ومناقشة مشروع ميزانية وزارة الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، وذلك في إطار مناقشة أبواب الميزانية لسنة 2019. وبالتزامن مع أشغال الجلسة العامة لم تتمكن لجنة النظام الدّاخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية من الحسم في تنقيح القانون الانتخابي في فصله المتعلق بمنع التجمعيين السابقين من التحصل على مناصب في مكاتب الاقتراع.
انطلقت الجلسة العامة باستكمال النقاش العام بخصوص مشروع ميزانية وزارة الشؤون الدينية لسنة 2019ّ، من خلال الاستماع إلى رد وزير الشؤون الدينية أحمد عظوم، الذي أكد على أنه تصعب مراقبة 250 ألف خطبة جمعة سنويا في 4500 مسجد، مشيرا إلى وجود منشور صدر في سنة 2014 يضع ضوابط للأئمة الخطباء وإلزامهم بإمضاء التزام بعدم السب أو التكفير. وأكّد الوزير أنّ الوزارة عقدت مؤخرا ندوة وطنية أصدرت على إثرها توصيات تتضمّن إصدار دليل مرجعي ينظم عمل الإمام الخطيب ويمنع ‹›التفريق وشق الصفوف وإثارة الخلافات والنعرات الجهوية وتجريح المؤسسات والهيئات وذكر الأشخاص وعدم الخوض في أعراض الناس مع الامتناع عن التجريح والتكفير، والتزام الحياد وتجنب توظيف المنبر لأغراض حزبية بالإضافة إلى تجنب الافتاء في المسائل الشائكة. وتمت المصادقة على ميزانية الوزارة بـ105 نعم 03 احتفاظ و11رفض.
تحسين الخدمات الجامعية
وعلى إثر ذلك، بلغت الجلسة العامة مشروع ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي البالغة 1645.884 م.د مقابل 1481.884 م.د سنة 2018، وقد سجلت نفقات التصرف ارتفاعا من 1336.694 م.د سنة 2018 إلى 1495.884 م.د سنة 2019، بنسبة تطور قدرت 11.9%، كما ارتفعت نفقات التنمية من 145.000 م.د إلى 150.000 م.د بنسبة تطور 3.4%، تمت المصادقة عليها بـ 83 نعم 4 احتفاظ و19 رفض.
وخلال النقاش العام، تمّ التداول بشأن سبل التعاون بين وزارة التعليم و وزارة التكوين المهني ووزارة إصلاح الإدارة لتحسين آفاق التعليم في تونس. و قد طرح بعض النواب موضوع الصعوبات التي يجابهها الطلبة فيما يخص ضعف المنح المقدمة من قبل الوزارة ورداءة الخدمات في المطاعم والمبيتات الجامعية وشبهات الفساد التي تحوم حول صفقات المقاولة المتعلقة بالأشغال والترميمات. و تساءل البعض الآخر عن مآل الوعود بإحداث مشاريع كليات طبّ بالجهات الأقل تنمية وعن أسباب النقص الفادح في المدرسين العاملين بها. كما تم التأكيد على أهمية تطوير البحث العلمي للنهوض بجودة التعليم و بقيمة الشهادات العلمية التي لا تنفك تتراجع في ترتيب التصنيفات الدوليّة وعلى ضرورة مراجعة تكوين الطلبة الذي يتسم بالنظرية و يفتقر الى الجانب التطبيقي ولا يتلاءم مع متطلبات سوق الشغل. وفي هذا الإطار، دعت النائبة عن كتلة حركة النهضة إلى إحداث الهيئة الوطنية للبحث العلمي تابعة لوزارة التعليم العالي لتفعيل البحث العلمي والنّهوض به، كما تساءلت عن جدوى اعتماد منظومة «أمد» الّتي لا تنفكّ تُساهم في تفاقم البطالة. فيما دعا النائب عن كتلة الائتلاف الوطني البشير بن عمر إلى تثمين الكفاءات الّتي تزاول تعليمها بالخارج من خلال تكوينهم ودعمهم من قِبل رجال الأعمال وتدعيم العلاقات مع الجامعات الأفريقيّة.
إصلاحات منتظرة
في المقابل، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي سليم خلبوص على أن الوزارة تمكنت في ظرف سنتين من الترفيع في الميزانية المرصودة للبحث العلمي بنسبة .51.5%، مع وجود مساعي من أجل مضاعفة هذه الاعتمادات، مذكرا بان الترتيب العالمي لمؤسسات التعليم العالي شهد تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة. وقدم الوزير أهم الإصلاحات القادمة، إذ ستشمل انفتاح الجامعة على محيطها الدولي، تحسين القدرة التشغيلية للطالب، جعل الطالب محور المنظومة الإصلاحية، الحوكمة و مكافحة الفساد والقيام بحملات تحسيسية موجهة للطلبة الذين سيكونون سفراء النزاهة، تفعيل الديمقراطية والشفافية في الجامعات، التعاون مع بلدان المغرب الكبير، المنح تقدم وفق معايير شفافة ودون محاباة، التنسيق مع الوزارات الأخرى لضمان جودة التكوين المستمر.
وضعية الديوانة واستخلاص الديون
وفي الجزء الثاني من أشغال الجلسة العامة، تمت مناقشة مشروع ميزانية وزارة المالية المقدرة بـ 814.429 م.د مقابل 735.767 م.د سنة 2018 أي بزيادة قدرها 78.662 م.د بنسبة ارتفاع 10.7%، موزعة على نفقات التصرف 704.329 م.د، نفقات التنمية 110.000 م.د، صناديق الخزينة 0.100 م.د، تمت المصادقة عليها بـ 114 نعم و3احتفاظ و15 رفض. التصويت على الباب 31 من ميزانية الدولة لسنة 2019 والمتعلق بالنفقات الطارئة وغير الموزعة بـ 114 نعم و3 احتفاظ و15 رفض، ثم الباب 32 من الميزانية والمتعلق بالدين العمومي بـ 114 نعم و3 احتفاظ و15 رفض.
النقاش العام بين نواب الشعب تطرق إلى وضعية الديوانة، حيث قالت النائبة عن كتلة نداء تونس أميرة الزوكاري أنه للأسف لاتزال الديوانة تابعة لوزارة المالية، مطالبة بإلحاقها بوزارة الداخلية التي لا تدخّر جهدا في الدفاع عن ضباطها وأعوانها. في المقابل، قال النائب عن الجبهة الشعبية مراد الحمايدي أن 90 %من وقت قابض المالية مخصص للتصرف اليومي، مطالبا بضرورة بعث هيكل مستقل يهتمّ بالاستخلاص، متسائلا في ذلك عن الآليات المتوفرة لاستخلاص الجباية على أحسن وجه.
وفي رده على تساؤلات النواب، قال وزير المالية رضا شلغوم أن الوزارة تعمل على إعادة توزيع العمل بعديد الإدارات الجهوية، موضحا أن الموارد الجبائية تطورت بنسبة 15.5% من جملة الموارد الذاتية، إلى جانب أن نسبة استخلاص الديون هذه السنة بلغت 8.5% وقد شهدت ارتفاعا مقارنة بالسنوات السابقة. كما أكد الوزير على أنه سيكون هناك فروع لبنك الجهات في كافة الولايات، مثمنا في نفس الوقت الدور الذي تقوم به الديوانة في مختلف مهامها.
وخلال الجلسة الليلية، ناقش نواب الشعب مشروع ميزانية وزارة الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، المقدرة بـ 783.294 م.د، مقابل 569.095 م.د سنة 2018 اي بارتفاع يناهز 37.6%، في انتظار استكمال النقاش العام والمصادقة عليها صباح اليوم.
أشغال اللجان
وعلى مستوى أشغال اللجان، عقدت لجنة التشريع العام جلسة خصصتها للمصادقة على تقريرها المتعلق بمشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال. و بعد تلاوة التقرير من قبل مقررة اللّجنة، تم إدخال بعض التنقيحات اقتصرت على إصلاح الهفوات البلاغية والنحويّة، حيث تمت المصادقة عليه بإجماع الحضور. في حين عقدت لجنة النظام الدّاخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية جلسة عمل لمواصلة مناقشة جدول أعمالها بخصوص النظر في مقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء.
وتمّ الاتفاق على أن يجتمع رؤساء الكتل لإيجاد حلّ لمسألة مواصلة المصادقة على تقرير اللجنة أم تنطلق في مناقشة مقترح القانون ومن ثمّ تستكمل المصادقة على تقريرها. وتجدر الإشارة إلى أن الخلاف يكمن في مقترح تعديل للفصل 121 من قانون الانتخابات والاستفتاء، أدى إلى رفع الجلسة بطلب من عدد من النواب، لاسيما منهم نواب كتلة الحرة لحركة مشروع تونس وكتلة الائتلاف الوطني، قصد التشاور مع بقية الأعضاء. وينص الفصل 121 من القانون الانتخابي على أنه «لا يمكن أن يكون من بين أعضاء أو رؤساء مكاتب الاقتراع كل من تحمل مسؤولية في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وفق مقتضيات الأمر عدد 1089 المؤرخ في 3 أوت 2011». في المقابل، تشبثت كتلة حركة نداء تونس بعدم إقصاء التجمعيين بعد مرور 8 سنوات من الثورة، خاصة وأن أغلب المناصب العليا قد تحصلوا عليها الآن على حد تعبير رئيس الكتلة سفيان طوبال.