند
عموم التونسيين
العزوف عن التصويت
الملاحظة الأبرز أن نسبة العزوف المرتفعة نسبيا هي في حدود %66 في التشريعية و%57.1 في الرئاسية باعتبار كامل الجسم الانتخابي أي باعتبار المسجلين وغير المسجلين في السجلات الانتخابية بما يعطينا حوالي 44 % في التشريعية و38 % في الرئاسية للمسجلين أي تقريبا عكس ما حصل في 2014 حيث كانت شبه المشاركة في التشريعية أرفع من الرئاسية. وهذه النسب قد تنزل تدريجيا مع اقترابنا من المواعيد الانتخابية..
النهضة تفوز بالتشريعية
هنالك دروس مهمة ينبغي التوقف عندها في قراءة أرقام نوايا التصويت نوجز أهمها في ما يلي :
-الاستقطاب الثنائي الندائي النهضوي مازال هو المهيمن على الساحة السياسية والفرق بين هذين الحزبين وبقية هذه الأحزاب هو تقريبا في حدود ما شاهدناه في سنة 2014 حيث يستأثر الحزبان الأولان بثلثي نوايا التصويت المعلنة ولا تتحصل بقية الأحزاب مجتمعة إلا على ثلث الأصوات.
-النهضة هي بكل وضوح الحزب الأول في تونس إذ تحصلت على %36.1 بينما كانت في مستوى %27 في تشريعية 2014.. والنهضة تحصل مع ذلك على حوالي مليون صوت (1.005.320 صوتا) أي أكثر من خمسين ألف صوت مقارنة بـ2014.
-نداء تونس مازال موجودا وهو يمثل رغم كل شيء ،حوالي %30 من نوايا التصويت (%29.8) والنداء يخسر حوالي نصف مليون صوت مقارنة بتشريعية 2014 ولكن الواضح هنا أن التونسيين لا يميزون بين مختلف الشقوق الندائية وبالأخص بين «الحافظيين» و«الشاهديين» ولعل تقدم المشروع السياسي ليوسف الشاهد سيوضح هذه المسالة لنرى بوضوح موازين القوى الفعلية بين هذين التيارين.
-الملاحظة الثالثة تتعلق ببقية الأحزاب السياسية التي وإن حقق بعضها تقدما طفيفا كالجبهة الشعبية (%6.7) والتيار الديمقراطي (%5.6) والحزب الدستوري الحر (%4.0) ولكن تبقى كل الأحزاب بعيدة كل البعد عن منافسة جدية للثنائي النداء والنهضة .
- لا وجود – إلى حد الآن – لرغبة للتصويت للمستقلين اذ لا يحصلون مجتمعين الا على %1.2 من نوايا التصويت..
في السوسيولوجيا الانتخابية
تتفوق النهضة على النداء في جل جهات البلاد باستثناء الشمال الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية) حيث يحقق النداء %43.2 مقابل %32.2 للنهضة وكذلك الشمال الغربي (باجة وجندوبة والكاف وسليانة) في حين يكون تفوق النهضة نسبيا في تونس الكبرى : %30.4 للنهضة مقابل %28.7 للنداء ولكن تفوق النهضة على النداء كاسح في كل ولايات الجنوب شرقيها وغربيها وهام أيضا في صفاقس وولايات الوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين)
صراع مفتوح في الرئاسية وتقدم للشاهد ولقائد السبسي
يبدو أن الانتخابات الرئاسية ستكون مفتوحة الى الأقصى وان تجاوز سقف %20 في الدور الأول يبدو صعب المنال للجميع ..
نؤكد مرة أخرى أن إجابة المستجوبين كانت تلقائية ودون تقديم أية اقتراحات وهذا هام لأنه يبين لنا ما هي الشخصيات التي يبدو لها نوع من المشروعية الرئاسية لدى الرأي العام. اللافت للنظر هنا هو تقدم يوسف الشاهد على الجميع بحصوله على %17.9 من نوايا التصويت ولكن تقدم الشاهد نسبي إذ يحصل صاحب المرتبة الثانية الباجي قائد السبسي على %15.4
على عكس التشريعية لا يقتصر التنافس بين الأول والثاني بل نرى أن الثالث (قيس سعيد بـ%14.8) والرابع (المنصف المرزوقي بـ%11.0) قادران على المنافسة الجدية وحتى على اقتلاع احد المقعدين المؤهلين للدور الثاني ..
النتيجة التي تحصل عليها الشاهد وقائد السبسي تضيء بصفة جديدة النتيجة التي تحصل عليها النداء في التشريعية إذ أحرز الحزب الفائز في 2014 على %29.8 من نوايا التصويت في التشريعية بينما تحصل الشاهد وقائد السبسي مجتمعين على %33.3 من الأصوات بما يفيد أن الذين يصوتون للنداء لا يميزون بين مختلف شقوقه إلا عندما يتعلق الأمر بالرئاسية إذ يحظى رئيس الحكومة بالأولية ولكننا لا ندري هل أن هذه الأولية ستتحول بدورها إلى أولية حزبه المنتظر في نوايا التصويت القادمة في التشريعية أم لا.
بعد هذا الرباعي الذي يتنافس بصفة جدية – إلى حد اليوم –للمرور إلى الدور الثاني هنالك ثلاثي تمكن من تجاوز عتبة %5 من نوايا التصويت وهم كل من مهدي جمعة بـ%6.3 والصافي سعيد بـ%5.3 وحمة الهمامي بـ%5.0 وهؤلاء وان كانوا بعيدين نسبيا عن كوكبة الطليعة الا ان تدني نتائج سابقيهم من الترتيب لا تغلق أمامهم نهائيا إمكانية التنافس الجدي خاصة وان الوضعية الحالية قد تسمح لمن يحصل على %15 من الأصوات بالمرور الى الدور الثاني ..
واللافت للنظر هنا أن زعيم الحزب الأول في نوايا التصويت للتشريعية راشد الغنوشي لا يحصل إلا على 1٫9 % من نوايا التصويت..
نحن الآن امام صورة أولية عن التوازنات السياسية الكبرى في مستهل هذه السنة السياسية ، والاكيد ان اقتراب المواعيد الانتخابية وتوضح مختلف العروض الانتخابية سيدخل تعديلات هامة على المشهد ، ولكن المعطيات الأولية تفيد ، رغم الظاهر الإعلامي ، بأن عناصر الثبات في المشهد التونسي اكبر بكثير من عناصر التحول فيه .
الجذاذة التقنية للدراسة
العينة : عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 742 تونسي تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية ، الوسط الحضري أو الريفي.
طريقة جمع البيانات : بالهاتــــــف
CATI (Computer Assisted Telephone Interviewing ,Call-Center)
نسبة الخطأ القصوى %3.7
تاريخ الدراسة : 29 نوفمبر 2018 إلى 6 ديسمبر 2018