خاص: الباروميتر السياسي لشهر أوت 2018 استقرار التشاؤم في مستوى مرتفع للغاية 87 ٪ من التونسيين يرون أن البلاد تسير في الطريق الخطأ!

قراءة وتحليل زياد كريشان
الجديد في الباروميتر السياسي لأوت 2018 الذي تنجزه شهريا مؤسسة سيغما كونساي بالتعاون

مع جريدة «المغرب» هو بقاء التشاؤم في مستوى مرتفع للغاية (%87) من التونسيين يرون أن البلاد تسير في الطريق الخطأ والتراجع اللافت في الرضا عن أداء رئيس الجمهورية الذي يفقد حوالي 7 نقاط كاملة في شهر واحد مقابل التحسن الطفيف في الرضا عن أداء رئيس الحكومة (%2.5 +) كما تراجعت نسبة الثقة الكبيرة في جل السياسيين ومواصلة تصدر النائبة سامية عبو لهذا المؤشر متبوعة بعبد الفتاح مورو والصافي سعيد ويوسف الشاهد وناجي جلول .

يواصل منسوب التشاؤم عند التونسيين في ارتفاعه غير المسبوق إذ يرى %87 من المستجوبين أن البلاد تسير في الطريق الخطأ وهي ارفع نسبة على الإطلاق منذ بداية قيسنا لها في جانفي 2015.
وكما لاحظنا ذلك في المرة السابقة فإن منسوب التشاؤم مرتفع في كل الفئات والجهات والطبقات والمستويات التعليمية والفروق في الأغلب الأعم بسيطة وثانوية ..

فعلى المستوى الجهوي تتراوح نسبة التشاؤم ما بين %84.5 بالجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين ) و %90.6 بالشمال الغربي (باجة وجندوبة والكاف وسليانة ) والفروق كذلك صغيرة للغاية بين النساء (%88.5) والرجال (%85.4) وبين مختلف الفئات الاجتماعية إذ تكون الأدنى عند الطبقة المرفهة بـ%84.9 والأقصى عند الطبقة الوسطى العليا بـ%88.2.

لعل الجديد الوحيد اللافت للنظر هو تصدر فئتي الكهول (من 36 إلى 40 سنة ومن 41 إلى 50 سنة ) لمنسوب التشاؤم بـ%91.9 للأولى و%90 للثانية بينما كانت في العادة فئات الشباب هي الأكثر تشاؤما وتنزل هذه النسب ، إلى حد ما ، عند فئة 51-59 سنة (%81) وما فوق ستين سنة بـ%81.2.
وكالعادة يكون الأميون أقل تشاؤما من ذوي مستوى التعليم العالي (%78.6 مقابل %89.8).

في المحصلة لقد بلغ التشاؤم مداه عند كل فئات وجهات وأصناف المجتمع التونسي بما يؤشر على تفاقم أزمة الثقة في البلاد وخوف الجميع مما قد يخفيه المستقبل القريب للبلاد والعباد .

الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية


من النتائج شبه الأوتوماتيكية لارتفاع التشاؤم تراجع الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية ولكن رئيس الجمهورية هو الأكثر تضررا إذ فقد حوالي 7 نقاط ليكون مجموع الرضا عن أدائه ( الرضا التام مع الرضا النسبي ) في حدود %30.4 وهي اضعف نسبة يسجلها الرضا عن أداء رئيس الدولة منذ توليه الرئاسة .وتفيدنا هيكلة نسب الرضا عن عدمه عن أداء رئيس الجمهورية وجود هوة هامة بينه وبين نصف المواطنين على الأقل إذ نجد أن %51.5 من التونسيين ليسوا راضين تماما عن أداء رئيس الدولة بينما لا يحظى صاحب قرطاج بالرضا التام إلا عند %8.1 ممن التونسيين .
وضعية رئيس الحكومة أفضل حالا نسبيا إذ يصل مجموع الرضا على أداء يوسف الشاهد إلى %59 وقد تحسن هذا المجموع بنقطتين ونصف خلال الشهر الفارط ، ولكن لو احتسبنا الرضا عن صاحب القصبة خلال هذه السنة ونصف الأخيرة لوجدنا انه نزل تحت سقف %60 في ثلاث مناسبات فقط، ومقارنة بالسنة الفارطة فقد خسر يوسف الشاهد أكثر من عشرين نقطة ثم إن نسبة عدم الرضا قد طغت على الرضا التام (%26.6 مقابل %17.1) بما يعني أنّ النسبة الايجابية لهذا الرضا هشة وان عنصر الانخراط الكلي للمواطنين متواضع إلى حد كبير ..
في الأغلب الأعم يتناغم تطور الرضا عن أداء رأسي السلطة التنفيذية صعودا ونزولا حيث ارتفع الرضا على رئيس الحكومة مقابل تراجعه عند رئيس الدولة إلا في هذه المرة .

الثقة في الشخصيات السياسية : صراع الطليعة يحتد


نذكر مرة أخرى بأن قائمة الشخصيات السياسية المعروضة على المستجوبين إنما يتم إعدادها بناء على دراسة دورية (كل ثلاثة أشهر معيارها هو الشخصيات السياسية المعروفة لدى التونسيين . في شهر أوت 2018 شخصية وحيدة دخلت هذه القائمة أو بالأحرى عادت إليها من جديد وهي النائبة ورئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة الأستاذة بشرى بلحاج حميدة .

عند ننظر إلى مؤشر الثقة الكبيرة في السياسيين نلاحظ أن غالبيتهم الساحقة قد شهدت تراجعا في عدد نقاطها باستثناء 6 فقط من أصل 34 وأن اكبر التراجعات كانت تهم الباجي قائد السبسي (5.3-) وسامية عبو (5-) وناجي جلول (3.8-) وسمير الطيب (3.5-).
ولكن رغم هذا التراجع الهام للنائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو إلا أنها بقيت في صدارة هذا الترتيب بـ%30 من الثقة الكبيرة متبوعة بنائب رئيس مجلس النواب ، النهضوي عبد الفتاح مورو بـ%27 ثم الكاتب الصافي سعيد بـ%25 فالندائيين يوسف الشاهد والناجي جلول بـ%23 وحده محمد عبو صاحب المرتبة السادسة يتمكن من تجاوز عتبة %20 بـ%20 من الثقة الكبيرة بينما يقبع نصف سياسيي هذه القائمة تحت سقف %10 من الثقة الكبيرة (17 من أصل 35).


لو ننتقل إلى مؤشر الثقة الإجمالي (أي الثقة الكبيرة زائد الثقة النسبية نجد أن الأربعة الأوائل يتواجدون في نقطة وحيدة : يوسف الشاهد وعبد الفتاح مورو بـ%58 وسامية عبو والصافي سعيد بـ%57 فيما لا يحصل ناجي جلول إلا على %52.
لاشك أن هذا التنافس الكبير بين خماسي الطليعة ستكون له بعض الانعكاسات السياسية الهامة لاسيما ونحن في مقتبل سنة سياسية طويلة وشاقة تنتهي بالانتخابات العامة في خريف 2019.

خماسي المؤخرة : التحاق سمير الطيب بالكوكبة
لا جديد يذكر في خماسي مؤخرة الترتيب سوى التحاق وزير الفلاحة سمير الطيب بالركب إذ يتقاسم المرتبة الأخيرة مع برهان بسيس وحافظ قائد السبسي بـ%4 من الثقة الكبيرة ويتقدمهم الثنائي المهدي بن غربية وعماد الحمامي بـ%5 .
ولو نظرنا في مجموع الثقة (الثقة الكبيرة زائد الثقة النسبية ) لوجدنا حافظ قائد السبسي وحيدا في المؤخرة بـ%13 بعيدا بخمس نقاط عن صاحب المرتبة قبل الأخيرة عماد الحمامي .

المستقبل السياسي للشخصيات السياسية
في مؤشر المستقبل السياسي للشخصيات العامة نجد هذه المرة تقدما واضحا لسامية عبو بـ%33 يليها الصافي سعيد بـ%29 فيوسف الشاهد وعبد الفتاح مورو بـ%27 ، ثم ناجي جلول بـ%25 أي نفس خماسي مؤشر الثقة الكبيرة مع تغييرات طفيفة في الترتيب .
واللافت هنا هو تصدر شخصيتين تحسبان عادة لا على المعارضة فقط بل على معارضة عميقة لمنظومة الحكم فيما يعرف بالمعادين للنظام (les aNti système) وتصدر هاتين الشخصيتين المختلفتين في طبيعة معارضتهما للنظام (الأولى ضد النظام كمنظومة فساد والثانية ضد النظام كنتيجة لمؤامرات ودسائس دولية ) يدل بدوره على أزمة السياسي في بلادنا وأننا لم ننتج بعد ما يسمى برجال الدولة أي سياسيي النظام الجالبين للاحترام والثقة وان جزءا هاما من الراي العام يثق في المعادين للنظام أكثر من ثقتهم في رموز هذا النظام .

ويتواصل التنافس بين جلول والشاهد عند الندائيين
في وقت من الأوقات كان ناجي جلول دون منافس جدي في النداء ثم خلفه يوسف الشاهد في هذا الموقع واليوم منذ أشهر قليلة يتنافس الرجلان
على الريادة داخل القاعدة الندائية وقد استفاد جلول من التراجع الكبير للشاهد خلال هذه الأشهر الأخيرة ليتفوق عليه ولكن الفارق بين الرجلين تراجع هذه المرة فجلول يحظى بثقة كبيرة لدى %35 من القاعدة الندائية مقابل %33
للشاهد ، والأكيد أن التنافس بينهما سيستمر وسيكون احد رهاناته الخلافة الزعاماتية للباجي قائد السبسي لدى القاعدة الندائية أولا كممهد طبيعي للحلم بما هو اكبر من ذلك ..أما لدى القاعدة النهضوية فما زالت الصدارة لعبد الفتاح مورو ومازال حمادي الجبالي رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام الأسبق للحركة الإسلامية يحظى بمنسوب مرتفع من الثقة ..هل ستكون كافية لخوض غمار حملة رئاسية كما يحلم بذلك حمادي الجبالي ؟ الأشهر القادمة ستعطينا إجابة أولية عن هذا السؤال .

في عدد قادم
نظرة التونسي وتقييمه للأوضاع
ثقة التونسي في المؤسسات والهياكل السياسية والإدارية
أهم نجاحات وإخفاقات الحكومة
أولويات التونسي المنتظرة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115