أشكال مختلفة عن التصريح المباشر، فالرجل الأول في الحكومة وهو يشدد على أن حكومته متعهدة بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في آجالها الدستورية غازل كل الحرس القديم ووعدهم بان تونس اليوم لن يقصى فيها احد.
أمام مئات من الفاعلين السياسيين الجدد في المشهد التونسي، تكلم يوسف الشاهد رئيس الحكومة عن اللامركزية وعن آفاق العمل البلدي ولكن بالأساس وجه رسائله أولها ان الاستحقاقات الانتخابية ستنعقد في موعدها الدستوري، فحكومته وهو شخصيا حريصان على هذا مثل حرصهم السابق على عقد الانتخابات البلدية رغم «معارضة بعض الأطراف».
الشاهد وهو يتعهد بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها لم يفته ان يعرج على مسألة «الإقصاء» وعن التزامه بالدفاع عن كل طرف في العمل السياسي طالما امن بالدستور والديمقراطية، فتونس تحتاج كل أبنائها وفق الشاهد الذي التزم بان لا يقع اقصاء أي طرف من العمل السياسي أو التعبير عن آرائه.
الالتزامان بإجراء الانتخابات في آجالها وبعدم اقصاء أي طرف، ليس مجرد ملأ ثواني في الخطاب او لغط، هما رسالتان أساسيتان اراد الشاهد ان تبلغ اصحابها، فالشاهد وان كان يبحث عن طمأنة الجميع بان الانتخابات في موعدها فانه يريد طمأنة انصار مشروعه السياسي والمترددين في الالتحاق به بان مخاوفهم من تعثر مشروعه ان وقع تأجيل الانتخابات.
مخاوف يريد الشاهد ان ينفيها كما أراد ان يغازل جزء من الحرس القديم، الدستوريين/ التجمعيين ، بتشديده على انه لن يقع إقصاء أي طرف كان ناشط قبل الثورة او بعدها طالما هو ملتزم باحترام الدستور الجديد.
كلمات الشاهد جاءت بعد ان سبق وصرح مصطفي بن احمد رئيس كتلة «الائتلاف الوطني» بأن المشهد السياسي التونسي في طور إعادة التشكل نتيجة أزمة الأحزاب الوسطية وايضا لإعداد للانتخابات 2019.
وإعادة التشكيل التي يشير إليها بن أحمد لا يستبعد منها تكوين حزب سياسي جديد تكون فيه الكتلة حجر أساس او احد أحجارها، لكن حاليا الكتلة تحافظ على وضعها لكن مع ترك الباب مفتوحا لإمكانية تحويلها إلى تشكيل سياسي. إمكانية يشير إليها بن احمد ليختزل بها «جملة السيناريوهات» المتعلقة بالمشروع السياسي للشاهد كما بات يختزل اصطلاحا.
فالمجموعة التي تحيط برئيس الحكومة وترافقه في مسعى تشكيل كيان سياسي تقف أمام احتمالات جمة، فتغير معطى في المعادلة يغير نتيجتها برمتها، والمتغيرات التي يواجهها المشروع لا تحصى. أولها الكتلة البرلمانية التي يبدو أنها غير متوافقة على شكل علاقتها بالمشروع السياسي الجديد. وهذا مرده طبيعة كتلة الائتلاف الوطني التي تضم مستقلين ونواب عن الاتحاد الوطني الحر وآخرين عن النداء.
طبيعة الكتلة تجعل من العسير اليوم اخذ موقف نهائي من المشروع السياسي ما لم تحدد طبيعة هذا المشروع، هل هو حزب أم حركة أو جبهة، فتحديد طبيعة المشروع وشكله هما ما سيحدد كيف سيتعاطى معه نواب الاتحاد الوطني الحر أو نواب نداء تونس. إذ يبدو وفق المشاورات الراهنة أن نواب الوطني الحر ومن خلفهم حزبهم ليسوا متحمسين للذوبان في المشروع الجديد، ولكن هم منفتحون على «جبهة» أو كيان سياسي جامع مع ترك المجال لوجود أحزاب صلبه. هذا لن يضمن التحاق الوطني الحر بل قد يغري حركة مشروع تونس لالتحاق. لكن إن وقع اخذ قرار على أن يكون المشروع في شكل حزب فقد يعسر هذا من الأمر.
هذا الفرضيات قد تفرض على الشاهد وجماعته تجنب حسم الأمر قبل الانتخابات التي قد يتوجهون إليها في إطار حركة سياسية أشبه بجبهة منها للحزب على أن يحسم أمر شكلها وطبيعتها بعد الانتخابات فالأمر قد يكون أيسر، خاصة وان خوض الانتخابات قد يمكن من عملية فرز أولية تنتج عن «صراع» التموقع في عملية اختيار القائمات التي ستخاض بها الانتخابات .
الاحتمالات الأخرى التي تعترض طريق الشاهد ومجموعته هي متى يعلن عن هذا الكيان مهما كان شكله، ومن هي الجهة المعلنة عن هذا، هل ستكون الكتلة البرلمانية أم من خارجها، أم بخلط من الاثنين. وهذا لا يحسم بجرة قلم أو بقرار سريع فأي قرار غير مدروس قد يكلف الكثير، من ذلك أن الكتلة البرلمانية التي تدعم الشاهد وحكومته لن تقبل بان تكون مجرد «عجلة احتياط» أو ظرفية لتجاوز السنة ويقع التخلى عنها مع بروز المشروع للعلن، لكن في المقابل لن يكون من الممكن حصر الأمر بيد الكتلة فهذا قد يفقد الشاهد دعم من هم خارج البرلمان وهؤلاء يراهن عليهم الشاهد.
جملة الإشكاليات التي يبحث الشاهد وأنصاره عن إيجاد اسلم الحلول لها تتعدد لتشمل موعد الإعلان عن المشروع السياسي؟ والأخر هل يعلن عنه الشاهد رئيس الحكومة ام يقع انتظار مغادرته، أسئلة لم يحسم حلها بعد نظرا لان كل خيار له ثمنه.
في المقابل هناك مسائل حلت منها علاقة هذا الكيان بنداء تونس، التي سيبحث الكيان الجديد عن «استيعابها» في اطر جديدة بعد عملية فرز، دون ان يعلن عن صدام مباشر معه، الى غاية الانتخابات التي سيتنافس فيها الطرفان على ذات القاعدة الانتخابية.