أعادت كتلة الحرة لمشروع تونس ترتيب بيتها الداخلي وانتخاب رئيس لها بعد التحاق عبد الرؤوف الشريف بالفريق الحكومي. الرئيس الجديد لكتلة الحرة حسونة الناصفي في حوار لـ«المغرب» يوضح فيه حقيقة التحالفات الجديدة مع كتلتي الائتلاف الوطني وحركة النهضة، بالاضافة إلى موقف الكتلة من مشروع قانون المالية لسنة 2019.
• بعد تعيينك رئيسا للكتلة، ماهي خطتك لتطوير اداء نواب الحرة لمشروع تونس وإبراز دورها خصوصا بعدما تقلص عددها؟
كتلة الحرة لحركة مشروع تونس باتت اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه. فهي أصبحت أكثر انسجاما وأكثر من أي وقت مضى ثباتا في المواقف والمبادئ التي تكونت من أجلها. نحن اخترنا الطريق الصعب على مستوى الخطاب والالتزام والجدّية، فلم ننخرط يوما في مسار الشعبوية التي اختارها البعض ولم نكن يوما الكتلة المساندة المطلقة أو كتلة موالاة دون قيود، بل كنا نتعامل مع السياسات حالة بحالة إلى جانب مواقفنا الواضحة من القضايا السياسية والخيارات الوطنية ولم نتراجع عنها مهما تغيرت المواقع.
من ناحية أخرى النقص الذي سجله عدد أعضاء الكتلة كان لأسباب مختلفة فأحيانا اضطررنا لإقالة البعض وأحيانا أخرى نتيجة استقالات مرتبطة بمسائل خارجة عن الشأن البرلماني. وهذا ما أكدته الأحداث وتسلسلها في الفترة الأخيرة وهو نقص لم يؤثر إطلاقا على الأجواء بين من بقي في كتلة الحرة بل زادنا ثقة في النفس وإصرارا أكبر على النجاح. ونحن عاقدون العزم على لعب أدوار أساسية وهامة في ما تبقى من المدة النيابية سواء على المستوى التشريعي أو الرقابي، وكذلك الدور التمثيلي للنائب سواء على المستوى الجهوي أو الوطني. كما سنسعى لتقريب وجهات النظر أكثر ما يمكن من أجل التسريع بانتخاب أعضاء مختلف الهياكل والهيئات العالقة قصد استكمال ما تبقى من مؤسسات دستورية احتراما للمبادئ التي نؤمن بها وضمانا لنجاح المسار الديمقراطي في بلادنا.
• مشاركتكم في الحكومة والحديث عن توافق جديد بينكم وبين الائتلاف والنهضة، كيف تقيم ذلك؟
هو اتفاق بيّن وواضح هدفه الأساسي يتمثل في الخروج من الأزمة السياسية التي عاشتها تونس منذ ما يزيد عن 8 أشهر دون أن نتمكن من تفعيل الآليات الدستورية الممكنة سواء المحمولة على رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو النواب. ولم يكن أمامنا سوى خيار البحث عن حل رابع يحترم أحكام الدستور ويضمن التفاعل الإيجابي لأكبر عدد ممكن من الفاعلين السياسيين وكان هذا الخيار متضمنا لإمكانية مشاركتنا في التركيبة الحكومية ورغم صعوبة المرحلة ودقتها اخترنا أن نتحمل المسؤولية بكل ثقة في النفس رغم وعينا وقناعتنا أن الخيار قد يكلفنا غاليا من الناحية السياسية. و كان الحوار في مؤسسات الحزب و النقاش حول هذا الموضوع حاسما وبالطرق الديمقراطية واختار المكتب السياسي أن نكون شريكا في هذه الحكومة دون أن يؤدي ذلك إلى تعديل في مواقف الحزب أو التراجع عن ثوابتنا أو مواقفنا. ونحن نعي جيدا الفرق بين الشراكة في الحكم والتحالف السياسي ونعي أيضا أن التضامن الحكومي لا يمكن أن ينهي التنافس السياسي بين مكونات نفس الفريق الحكومي.
فنحن لم ننخرط في توافق دون مضمون أو أبرمنا اتفاقا غير معلن، ولم نتحالف مع أي كان، فالشراكة في الحكم ستكون بناء على برنامج عمل قابل للتنفيذ في مدة محدودة وحول مسائل مرتبطة بالإصلاحات المعلنة والمعطّلة سواء في علاقة بالتحكّم في الأسعار أو ضمان الحدّ الأدنى من الخدمات والمرافق الضرورية مع الحرص على حسن تطبيق القانون وبالنجاعة المطلوبة في كنف العدل والمساواة بين الجميع، حيث لا أحد ينكر اليوم الضعف الملحوظ في عدم قدرة الدولة على تنفيذ القوانين مما أضرّ بصورتها وساهم بشكل مباشر في استشراء الفساد داخلها.
• موقفكم من مشروع قانون المالية؟
قانون المالية 2019 أتى مخالفا للقوانين السابقة في السنوات الأخيرة حيث غابت فيه روح الإصلاحات الجريئة رغم حاجة الدولة لذلك. لم نر فيه أيضا أحكاما قادرة على الحدّ من الاقتصاد غير المنظم أو أحكاما قادرة على ضمان ديمومة التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية. ونلاحظ كالعادة رفض مجموعة من القطاعات الحساسة لبعض الأحكام الجديدة، وهناك من يطالب بالتراجع عن خيارات سابقة لم تؤت أكلها. لا يجب أن ننسى أن السنوات القريبة الماضية أتت بما يزيد عن 800 إجراء جبائي جديد لم يدخل أغلبها حيز التنفيذ في حين فشل البعض الآخر منها في تحقيق الهدف المنشود منها نظرا لعدم استقرار الرؤية الوطنية للمالية العمومية من ناحية، والانخراط اللاواعي للحكومات المتعاقبة في الحلول الترقيعية عديمة الجدوى.سنحاول مع بعض الكتل إدخال تعديلات على هذا القانون بما تقتضيه المصلحة الجماعية بعيدا عن المنطق الشعبوي والمزايدات الفارغة.
• كيف يمكن حل الازمة الاقتصادية والاجتماعية في علاقة بالاضراب العام؟
لا أحد منّا كان يتمنى أن نصل إلى إضراب عام في قطاع هام ومفصلي كالوظيفة العمومية. ورغم إيماننا بهذا الحق وبمشروعية المطالب أمام تدهور القدرة الشرائية للموظف العمومي ومعاناته اليومية على أكثر من مستوى، فإنّ الحل لا يكمن إلا في حسن التفاوض وبمنطق الحوار المسؤول. و مثلما كان للحكومة التزامات تجاه المؤسسات الدولية المالية المانحة مثلما لها أيضا التزامات لا تقل أهمية تجاه الأطراف الاجتماعية الوطنية وهي مطالبة بحسن إدارة الحوار والتفاوض ولا يمكن لدولة مثل تونس انخرطت في مسار الحوار الاجتماعي منذ 40 سنة تقريبا أن تحيد عنه اليوم لأي سبب من الأسباب. المسؤولية أعتقد أنها مسؤولية مشتركة بين جميع الفاعلين في الساحة الوطنية وعلينا العمل من أجل حلحلة الوضع والأزمة لا تعميقها وهو للأسف ما نحن بصدده من خلال بعض الممارسات والمزايدات المقرفة لبعض الأحزاب والقيادات التي لا همّ لها اليوم سوى رفع شعارات كانت بالأمس القريب تتبنى عكسها. وأنا على يقين أن الحلّ ممكن لو تشبّع الجميع بدرجة عالية من الوطنية ونكران الذات، وهذا ما لاحظناه في الحقيقة من خلال الخطاب الذي سمعناه من طرف الأمين العام للاتحاد عند لقائنا به هو خطاب مسؤول يمكننا أن نبني عليه لنجنّب بلادنا الدخول في نفق مجهول المنفذ والعواقب.
• هل هناك إمكانية لاندماجكم سواء مع كتلة الائتلاف الوطني أو الحزب الذي قد يؤسسه رئيس الحكومة يوسف الشاهد؟
حركة مشروع تونس مازالت مؤمنة بأن تجميع العائلة الوسطية هو الضامن الوحيد للقطع مع ضبابية المشهد السياسي وانخرامه ومثلما قمنا بمحاولات عديدة في هذا الإطار فإننا مستعدّون للعمل من أجل تحقيق هذا الهدف مع المؤمنين بهذا المشروع سواء كانوا أحزابا أو أشخاصا أو تيارات. وتبقى كل الفرضيات ممكنة والأبواب مفتوحة أمام كل الاتجاهات. نحن صادقون في هذا التمشي ونتمنى أن نلقى نفس الدرجة من الصدق في التعامل من قبل الآخرين.